ليبيا: التدخل العسكري مرجّح خلال "أسابيع وليس ساعات"

24 يناير 2016
الولايات المتحدة قلقة من "داعش" ليبياً (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
تتجه الأوضاع في ليبيا نحو مزيد من التعقيد خلال الأيام المقبلة. وبينما لا تزال حكومة فائز السراج الجديدة عاجزة عن فرض نفسها كحكومة وفاق وطني حقيقي، فضلاً عن استمرار المواقف التي تشير إلى صعوبة نيلها الثقة من قبل برلمان طبرق (المنحل بحكم من الدستورية)، تتوالى المؤشرات حول احتمال حدوث تدخل عسكري أجنبي في البلاد.

وعلى الرغم من نفي "القيادة العامة للجيش الليبي" التابعة لسلطة برلمان طبرق، والتي تشهد خلافات متصاعدة أخيراً، التقارير التي تحدثت عن وصول فرق عسكرية أميركية وبريطانية وروسية إلى ليبيا لدعم الحكومة الجديدة، حسبما أفادت تقارير صحافية أمس السبت، إلا أن التصريحات السياسية الغربية تشير إلى ارتفاع منسوب قلق الولايات المتحدة وحلفائها من تصاعد تهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ليبيا. وهو ما يترجم بتحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الغربية في الأجواء الليبية، وتسارع نشاط وحدات الاستخبارات الغربية على الأرض، استعداداً لتوجيه ضربات جوية محتملة وتنفيذ عمليات برية نوعية، وفقاً لتأكيدات كبار صنّاع السياسة وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في لندن وواشنطن.

غير أن هذا لا يعني أن القوات البريطانية والأميركية وحلفاءهما، سيشرعون في القريب العاجل بتوجيه ضربات لمواقع "داعش" على امتداد التراب الليبي، فـ"ساعة الصفر" لا تزال على مسافة "أسابيع لا ساعات"، كما تُفيد صحيفة "نيويورك تايمز" نقلاً عن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد.

وتنقل الصحيفة عن دانفورد قوله "إننا نبحث قرار العملية العسكرية ضد داعش بالتزامن مع العملية السياسية، وقد كان الرئيس (باراك) أوباما واضحاً في تفويضه لنا لاستخدام القوة العسكرية". ويشير دانفورد إلى أن "الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا تبحث كيفية وقف تنامي قوة داعش في ليبيا، لمنع انتشاره في جميع أنحاء شمال أفريقيا وبلدان جنوب الصحراء الكبرى، مع أهمية وضع جدار حماية بين داعش في ليبيا وغيرها من الجماعات المسلحة في القارة الأفريقية، والعمل على تعزيز قدرة الجيوش الأفريقية والحكومات لمحاربة تلك المجموعات نفسها".

اقرأ أيضاً الإدارة الأميركية والتدخل في ليبيا: انعدام شهية واكتفاء بالغارات

وبالتزامن مع الاستعدادات العسكرية التي تجري على قدم وساق في الولايات المتحدة وبريطانيا، تمهيداً لنشر قوات محدودة العدد في ليبيا، عاد الجدل في الأروقة السياسية البريطانية تحديداً ليتركز على التساؤل حول أسباب فشل الغرب في الحفاظ على ليبيا واستقرارها بعد إطاحة نظام العقيد معمّر القذافي.

ويُرجع بعضهم السبب إلى سيطرة "داعش" وغيرها من التنظيمات على أجزاء من ليبيا، إلى "سوء التخطيط وضعف التقدير من الدوائر الغربية، والتي ساعدت على إطاحة نظام القذافي، من دون وضع خطط لليوم التالي". وهي الاتهامات التي رفضها وزير الخارجية البريطاني السابق وليم هيغ، إبان التدخل العسكري في ليبيا عام 2011. ورفض هيغ اعتبار التحالف الذي قادته بريطانيا إلى جانب فرنسا، تكراراً لنفس خطأ غزو العراق عام 2003. واعتبر هيغ، في مداخلة أمام لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، قبل أيام، أن "التدخل في ليبيا يختلف عن غزو العراق، لأنه لم يكن هناك نقص في التخطيط لمرحلة ما بعد القذافي".

وأضاف هيغ "كان لدينا ما يكفي من الخطط ولكننا افتقرنا للسلطة لتطبيقها"، معتبراً أن "اللوم يقع على القذافي لما وصلت إليه البلاد اليوم من حالة مؤسفة". ورأى أن "القذافي يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا لأنه، طوال أربعين سنة في السلطة، أقام مؤسسات فارغة ولم يضع نظاماً ملائماً للحكم تحت الديكتاتورية".

وتطرق هيغ إلى تفاصيل قرار التدخل عسكرياً في ليبيا في مارس/آذار 2011، وهي الفترة التي كان فيها وزيراً للخارجية، قائلا إنه "كان هناك الكثير من التخطيط، ولكن الأمم المتحدة لم تشعر أو لم يكن لديها القدرة لتكون قوية بما يكفي لتنفيذ تلك الخطط".

وأرجع وزير الخارجية السابق عدم الاستقرار في ليبيا حالياً إلى "الفشل الذريع للحكومة على مدى أربعة عقود". كما دعا الوزراء إلى "التفكير في تدخلات مماثلة مستقبلاً". وأضاف أنه "في مواجهة هذا الوضع مرة أخرى، وتقريباً على حدود أوروبا، يجب علينا اتخاذ هذا القرار مرة أخرى لحماية أرواح المدنيين. وأود أن أتساءل عن المعيار الأخلاقي في العالم الغربي إذا لم نتخذ مثل هذه القرارات".

أما وزير الدفاع السابق، وليام فوكس، فقد قال للجنة إنه "لم تكن هناك أي شهية في الجيش البريطاني للعمل في ليبيا، ولم تكن هناك خطة لتغيير النظام". كما عبّر رئيس أركان الدفاع في ذلك الوقت، ديفيد ريتشاردز، عن أسفه لنتيجة الحملة، مُعترفاً أنها كانت "فشلاً استراتيجياً".

اقرأ أيضاً ليبيا: المتحدث باسم قوات "عملية الكرامة" ينشق عن حفتر

المساهمون