الاستفتاء على الدستور الليبي: عرقلة بمجلس النواب ومحاولات لاستبعاده

19 اغسطس 2018
يفشل المجلس بعقد جلساته بالنصاب القانوني (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

يشهد مجلس النواب شرق ليبيا، الذي تسيطر عليه أغلبية موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر، محاولات لعرقلة إصداره قانون الاستفتاء على الدستور، فيما تذهب أطراف أخرى نحو الدعوة لاستبعاد المجلس من هذه المهمة، الأمر الذي يهدّد إنجاز مقررات "إعلان باريس" وفق مواعيدها.

ويُعتبر إصدار قانون للاستفتاء على الدستور باباً نحو إنجاز محطات الانتقال السياسي وأبرزها تنظيم الانتخابات العامة، وذلك بحسب "إعلان باريس" الذي تمّ التوصّل إليه بين الأطراف الليبية، في مايو/ أيار الماضي.

والتزمت الأطراف الليبية، وفق الإعلان، بإصدار إطار دستوري، وإنجاز دستور دائم للبلاد قبل منتصف سبتمبر/ أيلول المقبل، من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول نهاية العام الجاري.

غير أنّ المرحلة الأولى من تنفيذ مقررات "إعلان باريس" اصطدمت بعجز مجلس النواب عن إقرار قانون الاستفتاء على الدستور، حتى الآن.

ففي خطوة من شأنها عرقلة إصدار القانون، أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الشرقية الموالين لحفتر، في بيان مشترك، مساء السبت، عن مطالبتهم بضرورة أن يكون التصويت بالنصاب القانوني، لإجراء تعديل على الإعلان الدستوري، قبل إصدار قانون الاستفتاء على الدستور، بواقع 120 صوتاً، من أصل 200 صوت هي كامل أصوات المجلس.

وبحسب البيان، فإنّ النواب طالبوا بأن تكون الجلسة المقبلة التي حددها المجلس، يوم الـ27 من أغسطس/ آب الجاري كموعد للتصويت على القانون، "جلسة للتصويت على التعديل الدستوري وقانون الاستفتاء كحزمة واحدة، بأغلبية 120 صوتاً مع التزام حضور ثلثي أعضاء المجلس".

هذا المطلب عدّه مراقبون للشأن الليبي "شرطاً تعجيزياً"، في ظل عدم قدرة مجلس النواب على عقد جلساته بالنصاب القانوني، منذ أكثر من عام، نتيجة الخلافات بين أعضائه.

ويكشف بيان نواب المنطقة الشرقية عن مزيد من شروط التعقيد، من أجل عرقلة إصدار قانون الاستفتاء على الدستور، لا سيما بعد مطالبتهم بحصر القانون، داخل الإعلان الدستوري، وإجراء تعديل على الأخير، فضلاً عن تضمين المادة الثامنة بالدستور، التي سبق أن أكد نواب بالمجلس أنّ عبثاً جرى في صياغتها، لتوافق أهداف معارضي إصدار الدستور.


في غضون ذلك، أكدت جهات سياسية أخرى وجود مقترحات موازية، من أجل استبعاد مجلس النواب عن مهمة إصدار قانون الاستفتاء على الدستور.

وفي هذا الإطار، قال عضو مجلس الدولة عادل كرموس، في تصريحات صحافية، مساء الجمعة، إنّ "الأزمة تكمن في إجراء التعديل الدستوري الذي يتطلب حضور ثلثي الأعضاء بمجلس النواب، وهو أمر شبه مستحيل في ظل انقسام المجلس"، غير أنّه أشار إلى وجود مقترحات موازية لاستبعاد مجلس النواب من مهمته الحالية.

وقال كرموس إنّ "من بين تلك المقترحات، تولّي الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، عملية تشريع قانون الاستفتاء، أو أن يصدر المجلس الرئاسي مرسوماً بالقانون"، لافتاً في الوقت عينه إلى أنّ "الاقتراحين سيُقابلان بطعن قضائي، إذ إنّ إصدار القانون مهمة دستورية مناطة بمجلس النواب".

ومع ذلك، لم يستبعد كرموس إمكانية ذهاب الأطراف الليبية نحو أي من المقترحات المطروحة، من أجل تجاوز أزمة مجلس النواب وعجزه، لا سيما إذا حظيت هذه المقترحات بتأييد قطاع من نواب المجلس، بعيداً عن رئاسته وقطاع المعرقلين.


وبحسب سير جلسات مجلس النواب في طبرق، الذي تسيطر على قراره كتل نيابية موالية لحفتر تعارض إجراء الانتخابات على أساس الدستور الذي لا تتيح مواده وصول الأخير لأهدافه في الترشح للمناصب السيادية، كان متوقعاً فشل المجلس في التصويت على مشروع قانون الاستفتاء على الدستور.

وحاولت اللجنة القانونية في البرلمان مواجهة القطاع الموالي لحفتر، عبر دعوتها إلى تغيير نصاب التصويت من أغلبية الأعضاء المطلقة، إلى أغلبية الأعضاء المشاركين في جلسة التصويت، وهي الخطوة التي عارضها نواب المنطقة الشرقية، معتبرين أنّها تخالف نصوص الإعلان الدستوري التي تنص صراحة على أنّ نصاب التصويت على قانون الاستفتاء يتطلّب 120 صوتاً من أصل 200.

وكان مجلس النواب في طبرق، قد عقد آخر جلساته، الإثنين الماضي، بحضور 65 نائباً من أصل 200، مع تواصل عدم حضور نواب الأقليات من الأمازيع وقبائل التبو، وأغلب مؤيدي التيار الفدرالي في شرق ليبيا.

وشهدت الجلسات الماضية، خلافات واسعة حول المادة الثامنة من قانون الاستفتاء على الدستور، التي تنصّ على "انتهاء أعمال الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، إذا ما صوّت الشعب برفض مسودة الدستور المطروحة للاستفتاء".

كذلك تنصّ أيضاً على "اختيار مجلس النواب خلال 30 يوماً للجنة جديدة من 30 عضواً تتولّى تعديل مسودة الدستور في مدة ثلاثة أشهر من تاريخ المصادقة على تشكيلها"، وهو ما عارضه أغلب النواب بالمجلس، معتبرين أنّها تخالف نصوص الإعلان الدستوري الذي ينصّ على استمرار الهيئة التأسيسية في أعمالها لتعديل المسودة إذا ما رفضها الشعب، من دون أن يخول المجلس اختيار لجنة أخرى وإنهاء أعمال الهيئة.

والإعلان الدستوري في ليبيا أُقرَّ بعد الثورة الليبية وإطاحة نظام معمر القذافي، في 3 أغسطس/آب 2011، من قبل المجلس الوطني الانتقالي، وينبغي أن يكون ساري المفعول حتى تتم كتابة دستور دائم للبلاد، والمصادقة عليه في استفتاء شعبي.

المساهمون