خانيونس... موجة نزوح جديدة بفعل التهديدات الإسرائيلية

02 يوليو 2024
فلسطينيون ينزحون من شرقي خانيونس بعد أوامر الاحتلال، 2 يوليو 2024 (علي جاد الله/الأناضول)
+ الخط -

أعاد الاحتلال الإسرائيلي تكرار عمليات النزوح لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الموجودين في المناطق الشرقية لمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، بعد أن طالبهم بالنزوح نحو منطقة المواصي في المدينة نفسها على نحوٍ مفاجئ. وبرر الاحتلال الإسرائيلي قراره بادعاء إطلاق الصواريخ من المناطق الشرقية لخانيونس نحو مستوطنات غلاف غزة، على الرغم من أن الواقع الميداني مغاير تماماً للمزاعم الإسرائيلية في التعامل الميداني مع الأحداث.

وأعاد تعامل الاحتلال الإسرائيلي المفاجئ مع ما يجري في المناطق الشرقية لمدينة خانيونس تكرار نماذج مماثلة جرت خلال الحرب المتواصلة على القطاع للشهر التاسع، مثلما جرى في جباليا، أو حيي الزيتون والشجاعية، وغيرها من المناطق. ومساء الاثنين، تلقى مئات المواطنين في مناطق الفخاري، والمنارة، وخزاعة، وعبسان الكبيرة، وبني سهيلا، والقرارة، وأم النصر، اتصالات مسجلة تحمل تهديداً إسرائيلياً واضحاً لهم ودعوة بالنزوح نحو ما يسميه الاحتلال "المنطقة الآمنة" غربي خانيونس.

وبالإضافة إلى الاتصالات، نشر الاحتلال تحذيرات عبر المنصات التابعة لقوات جيشه، بالإضافة إلى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية، بناء على خريطة يقسّم فيها الأحياء السكنية في القطاع إلى أرقام اعتاد على اتباعها منذ بداية العملية البرية في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفور تلقي المواطنين هذه الرسائلَ، باشر الجميع بإخلاء المنطقة، بما في ذلك المستشفى الأوروبي الذي جرى إفراغه من المرضى والجرحى والمعدات الطبية، نحو مستشفى ناصر الواقع وسط خانيونس، في ظل التهديدات الإسرائيلية.

وانتشر الآلاف من المواطنين في الشوارع والأزقة بحثاً عن ملجأ لهم، في ظل تكرار نزوحهم، علماً أن غالبيتهم سبق أن نزح نحو وسط القطاع ورفح خلال فترة العملية العسكرية في مدينة خانيونس وعاد بعد انتهائها. وكانت ليلة الاثنين-الثلاثاء الأصعب عليهم، حيث اضطرت شريحة واسعة منهم إلى المبيت في الشوارع والطرقات العامة، في ظل عدم وجود مكان يبيتون فيه ليلتهم، في حين انتظر البعض الآخر حتى الصباح لتقييم الموقف واتخاذ قرار النزوح.

وبحسب تقارير أممية صادرة عن الأمم المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإنه لا توجد أي منطقة آمنة في القطاع، إذ سبق أن قصف الاحتلال المناطق التي يدعو النازحين إلى الذهاب نحوها، كما جرى في مناطق مواصي رفح وخانيونس. ويتم تقسيم المناطق الشرقية لخانيونس إلى 7 بلديات وفقاً للتقسيم الإداري المتبع في القطاع، حيث طاول الإخلاء منها 6 بلديات وهي: الفخاري، خزاعة، عبسان الكبيرة، عبسان الجديدة، بني سهيلا، القرارة.

في السياق، يقول الفلسطيني رشاد المدهون إنه نزح من منطقة مدينة حمد شرقي مدينة خانيونس نحو المناطق الغربية، حيث اضطر إلى المبيت في الشارع حتى يستطيع توفير أي بديل بعد قرار الاحتلال تنفيذ عملية عسكرية. ويضيف المدهون لـ"العربي الجديد"، أن الواقع المعيشي للسكان صعب وقاسٍ للغاية، نتيجة لتكرار النزوح لأكثر من 6 مرات لبعض السكان، في حين وصل العدد عند البعض الآخر إلى 10 مرات، في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

ووفق النازح الفلسطيني، تعاني العائلات الإرهاق والتعب النفسي والجسدي في ظل الحرب الإسرائيلية، وفي ظل نقص كل مقومات الحياة، وغياب المساعدات الغذائية، وعدم وجود مصادر دخل مالية. ويضيف أن حياة النزوح صعبة وقاسية، ولا سيما أن الخيام غير متوفرة، فضلاً عن الشح الكبير في الموارد المائية، وصعوبة توفيرها، وعدم وجود دورات مياه، والتكدس الشديد في مناطق النزوح في القطاع.

أما الفلسطيني محمد نضال، فاختار مع عائلته التريث قليلاً قبل النزوح نحو المناطق الغربية لخانيونس، ولا سيما مع نزوح الآلاف في ساعات مساء الاثنين، وصعوبة الحركة، وغياب وسائل النقل المتاحة. ويقول نضال لـ"العربي الجديد"، إنه قرر النزوح صباح اليوم الثلاثاء من المناطق الشرقية لخانيونس نحو المناطق الغربية في المواصي، بعد عدم استطاعته توفير وسيلة نقل نظراً إلى الأعداد الكبيرة التي نزحت في الساعات الأولى التي تلت التحذير الإسرائيلي.

ويؤكد أن الطلب الإسرائيلي بالإخلاء كان صادماً، ولا سيما أن الاحتلال تحدث كثيراً عن قرب انتهاء المرحلة الحالية من الحرب، والانتقال نحو المرحلة الثالثة التي تشهد اعتماداً أكبر على القصف الجوي. وخلال اليومين الماضيين، تحدث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومسؤولون في المؤسستين العسكرية والأمنية عن اقتراب الحرب من الانتهاء بشكلها الحالي، واللجوء إلى المرحلة الثالثة التي تستند إلى القصف الجوي وتنفيذ عمليات خاطفة.

المساهمون