"الخارقون الجدد": البحث عن دهشة مفقودة

03 اغسطس 2018
"بلاك بانتر" لراين كووغلر (فيسبوك)
+ الخط -
منذ 10 أعوام، بدت هوليوود كأنها عثرت على مغارة علي بابا الخاصة بها، عندما تزامن عرض الجزء الأول من العالم السينمائي لـ"مارفل" في "الرجل الحديدي" (Iron Man) لجون فافرو، مع عرض الجزء الثاني والأهم من ثلاثية كريستوفر نولان عن "باتمان"، وهو بعنوان "فارس الظلام" (The Dark Knight). 

منذ ذلك العام (2008)، أصبحت أفلام الأبطال الخارقين السلعة الأكثر رواجًا وربحًا، وبالتالي الأكثر إنتاجًا. في تلك الفترة، ظهرت عوالم أخرى غير "مارفل"، أهمها "دي سي"، مع إعادة تقديم البطل الخارق نفسه مرة تلو أخرى. المثل الأبرز في هذا المجال كامنٌ في "الرجل العنكبوت"، المُقدَّم في 3 سلاسل سينمائية وأبطال مختلفين خلال 15 عامًا فقط.
مع هذا الكمّ من الإنتاج، أصبحت إثارة دهشة الجمهور أو تقديم "شيء جديد" في فئة أفلام الأبطال الخارقين أمرًا صعبًا للغاية. هذا ما تبحث عنه هوليوود حاليًا، ولعلّها عثرت على كيفية تحقيقه في العامين الفائتين.

الحسبة المعتادة والكلاسيكية للأبطال الخارقين ـ منذ نجاحات قديمة كـ"سوبرمان" (1978) لريتشارد دونر، وصولاً إلى "الرجل الحديدي" (3 أفلام بين عامي 2008 و2013) و"كابتن أميركا"، الأبطال الأساسيين لـ"مارفل" ـ كامنة في أن كلّ واحد منهم رجل أبيض وسيم وممشوق القوام، ذو قيم ومُثل عليا، يحارب أشرار المدينة، أو يحاول إنقاذ العالم. تعديل معطيات الحسبة هذه، في أي جانب من جوانبها، محاولة هوليوودية كي تبقى "مغارة علي بابا" مفتوحة، وكي لا يسأم الجمهور من هذا العالم بكامله.

بدأ الأمر بخجل وجرأة بسيطة، كأن يكون Ant-man (2015) لبايتون ريد، وهو بطل "مارفل" في الفيلم الـ13 من عالمها السينمائي، مجرد شخص عادي وصعلوك لا طموح لديه في إنقاذ العالم، لكن صدفة عرّضته لتجربة صغّرت حجمه إلى حد النملة، ووضعته في سياقٍ أكبر منه. تسارعت وتيرة الاختلاف بعدها: حسّ ساخر وحاد في بطل خارق كوميدي ومشوّه الوجه مثل "ديدبوول" (Deadpool، 2016) لتيم ميلر، ثم حسّ قاتم وسوداوي وأكثر نضجًا ودموية من أي فيلم سابق من أفلام الأبطال الخارقين كما في "لوغان" (2017) لجيمس مانغولد، وحضور المرأة كبطلة أساسية للمرة الأولى العام الماضي (بالتزامن مع الحسّ النسوي المتزايد في العالم وهوليوود) في "المرأة الخارقة" (Wonder Woman، 2017) لباتي جانكينز، الذي سيكون الفيلم الوحيد الناجح، فنيًا وجماهيريًا، في عالم "دي سي"، في ظلّ الفشل النقدي المتتالي لـ"باتمان" و"سوبرمان".

أخيرًا، هناك النجاح الخارق لـ"بلاك بانتر" (Black Panther، 2018) لراين كووغلر قبل أشهر عديدة، علمًا أن بطله ذو أصل أفريقي، وهي المرّة الأولى (أيضًا) في النتاج السينمائي للأبطال الخارقين، إذْ يكسر الأفروأميركي احتكار البيض إنقاذ العالم، ويُصبح ـ بشكلٍ غير متوقّع ـ ثالث أكثر الأفلام إيرادات في شبّاك التذاكر الأميركي في تاريخ السينما.

إلى جانب جودتها الفنية، أكّدت هذه الأفلام كلّها ـ وبشكل قاطع ـ أن المزاج العام للجمهور حاليًا سيميل إلى كسر القوالب، وتفتيت "الحسبة الكلاسيكية" للبطل الخارق في جوانبها كلّها. هذا يُلقي أثره أيضًا في المشاريع المقبلة لهوليوود، مع سردٍ للحكاية من وجهة نظر البطل الشرير، كما في Venom (2018) لروبن فلايشر (تنطلق عروضه التجارية الدولية مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، تمثيل توم هاردي)، الذي يستعرض حكاية أحد أكثر أبطال القصص المصوَّرة تعقيدًا وشرًّا.

كذلك، أُعلن قبل وقتٍ قليل، أن يواكين فونيكس سيؤدّي دور البطولة في المشروع الجديد "جوكر" (Joker، 2019) لتود فيليبس، بعد ترشيح ممثلين عديدين، أبرزهم ليونادرو دي كابريو. والمشروع هذا يتناول سيرة أشهر أشرار الكتب المُصوّرة والخصم الأصعب لـ"باتمان". اختيار فونيكس، الممثل في مشاريع متميّزة فنيًا بشكل دائم، مؤشرٌ للطموح الكبير للفيلم.

أما Spawn للثنائي تود ماك فارلاين مخرجًا وجيمي فوكس ممثّلاً (يُعرض هو أيضًا عام 2019)، فيحاول استغلال نجاح "بلاك بانثر" بتقديم بطل أفروأميركي مجدّدًا، وتفعيل الجرأة التي اخترقها لوغان، إلى درجة نيله تصنيف R المنتظر (غير صالح للأطفال)، بسبب مشاهد العنف التي سيحتويها.

أخيرًا، يشهد مارس/آذار 2019 عرض "كابتن مارفل" (Captain Marvel) لراين فلاك، تمثيل بري لارسون كأول بطلة خارقة نسائية في فيلم منفرد في "مارفل": يُتوقّع أن تُناط بها مهمّة حماية الكون من أفعال ثانوس، الشرير الذي انتصر في جولته الأولى على فريق "آفنجرز"، وذلك بعد رسالة الاستغاثة التي أطلقها نِكْ فيوري في نهاية "آفنجرز: الحرب اللانهائية" (2018) لأنتوني وجو روسّو، ما يضع ثقلاً وأهمية مضاعفتين على البطلة الخارقة. لهذا كلّه، يُنتظر أن يُحقِّق المشروع الجديد نجاحًا استثنائيًا في أفلام السلسلة.

4 مشاريع جديدة في أقلّ من عام تعكس تغيّرًا في الشكل المعتاد لأفلام الأبطال الخارقين. في حال نجاحها، يتوقّع أن تتسع الرقعة أكثر فأكثر مع أفلام أخرى تتناول مواضيع غير مطروحة سابقًا في عالمي الـ"كوميكس" والإيرادات القياسية.
المساهمون