هكذا يشاهد أطفال لبنان "داعش"... هكذا يرسمونه

11 يوليو 2015
بابا نويل على هيئة رجل داعشي (العربي الجديد)
+ الخط -
تعجب والد سارة من رسوماتها مؤخراً. ابنة الـ8 سنوات رسمت على الآيباد بابا نويل بلحية سوداء ومن دون شارب. سأل الأب ابنته عن السبب، فأجابت بعفوية الأطفال: "في 2 بابا نويل، واحد منيح وواحد داعش". لم يعرف عدنان (41 عاماً) ماذا يجب أن يفعل حينها، وأيقن أن طفلته لمحت لقطة من الإعدامات التي ينفذها داعش على إحدى الفضائيات.

دخل "داعش" عالم الأطفال في لبنان من خلال الشاشات. لم يشهد البلد الصغير المتوسطي ما عرفته مناطق كثيرة في العراق وسورية وليبيا، لكن "دولة الخلافة" أصبحت داخل البيوت اللبنانية. تنتشر فيديوهات داعش عبر الهواتف وأجهزة الحاسوب بكثافة. كثيرون يفضلون عدم مشاهدة الفظائع التي تُرتكب، لكن الفضول يبقى الأقوى عند الأغلبية. قلة قليلة لم تشاهد إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة أو إعدام الأقباط المصريين في ليبيا.

للوهلة الأولى يبدو أن الإعلام متواطئ بطريقة ما مع داعش، لكن التواطؤ الحقيقي هو من رافضيها قبل أي فئة أخرى. تحتل صور داعش صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة تحت عنوان "الإجرام". كأن عنوان المشهد يفي بغرض عدم الترويج للدولة المزعومة. وبالتالي، هذا الانتشار وصل إلى العديد من الأطفال.

يقول كريم ابن الـ10 سنوات إنّ "داعش هني وحوش بشكل بشر، بدهن يجوا علبنان، بس الجيش والمقاومة عم بحاربوهن بسورية". تسأل كريم عمّن أخبره بذلك فيقول: "أبناء عمي الصغار أروني مشاهد لداعش، وقالوا إن أخاهم محمد خرج لمقاتلة هؤلاء الشريرين". كريم استبدل رسومات الديناصورات المتوحشة التي كان يرسمها برسومات لأشخاص تدلت لحاهم. والأخطر أن كريم بات يظن أن كل سوري هو داعش. يُترك كريم على سجيته، لم يسأله والداه عن تلك الفكرة التي تمكنت من عقله، بل أكثر من ذلك. يكتفون بالضحك فرحين بقدرته على "الاستنتاج".

سارة صاحبة الرسمة الأولى أكدت لنا أنها رأتهم في نشرة الأخبار. تسألها ماذا يفعلون، فتجيب بسرعة: "بيدبحوا". تقولها، وتشير بحركة "الذبح" بيدها على رقبتها. يقاطعها زميلها بيار: "بيحرقوا وحياة الله". الأخير لم يشاهد عملية إحراق الكساسبة، لكنه سمع والدته تحكي لجاراتها عن فظاعة الصور.

الاختصاصية في مجال الحماية والدعم النفسي علا عطايا ترى أن الأهل بدورهم مُربكون، مشبّهة فيديوهات داعش بألعاب الفيديو العنيفة. الإعلام ساعد بشكل كبير عبر مقدمات النشرات الإخبارية ودعايات البرامج التي تقدم أخبار داعش. عطايا أكدت صعوبة دور الأهل لا سيما أن أطفال اليوم متأقلمون تماماً مع العالم التكنولوجي أو عصر الصورة وسهولة وصول المعلومة.

شئنا أم أبينا فإن داعش نجح في جر المجتمع اللبناني إليه. أضحت داعش حديث المقاهي والإعلام وصورتها تترسخ يوماً بعد يوم في المجتمع العربي الأكثر تحرراً. ربما يلخص ابن الـ5 سنوات المشهد كله حينما سألناه من هو داعش؟، جاد اقترب من جهاز الحاسوب النقال: "لاب توب" وأشار إلى الجهاز نفسه.


اقرأ أيضاً: للمرة الأولى.. فيلم داعشي بنهاية سعيدة وملونة