عرسال وقد اكتشفها الإعلام اللبناني

10 نوفمبر 2015
عرسال (Getty)
+ الخط -
كثير من اللبنانيين لم يعرفوا عن عرسال إلا اسمها، وحتى أن البعض منهم لم يكن قد سمع بها قبل عام 2011. في تلك السنة وتحديدا في 20 ديسمبر/كانون الأول خرج وزير الدفاع آنذاك فايز غصن ليعلن عن عمليات تحصل على بعض المعابر غير الشرعية لا سيما في عرسال بحيث يتم تهريب أسلحة ودخول بعض "العناصر الإرهابية" التابعة لتنظيم "القاعدة" تحت ستار أنهم من المعارضة السورية.

من يومها أصبحت عرسال عنواناً أساسياً ومادة رئيسية في وسائل الإعلام اللبناني. تقارير مرئية ومكتوبة عن البلدة البقاعية التي تشبه الجزيرة بموقعها الجغرافي، طريقها الوحيد الى باقي أجزاء الوطن يمر عبر بلدة اللبوة حيث الغالبية مؤيدة لحزب الله.

عرفت عرسال بتأييدها للثورة السورية وباستقبال لاجئين سوريين في بيوت أبنائها. إلا أن تركيز اغلبية وسائل الإعلام كان على وجود إسلاميين متطرفين وعناصر تابعة لجبهة النصرة وداعش في قلب البلدة. "دولة عرسال كانت مرة جديدة عصية على الجمهورية وجيشها، المطلوبون فيها كمنوا لدورية عسكرية كانت تلاحق المدعو خالد حميد عند أطراف البلدة فدارت اشتباكات أسفرت بحسب البيان الرسمي للجيش عن استشهاد نقيب ورتيب وجرح عدد من العسكريين. والتمرد لم يتوقف هنا بل استكمل فصوله مع رفض أبناء البلدة تسليم مطلقي النار". هذا مقتطف من مقدمة تلفزيون الجديد تعليقا على ما شهدته بلدة عرسال من اشتباكات بين وحدة من القوة الضاربة في الجيش وعدد من المسلحين في عرسال، ما أدى إلى استشهاد ضابط برتبة نقيب ورتيب وجرح عدد من العسكريين بتاريخ 1 شباط/فبراير 2013.

مقاربة لم تختلف كثيرا عن مقاربة تلفزيون otv الذي قفز مباشرة إلى التحليلات والأقاويل عن التعرض للجثامين: "وإذا صح ما قيل عن التعرض لجثامين الشهيدين النقيب بشعلاني والرقيب زهرمان فإن ما حصل يعيدنا بالذاكرة إلى سير الضنية والعقيد الشهيد ميلاد النداف ورفاقه والكمائن التي سبقت اندلاع معارك نهر البارد وذبح العسكريين في مواقعهم بدناءة وغدر. مهمة توقيف مطلوب في عرسال من قبل مخابرات الجيش تحولت توقيفا للدولة على أبواب المدينة المحرمة والمنطقة المحظورة ممنوع دخول الشرعية".

هكذا وبكلمات قليلة تحولت عرسال إلى دولة ومدينة محرمة، وأبناؤها لا يقتلون عناصر من الجيش اللبناني فقط بل ينكلون بجثثهم. وبعد اعتداء جبهة النصرة وداعش على عناصر الجيش اللبناني واختطاف عدد منهم في 2 آب/أغسطس 2014 أصبحت عرسال خبرا أساسيا في عناوين الأخبار والنشرات، لكن التركيز كان على صورة سوداء متطرفة لا تشبه حقيقة البلدة ولا أبناءها الذين وقفوا في ذلك اليوم إلى جانب القوى الأمنية وعملوا على حماية مركز قوى الأمن وتحرير الضباط والعناصر بعد احتجازهم، وقد استشهد خلال المواجهات أحد أبناء عرسال كمال عزالدين وأصيب جمال نوح بجروح خطرة، فلم تأتِ مقدمات أخبار تلفزيونات الممانعة على ذكرهم.

صُنفت عرسال كبلدة خارجة على الدولة والقانون، بل أكثر من ذلك، فبحسب افتتاحية صحيفة السفير بتاريخ 11-5-2015 فإن عرسال "ملجأ" المسلحين بعد تراجعهم في القلمون. إذا وكما تقول الصحيفة، فإن عرسال بكاملها دون أي استثناء هي ملجأ للمسلحين. الصورة التي رُسمت منذ أن أعلنت عرسال تأييدها للثورة السورية لم تتغير بل أصبحت أكثر رسوخا في أذهان الناس بسبب التركيز الإعلامي عليها. أما صورة أهالي البلدة يستقبلون عناصر الجيش اللبناني بالأرزّ والورود أو إقفال المدارس وتنظيم تظاهرات دعماً للجيش وتأكيد أن عرسال مع الدولة ومؤسساتها فتغيب عن وسائل إعلام "الممانعة" التي تريد صورة واحدة ترسمها كما تريد وكما يتناسب مع سياستها، أمّا أهالي عرسال فلهم أصواتهم... إن وصلت.


اقرأ أيضاً: تفجيرات عرسال... رسائل أمنيّة متعددة الاتجاهات
المساهمون