نظام السيسي يسعى لخلق كيان معارض برعاية الأجهزة الأمنية

23 يونيو 2018
يسعى السيسي للسيطرة التامة على المعارضة (فرانس برس)
+ الخط -
يسعى النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، للسيطرة على المعارضين له خلال الفترة المقبلة، عبر الدفع باتجاه انضمامهم لكيان معارض شكلاً يكون برعاية الأجهزة الأمنية. واستقر النظام الحالي على وضع خريطة سياسية جديدة، من خلال حزب كبير موالٍ له خلال الفترة المقبلة، يتمثّل في حزب "مستقبل وطن"، بالإضافة إلى كيان آخر يمثّل الجناح المعارض ولكن تحت سيطرة أجهزة النظام.

ويدفع نظام السيسي باتجاه انضمام أحزاب المعارضة من معسكر "30 يونيو" لهذا الكيان المعارض، من أجل ضمان السيطرة التامة على الأوضاع السياسية في البلاد. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر سياسية خاصة لـ"العربي الجديد"، عن تخطيط النظام الحالي لمحاولة دمج المعارضة في إطار الكيان الكبير الذي يضم المعارضة المصطنعة، وذلك عبر اتصالات من قبل أطراف قريبة من النظام ببعض الشخصيات المعارضة، للحديث معهم حول إمكانية انضمامهم للكيان الذي يمثّل الجناح الثاني في الخريطة الحزبية.

وقالت المصادر، وهي محسوبة على قوى مدنية في معسكر "30 يونيو"، إنّ "بعض الاتصالات تمّت بالفعل مع بعض الشخصيات المعارضة القريبة نسبياً من النظام الحالي، لعرض هذا الأمر عليها، بدعوى ممارسة السياسة في إطار أكبر، مع التعبير بحرية عن الآراء السياسية، بدلاً من تشتيت الجهود"، مضيفةً أنّ هذه الاتصالات "كان يتوقّع أن تجري خلال الفترة الماضية وتطرح رؤية محددة، ولكن الهجوم على إفطار بعض الشخصيات المعارضة خلال شهر رمضان، أعاق ذلك، وأغلق الباب أمام توسيع دائرة الاتصالات".

وتابعت المصادر أنّ "هذه الاتصالات لم تتبلور حتى الآن لناحية تقديم طرحٍ يمكن مناقشته أو حتى عرضه على فصائل وأحزاب معارضة، ولكنها محاولات ترتقي لجسّ النبض فقط"، مشيرةً إلى أنّ "السيسي يسعى للسيطرة التامة على المعارضة، خصوصاً مع إغلاق الطريق أمام أيّ تحرك لأحزاب أو تكتلات سياسية للاعتراض على سياساته خلال ولايته الأولى، وهو ما سيزيد خلال ولايته الثانية".


وتوقعت المصادر أن "يقابل هذا الطرح برفض واسع من المعارضة المصرية، ولكن هذا لا يمنع احتمال انضمام شخصيات إلى كيان المعارضة الذي يسيطر عليه النظام الحالي، والذي يتوقّع أن يكون أساسه حزب الوفد، بعد وصول بهاء أبو شقة لرئاسته". وتوقّعت أن يسعى النظام الحالي "لإغراء بعض الشخصيات مقابل الانضمام إلى صفوف المعارضة المصطنعة، تحت شعارات تقوية المعارضة وتجميعها تحت مظلة واحدة، لكي تكون قادرة على التحرّك القوي والفعلي، من مشاركة في انتخابات وغيرها، وهذا بالتأكيد مخالف للحقيقة".

وأكدت المصادر أنّ النظام "قد يحاول ترويج الأفكار القديمة نفسها، لناحية التغيير من داخل النظام وغيره من الشعارات التي تصدّرت في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ولكنها تبقى مجرّد شعارات زائفة كانت تبرّر بعض الشخصيات من خلالها موقفها وتواجدها في كنف نظام مبارك".

إلى ذلك، استبعد خبير في "مركز الأهرام للدراسات السياسية"، نجاح أي محاولات لإخضاع المعارضة من معسكر "30 يونيو"، في إطار إعادة ترتيب الخريطة السياسية. وقال لـ"العربي الجيد"، إنّ "التجربة التي يقبل عليها النظام المصري بتدشين كيان مؤيد وآخر معارض، ستفشل، وتحديداً في شقّها الثاني، إذ إنه من الوارد نجاح الكيان المؤيّد، وخصوصاً أن المنضمين إليه تجمعهم المصلحة الشخصية لناحية الاقتراب من النظام الحالي ودوائر اتخاذ القرار لتحقيق مصالح شخصية، ولكن المعارضة لا يمكن جمعها تحت راية واحدة، في ظلّ تحكّم النظام الحالي بالكيان الثاني".

وأضاف الخبير أنّ "التفكير في إقامة كيان مؤيد وآخر معارض، بعيد كل البعد عن أي أعراف سياسية، فلا يمكن جمع أطياف سياسية مختلفة تحت راية واحدة في إطار عمل حزبي، ولا يمكن أن تكون هوية أي حزب تأييد شخص الرئيس، بغضّ النظر عن اتجاهاته". وتابع أنّ "تفصيل المؤيدين والمعارضين على أهواء النظام الحالي، لن يؤدي إلى تطوير الحياة السياسية وتقدمها، إذا كان هذا هو الهدف من دعوات السيسي المتكررة، بل إنه ارتداد على أي تطوّر حدث خلال السنوات الماضية".

وحاول حزب "الوفد" عبر اجتماع خلال شهر رمضان الماضي، تجميع عدد كبير من الأحزاب السياسية، للحديث عن مستقبل الحياة السياسية في مصر، بناء على دعوات السيسي لدمج الأحزاب، إلا أنّه لم تتبلور أي رؤية حول ذلك حتى الآن، بخلاف انتقالات جماعية وتحركات من قبل قيادات حزبية ونواب البرلمان باتجاه حزب "مستقبل وطن"، الذي يتوقّع أن يلعب دور الحزب المؤيد للسيسي.