فرنسا: البرلمان يقرّ قانون "مكافحة الشغب" الذي يحظر التظاهر

31 يناير 2019
حاول نواب الأغلبية إبعاد شبهة حظر التظاهر(Getty)
+ الخط -

كان من مصلحة الحكومة الفرنسية الخروج بقانون متشدد في ما يخصّ "مثيري الشغب"، رغم الاختلافات الكثيرة داخل الأغلبية الرئاسية، ولهذا السبب صوّت البرلمان الفرنسي، مساء أمس الأربعاء، على قانون يتضمن بنوداً تحظر التظاهرات في بعض الحالات والمواقف.

ومنح البند الثاني في القانون الجديد، وُلاة الأمن في فرنسا، الحقّ في اتخاذ قرارات بحظر التظاهُر. ويتعلق الأمر بصلاحية الولاة في منع بعض المواطنين من المشاركة في تظاهرات. وكان القضاة وحدهم، في السابق، من يحق لهم، اتخاد هذا الإجراء كقرار مُكمِّل للإدانة.

ويعتبر هذا البند بالغ التشدد، بالرغم من أن حظر التظاهُر لا يشمل سوى "بضع مئات"، باعتراف وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير نفسه، الذي شدد على أن هذا البند "يَضمن حق التظاهر".

تجدر الإشارة إلى أن البند الجديد، أي بند الحظر الإداري للتظاهر، تضمَّنَه مشروع القانون الذي صوّتت عليه الأغلبية اليمينية في مجلس الشيوخ. وإذا كانت الطبعة الأولى من هذا البند، أي طبعة اليمين في مجلس الشيوخ، أكثر زجرية، فإن الأغلبية الرئاسية استطاعت تضمينه "إضافات قانونية وعملياتية"، إذ حسب البند الجديد "وحدهم الأفراد الذين يمثلون تهديداً بالغ الخطورة على النظام العمومي"، هم مَن سَيتم مستقبلاً حظر مشاركتهم في تظاهرات. وفي حالة ارتكابهم لمخالفة، فالعقوبة تصل إلى ستة أشهر سجناً، و7500 يورو غرامة.

وفي محاولة من نواب الأغلبية لإبعاد شبهة حظر التظاهر، وهو حق دستوري، تمت إضافة "معايير موضوعية"، فالشخص الذي ينطبق عليه هذا القانون هو المتهم بـ"الاعتداء على سلامة الأشخاص الجسدية وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات"، أو "ممارسة عنف"، أثناء تظاهرات سابقة.


وفي حالة وجود مخاطر من مشاركة هؤلاء الأشخاص في تظاهرات وتجمعات أخرى، يستطيع القاضي حظر تواجدهم في أي تظاهرة على المستوى الوطني في غضون شهر. لكن هؤلاء الأشخاص الذين يتعرضون للحظر، وبفضل تعديلٍ تقدم به نائب من الأغلبية الرئاسية، يستطيعون رفع دعوى عاجلة أمام القضاء الإداري.

وقد تم إقرار هذا القانون، رغم معارضة شرسة من طرف المعارضة اليسارية. وقد رأت فيها حركة "فرنسا غير الخاضعة" التي يقودها جان لوك ميلانشون "هجوماً على الحريات الأساسية لعموم الشعب"، كما رأت في هذا البند من القانون الجديد إدخالاً لإجراء لا يُسمَح به سوى في إطار حالة الطوارئ، ورأى فيه الشيوعيون "قانونا ظرفيا"، من أجل مواجهة السترات الصفراء.


من جهته، اعتبر اليمين المتطرف أن هذا القانون، الذي يَحدّ من حرية التظاهر، يذكّر بقوانين نظام "فيشي" العميل، في حين أن حزب "الجمهوريين" اعتبره دون المستوى المطلوب، منتقداً الإضافات والتعديلات التي مسّت نص وروح القانون، كما صوَّت عليه مجلس الشيوخ.

كما صوّت مجلس النواب على خلق "جنحة إخفاء الوجه" في التظاهرات، وقد ورد هذا البند في قانون "مكافحة الشغب"، الذي أقرته الأغلبية اليمينية في مجلس الشيوخ، ولم يتم بعدُ مناقشته، ويعرّض هذا القانون الأشخاص المدانين بـسنة سجناً و15 ألف يورو غرامة، ولكن الأغلبية الرئاسية حاولت تلطيفه، بموافقة الحكومة، وسيكون على الشخص أن يقدّم "مبررا شرعيا" لإخفائه وجهه.     

ولأنّ مجلس النواب لم يَنته بعد، رغم تواصل النقاشات إلى الواحدة من صباح الخميس، من دراسة عدد من التعديلات التي تقدم بها كثير من نواب المعارضة والحكومة، فإنه سيواصل، هذه الأيام مناقشته، قبل تصويت أوّلي، بعد إنهاء قراءته الأولى، يوم الخامس من شهر فبراير/شباط القادم.    ​