أمنستي: الحكم بسجن صحافيي الجزيرة في مصر "يوم أسود"

23 يونيو 2014
عبدالله الشامي.. من الاعتقال إلى التضامن (Getty)
+ الخط -


حذر عدد من الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في العالم، من أن سجن ثلاثة مراسلين لقناة الجزيرة الإنجليزية من قبل النظام في القاهرة، سيؤدي إلى تخويف الآخرين من كتابة التقارير بحريّة حول الأحداث في مصر.

ولقد وصفت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الأحكام الصادرة بحق الصحافيين في الجزيرة الإنجليزية، بأنها "يوم أسود للحريات الصحافية". وأطلقت أشهر المؤسسات الإعلامية والنقابية في بريطانيا انتقادات لاذعة ضدها. 

وكانت الأحكام الصادرة بحق الصحافيين العشرين، الشغل الشاغل للعالم ووسائل إعلامه. وحث "اتحاد الصحافيين البريطانيين" الحكومة البريطانية على القيام بكل ما هو ممكن لتغيير الأحكام التي وصفها بأنها "عدالة زائفة"، وشبّه المحكمة التي أصدرته بأنها "محكمة الكنغر". وأضاف البيان "هذا نظام وحشي، هاجم واعتقل العديد من الصحافيين في محاولة لإسكاتهم ومنعهم من كتابة التقارير عن الأحداث".

ونشرت مجموعة من المراسلين الأجانب في مصر، ونحو 48 قناة إخبارية عالمية، خطابا كان قد أرسل منذ السبت الماضي، إلى رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، يطالبه بالإفراج عن صحافيي قناة الجزيرة الإنجليزية المحبوسين في قضية الماريوت. قالت فيه: "هم صحافيون على مستوى عالٍ من المهنية، وقد برز كلٌ منهم في عدد من وسائل الإعلام العالمية؛ حيث عمل محمد فهمي في قناة "سي إن إن"، وبيتر جريستي في مؤسسة "بي بي سي" وباهر محمد في جريدة "أساهي شيمبون"، وهي واحدة من أهم الصحف اليابانية وأوسعها انتشارًا لمدة أربع سنوات، انتهت في ابريل/نيسان 2013. ولم يتورط أيٌ من الثلاثة في أعمال عنف، ولم يحدث أن انتمى أي منهم أو تعاطف مع مجموعات متهمة باستخدام العنف. ولم ينضموا أبدًا إلى أي حركة سياسية".

وحمل الخطاب توقيع 77 مراسلا دوليا و48 قناة عالمية ودولية، من ضمنه قناة "سي إن إن"، و"بي بي سي" الإنجليزية والعربية، و"سي بي إس"، و"إن بي سي نيوز"، و"سكاي نيوز"، والتلفزيون السويدي، و"سي بي سي" الكندية، و"فرنسا 24". وجاء في الخطاب أن "معاقبة الصحافيين الثلاثة له ضرره الكبير على حرية التعبير وحرية الإعلام، وهي قيم يحتفي بها دستور مصر الجديد، كما يحتفي بها العالم كله".

صحف بريطانية: أحكام بدوافع سياسية

صحيفة "ديلي تلجراف" ومن خلال مراسليها اللذين حضرا المحاكمة قالت إن "القاضي محمد ناجي رفع النظارة الشمسية ذات العلامة التجارية عن عينيه، بينما كان يتمتم بالحكم عبر الميكروفون". وتابعت قائلة: "أعقب صدور الحكم لحظة صمت بسبب الذهول، ثم توجهت عائلات المتهمين عبر القاعة إلى قفص المتهمين، ولكن تمّ جرها مرة أخرى من قبل الشرطة".

ووصفت أجواء ما بعد المحاكمة بالقول: "غادر الصحفيون وزملاؤهم المتهمون قفص الاتهام، فرفع جريستي قبضته بطريقة ترمز للتحدي، بينما تشبث فهمي بالقفص، وفي نهاية المطاف تم جرّه بعيدا من قبل الشرطة وهو يصيح: "سوف يدفعون ثمن ذلك".

صحيفة "إندبندنت" البريطانية، قالت إن المحكمة المصرية تواجه الآن اتهامات بحقها "بأن أحكامها تمت بدوافع سياسية". وقالت إنه بعد وصول المتهمين الثلاثة إلى المحكمة واثقين من براءتهم، غادروها مع حكم وصف من قبل أسرهم، بأنه "مدمر".

أما صحيفة "ذي جارديان" نقلت تعليقا عن المدير التنفيذي للجنة المصرية للحقوق والحريات محمد لطفي، جاء فيه أن هذا الحكم يخيف كل قوى المعارضة، وأنه يتمّ سجن الصحافيين، لأنهم يقومون بعملهم المعتاد. وقال إن القضاء مسيّس، ويتم استخدامه في قمع المعارضة".

ونقلت  الصحيفة عن جيريمي بوين، محرر الشرق الأوسط في "بي بي سي"، قوله إن "الأحكام ضربة لحرية التعبير والرأي. وأنها مصممة على ترهيب الصحافيين الآخرين".

ونشرت مراسلة "سكاي نيوز" في الشرق الأوسط شيرين تادرس، تغريدة تقول "كصديقة أشعر بالحزن بشكل لا يصدق، كصحافية أنا خائفة، وكمصرية، أنا خجلة".

الصحافة جريمة!

رئيس تحرير "قناة 4" البريطانية بن دي بير، قال إن "الحريات التي قاتل المصريون بجدية من أجلها في الربيع العربي، انتهت من خلال هذا الحكم". وأضاف "بصفتي رئيس تحرير إحدى المؤسسات التي بعثت بصحافيين إلى مصر فترة الربيع العربي، أقول إنه علينا الآن أن نفكر بجدية حول كيفية تغطية الوقائع. نحن لن نتوقف عن ذلك، ولكن هذا الأمر سيفرض علينا خطرا جديدا".

وصرّحت الرئيسة التنفيذية لمجلة "إندكس أون سنسرشيب" جودي جينسبرج، وهي مجلة بريطانية دورية معنية بالمبدعين المضطهدين في أنحاء العالم، أن "حكم اليوم أمر مشين، ويقول للصحافيين أن مجرد القيام بعملهم يعدّ نشاطا إجراميا في مصر. ودعت المجتمع الدولي لإدانة هذا الحكم وطالبت الحكومات  بـ"ممارسة الضغط السياسي والمالي على البلد الذي ينحلّ بسرعة". ​​وقالت إن على حكومة عبد الفتاح السيسي، وقف القيود على وسائل الإعلام والتوقف عن إسكات أصوات المعارضة".

من ناحيتها أدانت شبكة الجزيرة الإعلامية الحكم القضائي، ووصفه مديرها العام بالوكالة مصطفى سواق الحكم "بالجائر"، وقال إن الحكم كان "مفاجئا وصادما"، وتعهد بأن تواصل الشبكة دعم صحافييها حتى إطلاق سراحهم. وقالت الشبكة في بيان صدر لها إن الصحافيين الثلاثة وستة زملاء لهم تم الحكم عليهم "بدون أي دليل يؤكد الاتهامات الاستثنائية والكاذبة بحقهم".

مناقشة الأحكام في الاتحاد الأوروبي

وعبّرت أسرة الصحافي الأسترالي بيتر جريستي، عن ردة فعلها من خلال تعليق على صفحة الفيسبوك التي أنشأتها قبل فترة ضمن حملة لإطلاق سراحه، بقولها: "صُدمنا بقرار الحكم". وخاطبت المناصرين بقولها "من فضلكم استمروا في إعلاء صوتكم".

من جهته، قال وزير الخارجية البريطانية وليم هيج على تويتر إنه "يجب على مصر مراجعة الأحكام غير المقبولة بحق الصحافيين المصريين وغير المصريين، وإظهار الالتزام بحرية الصحافة". أما وزير الخارجية الهولندية فأعلن: "سنبحث الأحكام ضد صحافيي الجزيرة مع الاتحاد الأوروبي".

أما سفير بريطانيا في القاهرة هامز أبوت، الذي حضر جلسة النطق بالحكم، فلقد علق بقوله "لقد أعرب الشعب المصري على مدى السنوات الثلاث الماضية عن رغبته بأن تكون مصر ديمقراطية. وبدون حرية الصحافة لا يوجد أساس للديمقراطية".

صحفيون متضامنون

الصحافي عبد الله الشامي مراسل قناة الجزيرة في القاهرة الذي أفرج عنه أخيرا، قال في تغريدة سابقة على الحكم عبر حسابه على موقع تويتر "أمام سجن طرة في انتظار النطق بالحكم على زملائي في الجزيرة الإنجليزية. متفائل بأننا سنفرح اليوم مرة أخرى"!

على الصعيد الإعلامي العربي استنكر عدد من الإعلاميين الأحكام الجائرة في مواقع التواصل الاجتماعي، فاستنكرت ريما مكتبي، الحكم، وقالت: "عملت في الماضي مع أحدهم، محمد فهمي، وهو صحافي أمين وذو كفاءة".

وقال الإعلامي وضاح خنفر، المدير السابق للجزيرة "الأحكام الجائرة بحق صحافيي الجزيرة دليل آخر على الصلف الأحمق والبطش الرخيص"، واعتبر الإعلامي ياسر أبو هلالة "الأحكام القاسية بحق زملائنا في الجزيرة الإنكليزية ليست تحديا لكيري (في إشارة إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري)، بقدر ما هي ترجيح لكفة الممولين في الخليج. السيسي يدرك أن ضغط كيري ذرّ للرماد في العيون".

وأفصحت الإعلامية ناديا أبو المجد، عن مخاوفها في هذه الأجواء، وقالت "هذه القضية أكدت لي خطورة العودة إلى مصر".

المساهمون