هجوم النظام السوري على الغوطة الشرقية... اجتياح شامل أم تكتيك؟

25 فبراير 2018
قوات النظام تحاول بهذا الهجوم المباغت كسب الوقت(فرانس برس)
+ الخط -

 


بدأت قوات النظام السوري، وبمشاركة جوية روسية، هجوماً برياً على الغوطة الشرقية، صباح اليوم الأحد، بعد ساعات من صدور قرار عن مجلس الأمن يدعو إلى هدنة شاملة في الغوطة وعموم سورية لمدة 30 يوماً، فيما يبدو أنها تسابق الزمن، لتحقيق جملة من الأهداف قبل أن تضطر للالتزام بالقرار الدولي.

وقالت مصادر متطابقة إن الهجوم يتم من عدة محاور الأول في منطقة المرج شرقي الغوطة والثاني من جبهة حرستا والثالث باتجاه دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية.

وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام والمليشيات المساندة لها هاجمت بلدتي النشابية والزريقة الخاضعتين لسيطرة "جيش الإسلام"، بالتزامن مع قصف جوي ومدفعي على كل من مدينتي دوما وحرستا وبلدات كفربطنا وحزرما والنشابية.

وفيما زعمت وسائل إعلام النظام تمكن قوات الأخير من إحراز تقدم على محور الزريقية- حزرما- النشابية، قال "جيش الإسلام" في حسابه على "توتير" إن قوات النظام التي تحاول التقدم على جبهة سجن النساء وعلى جبهتي حوش الضواهرة وحزرما، أخفقت في تحقيق أي تقدم، وتكبدت خسائر كبيرة.

وأشار إلى مقتل 25 عنصراً من تلك القوات في جبهة حوش الضواهرة خلال التصدي لمحاولتهم التقدم على هذا المحور، إضافة إلى تدمير عربة جسرية من نوع "MT55" تابعة لقوات النظام على جبهة الزريقية، كانت تحاول وضع الجسر لنقل آليات النظام ومدرعاته التي تحاول اقتحام المنطقة.

وقال المتحدث الرسمي باسم هيئة أركان "جيش الإسلام" حمزة بيرقدار لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام تكبدت عشرات القتلى على مختلف الجبهات إضافة إلى أسر سبعة من عناصرها.

وأكد أن "مقاتلي جيش الإسلام يتصدون لمحاولات قوات النظام التقدم على امتداد الجبهة الشرقية من الغوطة خاصة في الزريقية وحزرما وحوش الضواهرة والريحان، حيث تدور معارك قوية مع قوات النظام، فضلا عن معارك أخرى في محوري زملكا وعين ترما".

كما اندلعت اشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام، على جبهة طريق دمشق -حمص الدولي في محاولة من قوات النظام لاقتحام مدينة دوما.

وتأتي محاولات قوات النظام لاجتياح الغوطة بعد أقل من عشر ساعات على تصويت مجلس الأمن بالإجماع لصالح قرار كويتي-سويدي، لإعلان هدنة في عموم سورية.

ويتضمن القرار 2401، الذي تأجل التصويت عليه لأكثر من مرة بسبب الاعتراض الروسي، مطالبة جميع الأطراف بوقف إطلاق النار في كافة المناطق دون تأخير لمدة 30 يومًا على الأقل.

 كما ينص على السماح بإجراء الإجلاء الطبي بشكل آمن وغير مشروط، والسماح للعاملين في المجالين الطبي والإنساني بالتحرك دون عراقيل، مع التأكيد على ضرورة رفع الحصار عن المناطق المأهولة من قبل جميع الأطراف، بما في ذلك الغوطة الشرقية.


ويرى مراقبون أن قوات النظام تحاول بهذا الهجوم المباغت كسب الوقت من أجل إنجاز بعض الأهداف العسكرية والسياسية قبل أن تضطر إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، مستفيدة من البند الغامض الذي أصرت روسيا على إدخاله في نص قرار مجلس الأمن الخاص بالهدنة، والذي لا يلزم قوات النظام بالتوقف عن إطلاق النار فورا، بل في "أسرع وقت ممكن" ما يمنح تلك القوات المسنودة بالطائرات الروسية بعض الوقت في محاولة لتحقيق ما كانت تخطط له أصلا قبل صدور قرار مجلس الأمن، وهو اجتياح الغوطة لتحقيق بعض الأهداف التكتيكية ومنها فصل منطقة المرج التي تشكل نحو ثلث الغوطة عن بقية المناطق، ومحاولة الوصول إلى عناصرها المحاصرين في إدارة المركبات العسكرية في حرستا. 

وتحاول قوات النظام أولا عزل ناحية النشابية في منطقة المرج من خلال الضغط عليها من محوري عين الزريقة، ومحور حزرما الملاصقة للنشابية.

وقد حشدت خلال الأيام الماضية العشرات من المليشيات والفرق العسكرية التابعة لها، أبرزها "قوات النمر" التي قيل إنها تقود العمليات العسكرية الحالية في الغوطة.

من جانبهما، أعلن كل من "جيش الإسلام" وفيلق الرحمن" التابعين لـ"الجيش السوري الحر" التزامهما الكامل بالهدنة التي طلبها مجلس الأمن لمدة 30 يوما في سورية.

وقال "جيش الإسلام" في بيان له: "نعلن استعدادنا للتنفيذ الفوري للقرار"، مؤكدا احتفاظه بحق الرد الفوري لأي خرق سترتكبه قوات النظام.

بدوره أكد "فيلق الرحمن" في بيان له التزامه "الكامل والجاد بوقف إطلاق نار شامل وتسهيل إدخال كافة المساعدات الأممية إلى الغوطة الشرقية استجابة للقرار الأممي".

وطالب "فيلق الرحمن" جميع الدول المؤثرة بالضغط على الجانب الروسي لتنفيذ كامل بنود اتفاقه مع روسيا، والذي كانا توصلا إليه في مدينة جنيف السويسرية، يوم 18 أغسطس/آب 2017 ويقضي بوقف إطلاق النار شرق العاصمة دمشق وفك الحصار عن الغوطة الشرقية، مع الحفاظ على مستحقات العملية السياسية.

وكانت مدن وبلدات الغوطة الشرقية تعرضت لحملة قصف جوية مكثفة من الطيران الحربي الروسي والتابع للنظام السوري خلال الأسبوع الأخير، ما أدى إلى مقتل أكثر من 450 من المدنيين وإصابة آلاف آخرين، فضلا عن تدمير هائل في البنى التحتية، بما في ذلك المنشآت الطبية.