صعوبة النأي بالنفس فنياً

04 ديسمبر 2017
كاظم الساهر (فيسبوك)
+ الخط -
لم يكن عام 2017 ورديًا بالنسبة للفنانين في العالم العربي. الانقسام السياسي وصل إلى الخليج. وتمكَّن من التفرقة بين الفنانين نتيجة الحصار الجائر الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، على دولة قطر.

يصحُّ القول، إنّ عدداً كبيراً من الفنانين السعوديين، خسروا شعبيتهم بفضل الإمعان في الهجوم على دولة قطر. الفنانون القطريّون التزموا الصمت، وعبّروا عن ترفّع واضح تجاه الموجة التي طاولت وطنهم. ولم يكن نجوم الإمارات العربية المتّحدة في منأى عن ذلك، فزج بعضهم نفسه في الصراع، وقدَّم آخرون أغنيات أيضاً تهاجم قطر، وهي مجرد إملاءات مفروضة على بعض هؤلاء الفنانين الذين تتبناهم حكومات دولهم، وتجبرهم، ربما، على الهجوم بالقصائد والأغاني على دولة مجاورة، هي في الأصل المكان الأنسب للغناء والشهرة والنجاح.

بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اهتزَّت المملكة العربية السعودية بالقرارات التي سُميت بـ"محاربة الفساد". فهي لم تأت على الوزارات الخدماتيّة التابعة للحكومة، بل طاولت عدداً كبيراً من أصحاب إمبراطوريات إعلامية مضى على عملهم سنوات. وكانوا القاعدة الأساسية لبناء الإعلام في السعودية خلال العقدين الأخيرين، وانفتاح هذا الإعلام على العالم العربي، ومحاولة جادة للخروج بإعلام يقوم على الترفيه الذي يتناسب والمجتمع العربي، حتى وإن كان النجاح لم يحالف تلك التجارب.

يعيش اليوم معظم نجوم الغناء في العالم العربي حالة من الركود، وهم يرفضون التطرق إلى مثل هذه المواضيع عبر الإعلام، ويحاولون المكابرة على المواقف التي تداخلت مع الشق السياسي. بعضهم صار خائفاً من الظهور على محطة قطرية، والعكس صحيح. والبعض الآخر حاول التوفيق بين عمله والنأي بنفسه عن بعض المواقف السياسية، ومنهم من لا يقوى على تجنُّب تداعياتها.

ودفع الفنان العراقي، كاظم الساهر، الثمن، ومُنِعَ من إحياء حفلين في المملكة العربية السعودية بسبب غنائه في قطر. الأمر الذي حاول الساهر إخفاءه عن الناس، والقول إنّ تأخر "لجنة الترفيه" في المملكة العربية السعوديّة باستصدار التراخيص الخاصة بذلك، حال دون تقديم الحفلين. لكن ذلك لم يمنع فنانين آخرين، مثل العازف اللبناني، ميشال فاضل، من كسر الحصار على دولة قطر، إذ أحيا ليلتين وصفهما المتابعون بأنهما الأقوى. ولم ينقذ الحظ الفنانة الإماراتية، أحلام، التي أقصِيَت عن لجنة مدربي برنامج "ذا فويس"، بسبب تمنُّعها عن الغناء مع مواطنيها أغنية ضد قطر. والمعروف ان أحلام متزوجة من القطري، مبارك الهاجري، وتقيم بين قطر والإمارات وبيروت.

قرارُ إقصاء أحلام عن برنامج فني لأسبابٍ سياسيّة، وضع مجموعة من زملائها بمواقف محرجة تجاه الدول التي المفترض أنّهم يعملون فيها، إضافةً الى غيابهم عن البرامج التلفزيونية المدفوعة سلفاً، إذْ يطالبون بمبالغ خيالية نتيجة الظروف. في الوقت الذي سارعت فيه بعض الشركات إلى الحل "ب"، أو خطة العمل التي حملت "روتانا"، مثلاً، إلى تنظيم حفلات في المملكة العربية السعودية.

بعد كل هذا التخاذل في المواقف، أسئلة كثيرة سيحملها العام المقبل. عن ماهيَّة الحلول لمثل هذه المواقف والتفرقة. وهل انتهى أمر البرامج المدفوعة سلفاً للمغنين تحديداً. ومن سيضع الميزانيّات الخاصة بهذا النوع من البرامج المكلفة، وأين ستذهب عائدات الإعلانات لهذه البرامج أيضاً.




دلالات
المساهمون