أمانو ينقل القلق النووي إلى طهران... وعقدة "بارتشين" مستمرة

21 سبتمبر 2015
روحاني مستقبلاً أمانو (الأناضول)
+ الخط -
حضرت شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن الملف النووي الإيراني، أمس الأحد، بقوة أثناء زيارة مديرها العام يوكيا أمانو طهران. ولم يتأخر المسؤول الدولي في الإفصاح أمام الرئيس حسن روحاني عن مخاوفه في شأن وجود أبعاد عسكرية لبرنامج طهران النووي. وخلال اجتماعه مع روحاني، أكد أمانو على "ضرورة تطبيق الاتفاق النووي بين طهران والغرب عملياً"، فضلاً عن "ضرورة التوافق على آليات التطبيق المستقبلية". وشدّد على أن "الوكالة تُرحّب بالحوار مع إيران لحلحلة القضايا العالقة بينهما".

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، عن أمانو قوله إن "الوكالة تعمل على توضيح المسائل بشفافية"، كما كشف أن "تقريره حول برنامج إيران النووي سيصدر قريباً وستكون فيه نقاط تتعلق بالشكوك السابقة للوكالة، حول وجود أبعاد عسكرية لبرنامج طهران النووي، فضلاً عن تفتيش بعض المواقع غير النووية". وشدد على "حيادية الوكالة".

وعلّق روحاني على تصريحات أمانو، قائلاً إنه "يأمل أن تصدر الوكالة تقريراً منصفاً وشفافاً، يستند إلى القوانين والأعراف الدولية، ما يضمن تطبيق الاتفاق واستمرارية العمل به". ولفت إلى أن "بلاده لا تسعى لتطوير أي بُعد عسكري لبرنامجها النووي"، قائلاً إن "كل التقارير السابقة أثبتت سلمية هذا البرنامج".

وحول تطبيق إيران للبروتوكول الإضافي من معاهدة "الحدّ من انتشار الأسلحة النووية"، والمُفترض أن توقّعه طهران لتبدي فيه مرونة وشفافية أكثر حول برنامجها النووي، لكونه يسمح بـ"تفتيش مفاجئ" ولكن "منظّم" و"مشروط" للمواقع النووية وغير نووية، قال روحاني إن "إيران ستطبّقه بشكل اختياري، لا إجباري". وأضاف "تجدر الإشارة إلى أن تطبيق هذا البروتوكول يحتاج لتصويت البرلمان الإيراني عليه"، وهو البرلمان الذي يسيطر المحافظون على غالبية مقاعده.

وكان أمانو قد اجتمع فور وصوله إلى طهران، بوزير الخارجية، رئيس الوفد النووي المفاوض محمد جواد ظريف، ورئيس "هيئة الطاقة الذرية الإيرانية" علي أكبر صالحي، المعني ببحث تفاصيل خارطة العمل المشترك، التي تمّ الاتفاق عليها بين طهران والوكالة في شهر يوليو/ تموز الماضي. وهي الخارطة التي من المفترض أن تنهي وتحل ما تبقى من ملفات عالقة بين هذين الطرفين.

اقرأ أيضاً: إيران بعد الاتفاق: روحاني إلى فرنسا والمفاوضون إلى نيويورك

وكان لقاء أمانو مع أعضاء لجنة الإشراف على الاتفاق النووي من أبرز اجتماعاته في طهران، إذ تبحث اللجنة البرلمانية المكوّنة من 15 نائباً، حالياً تفاصيل الاتفاق. وستقدّم اللجنة تقريرها خلال أسبوع كحدٍّ أقصى، لتُبدي اللجنة العليا للأمن القومي وجهة نظرها الرسمية حول الاتفاق.

وتضمّن لقاء أمانو مع لجنة الإشراف بحث التفاصيل المتعلقة بخارطة العمل المشترك، والتي قال عنها بعض النواب إنها "تحتوي بنوداً سريّة متعلقة بتفتيش موقع بارتشين"، الذي تشكّ الوكالة بوجود نشاط نووي داخله، بينما تنفي إيران الأمر وتقول إنه موقع عسكري، ويرفض النواب الدخول إليه.

وعن الاجتماع مع أمانو، نقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عن رئيس اللجنة علي رضا زاكاني، قوله بأنه "نقل لأمانو أهمية مجلس الشورى الإسلامي كسلطة تشريعية، تملك الحق بأن تُبدي رأيها حول ملفات البلاد المصيرية". وأشار إلى أن "أعضاء اللجنة اختارهم الإيرانيون أنفسهم ليمثلوهم في البرلمان".

وأبدى زاكاني، والذي يُعدّ أحد أعضاء اللجنة المحافظين، قلقاً من نشاط الوكالة الدولية ورأيها حول برنامج إيران النووي، فاعتبر أن "الوكالة حرمت إيران من أبسط الخدمات والحقوق القانونية لهذا البلد، فعندما احتاجت طهران للنظائر المشعة لعلاج الأمراض لم تزوّدها بها، وهو ما أدى لإغلاق 130 مركزاً للطب النووي". ويضيف "لم تُقدّم تسهيلات لإيران للحصول على الوقود النووي المخصّب بنسبة 20 في المائة لمفاعل طهران حين احتاجت له في السابق"، معتبراً أن "هناك أزمة ثقة بين إيران والوكالة التي لم تساعد البلاد حين احتاجتها".

ورغم أن الاجتماع جرى خلف أبواب مغلقة، لكن المعنيين في إيران يعلمون أن أمانو يتحضّر لإصدار تقرير جديد حول برنامج طهران النووي، وهو سبب زيارته للبلاد. كما يدركون بأن خارطة العمل المشترك، تحوي بنوداً ترتبط أساساً بمواد أخرى جاءت في الاتفاق النووي.

وبين إيران والوكالة اتفاق أُعلن عنه عقب الإعلان عن التوصل لاتفاق جنيف المؤقت عام 2013. ويتضمن الاتفاق 17 نقطة، موزّعة على أربع مراحل، طبّقتها إيران جميعاً، وفق ما نقلت تقارير الوكالة الصادرة سابقاً، باستثناء نقطتين، منها ما يتعلق بإجراء تجارب تحاكي تفجيرات نووية في موقع بارتشين، ومنها ما يتعلق بإجراء اختبارات على صواعق متفجرة. وما زال أمانو وغيره من المفتشين والمسؤولين في الوكالة يبحثون الأمر مع المعنيين في إيران.

لكن بعد الإعلان عن اتفاق فيينا النووي، في 14 يوليو/ تموز الماضي، أعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي ومعه أمانو، عن التوصل لخارطة عمل مشتركة، وهي الخارطة المرتبطة بشكل رئيس بهذا الاتفاق، وفيها نقاط تتعلق بتفتيش بعض المواقع العسكرية، وهو الأمر الذي لطالما كان ملفاً خلافياً مع إيران.

وتُعتبر الوكالة المنظمة المعنية بالإشراف على تطبيق الاتفاق، فهي التي ستؤكد "ترقيق" إيران لليورانيوم العالي التخصيب الذي تمتلكه، وستضمن تفكيك أجهزة الطرد المركزي الإضافية في مفاعلي فردو ونتانز، كما ستشرف على تطبيق البروتوكول الإضافي بحال انضمت إليه طهران، كما تضم الخارطة بنوداً تتعلق بالرقابة وبالتفتيش.

وبعد زيارة أمانو، يفترض أن يقدم تقريره، كما يفترض أن تحل طهران مسألة بارتشين قبل نهاية العام الحالي، وفق ما أعلن مسؤولوها كما مسؤولو الوكالة. وإلى ذلك الحين، تحاول البلاد تركيز جهودها داخلياً، في محاولة لتمرير الاتفاق الذي انهالت عليه بعض الانتقادات من قبل الطيف المتشدد.

اقرأ أيضاً: إيران تعلن عن عقودها النفطية الجديدة خلال أسابيع
المساهمون