خسائر النظام تضعه خارج سباق الشمال السوري... حلب نموذجاً

11 يونيو 2016
كبّدت المعارضة السورية النظام خسائر في حلب (عبدالرحمن خضر/الأناضول)
+ الخط -
تتواصل خلال الأيام الأخيرة المواجهات بين قوات "سورية الديمقراطية"، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وفصائل المعارضة السورية، على خطوط النار، في ريف حلب (شمال غرب سورية). وباتت هذه الخطوط تتغيّر بسرعة في الوقت الذي تقف فيه قوات النظام عاجزة عن فرض نفسها طرفاً مؤثراً في الصراع الجاري هناك. كما تتكبّد قوات النظام مع حلفائها المزيد من الخسائر في ريف حلب، بالتزامن مع تكرار فشلها في تحقيق أي تقدم على جبهات القتال شمال أو جنوب المدينة.

وتعرّضت قوات النظام السوري، أول من أمس الخميس، لضربتَين أثناء المواجهات مع فصائل المعارضة في ريفَي حلب الشمالي والجنوبي. وحاولت قوات النظام، يوم الخميس، إنجاز خرق على جبهات القتال على أطراف مدينة حلب الشمالية، تحديداً في منطقة الملاح المتاخمة مباشرة لأوتوستراد الكاستلو، خط الإمداد الوحيد الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة في حلب بمناطق سيطرتها في ريفها، في محاولة منها لقطع هذا الطريق، وفرض حصار على المعارضة، لكن الأخيرة صدّت الهجوم.

وأصدرت المعارضة، متمثلة بحركة نور الدين زنكي، وباقي الفصائل المعارضة المتمركزة في حلب، بياناً، يتحدث عن غنائمها في المعركة وعن خسائر قوات النظام فيها. وأعلن بيان حركة "الزنكي" أن عناصرها تمكّنت من استرجاع جميع النقاط التي تقدمت فيها قوات النظام، و"لواء القدس" المكوّن من مقاتلين فلسطينيين موالين للنظام. كما قُتل خمسون عنصراً من القوات النظامية وحلفائها، وتمكّنت المعارضة من السيطرة على دبابة حديثة من طراز تي 72 معدلة، وفقاً للبيان. ونجحت المعارضة في هذا التقدم على الرغم من القصف الجوي العنيف الذي شنته الطائرات النظامية والروسية لمؤازرة القوات البرية التابعة للنظام.

وجاء اختيار قوات النظام السوري لجبهة الملاح بعد فشلها مراراً في إحراز أي تقدم على جبهة حندرات القريبة من أوتوستراد الكاستلو، والتي تكبدت فيها خسائر فادحة خلال محاولاتها الفاشلة للسيطرة عليها خلال الشهرين الماضيين. كما تمكّنت المعارضة، متمثلة بـ"جيش الفتح"، من صدّ الهجوم الكبير الذي شنّته المليشيات الأجنبية التي تقاتل لصالح النظام السوري في ريف حلب الجنوبي، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، وحركة النجباء العراقية، ولواء فاطميون، على قرية الحميرة التي تسيطر عليها المعارضة، منذ تقدمها الأخير، الأسبوع الماضي، في منطقة خان طومان.

ونجحت المعارضة، بحسب مصادر ميدانية جنوب حلب، في التصدي للهجوم لتبدأ بعد ذلك باستغلال تخلخل خطوط قوات النظام الخلفية، مع تكبدها عدداً كبيراً من القتلى والجرحى، لتشنّ هجوماً معاكساً تمكّنت على أثره من السيطرة على قرية القراصي، ذات الأهمية الاستراتيجية بسبب إشرافها على مناطق سيطرة النظام في منطقة الوضيحي، عند مدخل مدينة حلب الجنوبي. وبث نشطاء إعلاميون مقربون من "جيش الفتح" تسجيلاً مصوّراً داخل قرية القراصي يظهر فيه مقاتلو "الفتح" يحتجزون خمسة أسرى عراقيين من مقاتلي حركة النجباء، عرّفوا عن أنفسهم بأن اثنين منهم من مدينة البصرة، واثنين آخرين من العاصمة العراقية بغداد، وآخر من محافظة بابل العراقية.






كما أعلنت الفرقة الشمالية، التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، أنّها تمكنت خلال المعارك الجارية في ريف حلب الجنوبي، يوم الخميس، من تدمير دبابة لقوات النظام على جبهة قرية القراصي بصاروخ تاو أميركي الصنع، قبل السيطرة على القرية. كما دمّرت الفرقة الشمالية قاعدة إطلاق صواريخ لقوات النظام في قرية خلصة القريبة، والتي تسعى المعارضة للسيطرة عليها منذ أيام، لقطع آخر خطوط إمداد قوات النظام إلى بلدة زيتان التي يتمسك بها النظام قرب أوتوستراد حلب دمشق الدولي. وتسعى المعارضة إلى طرد قوات النظام من زيتان لإنهاء تهديدها للطريق الهام بالنسبة للمعارضة.

وتشير كل هذه التطورات إلى حالة انعدام الفاعلية الميدانية التي وقعت فيها قوات النظام السوري في ريف حلب منذ نجاحها في التقدم بريف حلب الشمالي، في فبراير/ شباط الماضي. ويرجح مراقبون أنّ هدف الاجتماع الذي جرى، أخيراً، في طهران بين وزير دفاع النظام السوري، فهد جاسم فريج، ونظيره الإيراني، حسين دهقان، والروسي، سيرغي شويغو، هو التشاور بشأن وصول قوات النظام السوري إلى حائط مسدود مقابل نجاح المعارضة في ريف حلب، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ويتوقع هؤلاء المراقبون أن تكون طاولة طهران الثلاثية قد بحثت بالفعل مدى إمكانية تنفيذ عمليات جديدة في كل من حلب والرقة، إذ تحتاج قوات النظام السوري إلى غطاء جوي روسي كثيف لتتمكن من تحقيق تقدم ملموس على جبهات القتال ضد المعارضة في حلب وضد "داعش" في ريف الرقة.

ويجري كل ذلك في الوقت الذي تواصل فيه قوات "سورية الديمقراطية" تقدمها في ريف حلب الشرقي، على حساب "داعش". واستفادت قوات "حماية الشعب" الكردية، شمال منبج، من الغطاء الجوي للتحالف الدولي، لتتقدم نحو غرب منبج، وتقطع بالتالي آخر خطوط إمداد التنظيم إلى المدينة. وسيطرت القوات الكردية على قرية السعيدية على طريق منبج حلب الدولي، وقرية العوسجلي، جنوب غرب منبج، إلى الشرق من بلدة العريمة، شمال شرق مدينة الباب التي يسيطر عليها "داعش".

وبذلك، سقط "داعش" المتمركز في مدينة منبج في حصار مُطبق، الأمر الذي يشير إلى قرب نشوب حرب شوارع دخل أزقة المدينة، مع أي تسلل لقوات "سورية الديمقراطية" إليها. لكن هذا الأمر سيكبّد "سورية الديمقراطية" خسائر كبيرة، ما قد يدفعها إلى تأجيل هذا الاقتحام، حالياً، لإعطاء أولوية لمزيد من التقدم داخل مناطق سيطرة "داعش" في ريف حلب الشرقي، وتحديداً باتجاه مدينتَي الباب وجرابلس اللتين لا تزالان تحت سيطرة التنظيم.