أناكوندا... أضخم استعراض لقوة "الأطلسي" في وجه الاستفزازات الروسية

07 يونيو 2016
30 ألف جندي يشاركون في مناورات أناكوندا 16(ماتيوز لودارشيك/Getty)
+ الخط -
انطلقت أمس الثلاثاء أضخم مناورات عسكرية لـ"حلف شمال الأطلسي" منذ انتهاء الحرب الباردة، والتي تجري تحت اسم "أناكوندا 16" في بولندا، بمشاركة أكثر من 30 ألف جندي من 24 بلداً من الحلف وخارجه.

وتسبق هذه المناورات، والتي تستمر 10 أيام وتنتهي باستعراض في وارسو، في السابع عشر من الشهر الجاري، موعد قمة الحلف المرتقبة الشهر المقبل. الغاية من المناورات تتمثل بـ"استعراض قوة وترسانة أحدث ما في جعبة الحلف بوجه روسيا"، على حد قول أحد الخبراء الذي رأى أن "الحلف في ضجيجه المرافق لمناورات وتدريبات أناكوندا يريد أن يُفهِم روسيا بأن دول حلف شمال الأطلسي تقف كتفاً إلى كتف مع دول البلطيق".

وستقوم القوات المشاركة في مناورات وتدريبات "أناكوندا" بإظهار القدرات العسكرية للحلف، مثل إقامة جسور مؤقتة وبسرعة فائقة فوق الأنهر، فضلاً عن مشاركة الآلاف من قوات المظليين الذين سيقومون بالقفز في فضاء بولندا ليلاً. ويضاف إلى كل ذلك هجمات ضد طائرات هيلوكبتر لعدو مفترض. ولا تقتصر المشاركة في هذه المناورات العسكرية على نوع محدد من ترسانة الأسلحة الحديثة التي يمتلكها "حلف شمال الأطلسي"، فتشارك طائرات حربية متنوعة في عملية استعراض القوة، وكذلك قاذفات "بي 52" الأميركية في مناورتين، بالإضافة إلى المشاركة الضخمة للمدرعات العسكرية.

والدول المشاركة إلى جانب الولايات المتحدة هي ألبانيا وبلغاريا وكندا وفنلندا ودول البلطيق وبولندا ورومانيا والسويد، البلد غير العضو في الحلف، والذي يبدو أنه خرج عن سياسة الحياد طيلة قرنين من الزمن بسبب شعوره بالتهديد الروسي، وكذلك بمشاركة تركيا وهولندا وأوكرانيا، وهو أمر لافت، بالإضافة إلى بريطانيا.

ووفقا لتقدير الباحث في مركز "دراسات الحروب" بجامعة أودنسه الدنماركية، يانس رينغموسا، فإن هذه المناورات هي الأضخم منذ أن انطلقت أناكوندا في 2006، وتأتي في سياق إظهار القوة بوجه روسيا". ويضيف بأنه "إذا قامت الأخيرة بأي هجوم يستهدف البلطيق فلن تكون على التوابيت فقط أعلام أستونية وليتوانية ولاتفية، بل ستكون أيضا أعلام أميركية وفرنسية وبريطانية. وهي رسالة واضحة بأن دول البلطيق وغيرها لن تترك (للرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وتصرفاته كما فعل في شبه جزيرة القرم".

ويعتقد الباحث في سياسات الأمن، كريستيان سوبي كريستيانسن، من كلية العلوم السياسية في جامعة كوبنهاغن، أن "تجميع 30 ألف جندي في بولندا هي رسالة سياسية لا تخطئها العين ولا يتجنبها العقل المحلل، وهي رسالة واضحة لروسيا". ولا يخفي هؤلاء المطلعون، لاسيما من الأكاديميات العسكرية في دول شمال أوروبا، بأن المشهد بات يتعلق بحلف شمال أطلسي مختلف عما كان عليه بعد انتهاء الحرب الباردة، "فهو يقيم تحالفات مع دول من خارج الحلف ويتجه نحو سباق تسلح محموم، واتخذ قراراً بوضع كتائب عسكرية في دول قريبة من الحدود الروسية".


ولم يتم اختيار بولندا من باب الصدفة ومن دون عناصر ساهمت بالتوطئة لهذا الخيار. ذلك أن القلق البولندي والشعور بالتهديد من التصرفات والتصريحات الروسية، تصاعدا بعد ضم القرم لروسيا، كما أن وراسو بنفسها طلبت نشراً دائماً لقوات من "حلف شمال الأطلسي" على أراضيها وفي المناطق المحاذية. فكاليننغراد تشكل صداعاً أمنياً بالنسبة لبولندا بعدما حولت موسكو هذا الجيب إلى ما يشبه معسكراً ضخماً، تنطلق منه معظم الأعمال الاستفزازية بوجه بولندا ودول البلطيق والشمال.

استعراض العضلات العسكرية بوجه روسيا "لا يمكن أن يمر بدون ردة فعل سياسية أو عسكرية من الكرملين"، على حد قول الباحث كريستيانسن. في هذا الإطار، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، تعليقات تشير إلى أن الروس لا يأبهون ولا يخافون من "حلف شمال الأطلسي. ومنذ الثاني من هذا الشهر يركز المعلقون الروس على أن "بولندا تلعب لعبة خطيرة بنشر قوات من الحلف على أراضيها". ويسخر المحلل الروسي من مركز "الدراسات الاستراتيجية والتكنولوجية"، ايفان كونوفالوف، من الكلام القائل إن "حلف شمال الأطلسي يمكن أن ينتصر على روسيا في دول البلطيق في حال قررت اجتياحها". لكن المحلل الروسي يعترف قائلا: "بكل وضوح سنرى المزيد من قوات الناتو تنتشر في بولندا بعد قمة الحلف في 8 و9 يوليو/ تموز المقبل".

وتأتي هذه مناورات العسكرية، والتي انطلقت أمس، قبل شهر من انعقاد قمة "حلف شمال الأطلسي" في وارسو، والتي ستُناقش فيها مسائل تتعلق بكمية وحجم القوات والأسلحة التي ستُنشر في الدول الأعضاء المحاذية لروسيا مع تحديد دقيق لمكان انتشارها.

المساهمون