تسويات غربية للانقلاب النفطي... وحفتر يتحدث عن "جيش جديد"

13 سبتمبر 2016
الخطوة لا يمكن أن تتم بدون موافقة دولية(عبدالله دوما/الأناضول)
+ الخط -



في أول موقف دولي معلن إزاء الأحداث في الهلال النفطي، طالبت حكومات دول فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، جميع القوات العسكرية التي سيطرت على الهلال النفطي بالانسحاب "فوراً" من دون شروط مسبقة.

يأتي هذا الموقف بعد فترة من الصمت حيال سيطرة قوات خليفة حفتر على الهلال النفطي؛ وبحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن التغير في موقف هذه الدول، الداعم لحفتر، جاء بعدما استعان الأخير بمليشيات أفريقية وتحديداً سودانية وتشادية، وهو ما أزعج دولاً غربية.

وطالبت الدول الست، في بيان مشترك، في وقت متأخر ليل أمس الإثنين، جميع الأطراف بوقف فوري لإطلاق النار، وتجنيب البنية التحتية للطاقة في ليبيا تداعيات القتال.

والموقف الدولي، الذي تأخر أكثر من 48 ساعة، واكبه صمت غريب من قيادات الفصائل الليبية، ولا سيما قيادات مصراتة الأقوى عسكرياً وسياسياً في غرب البلاد، بالإضافة لأطراف أخرى، ولعلّ ما يزيد الأمر غموضاً، هو أنّه لم يصدر أي تصريح أو ظهور علني حتى الآن لرئيس حرس المنشآت النفطية، إبراهيم جضران.

ويرى مراقبون للشأن الليبي أن خطوة قائد جيش البرلمان، خليفة حفتر، باقتحام أكثر المناطق أهمية، وبهذه السرعة الكبيرة؛ لا يمكن أن يتمّ من دون ضوء أخضر من المجتمع الدولي، الذي يعرف جيداً أن إخراج مسلحين من داخل منشآت نفطية أمر صعب للغاية في حال تحصنّها فيها، وبالتالي لا يعدو أن يكون بيان الدول الست سوى تعمية على دورها الحقيقي لتنفيذ قرارها المجمَع عليه، والذي يقضي بإيجاد دور لحفتر ضمن حكومة الوفاق.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، قد شدد أخيراً، على ضرورة إيجاد دور لحفتر في الهيكلة الموحدة الجديدة للجيش الليبي.

وفي تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، قال حفتر إن "الأيام المقبلة ستشهد الدخول في مرحلة ترتيبات شاملة لتوحيد كل القوى المسلحة خارج إطار الشرعية، تحت راية واحدة هي الجيش الوطني الليبي".

لكن مصدراً مقرباً من "البرلمان" كشف لــ"العربي الجديد" أن الخطة الدولية التي تقضي ببسط حفتر سيطرته على مواقع النفط في الهلال لم تجرِ كما خُطط لها.

وقال: "دخول مليشيات سودانية متمردة ضمن قوات حفتر أزعج دولاً غربية"، لافتاً إلى أنّ دولاً قد تغير موقفها من حفتر، فقد طلبت إيطاليا من فرنسا أن تضغط على حفتر من أجل إخراج مليشيات سودانية وتشادية متمردة ضمن قواته.

ونقلت وسائل إعلام إيطالية عن وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، اليوم الثلاثاء، إن مليشيات سودانية هي من نفذت الهجوم على ميناء السدرة وراس لانوف، مطالباً بضرورة انسحاب هذه المليشيات من مواقع النفط.

وبحسب المصدر ذاته، فإن قوة مؤلفة من مقاتلين تابعين لحركة "العدل والمساواة" السودانية، وآخرين مقربين من الرئيس التشادي، إدريس ديبي، كانت تعسكر بمنطقتي زلة ومرادة، هي من سيطرت على مينائي السدرة وراس لانوف، ولا تزال تعسكر داخلهما، وهو ما أنكرته قيادة حفتر.

وأوضح المصدر أن حفتر لم يكن لديه خيار؛ فقواته، كونها لا تملك خلافات مع أي جانب قبلي، تمكّنت من الاعتماد على دعم القبائل لاستدعاء العناصر الأفريقية الأجنبية. 

وكشف أن زعامات قبيلة "المغاربة"، التي يتحدر منها رئيس حرس المنشآت النفطية، وافقت على تسليم السدرة وراس لانوف لأي قوة تابعة لحفتر، بشرط ألا يكون من بينها مقاتلون من قبيلة "الزوية"، خصمها التاريخي.

ومضى قائلاً: "حفتر لا يمتلك أي قوة بتلك المناطق يمكن أن تعوضه عن مقاتلي الزوية، فلم يكن لديه بد من الاستعانة بأصدقائه القدامى، وهم المتمردون من تشاد والسودان، وبالطبع بمساعدة فرنسية".

وبيّن أن "ما حدث هو تدخل زعيم قبيلة المغاربة، الذي طالب مسلحي حرس المنشآت النفطية، الذين يتحدرون من قبيلته، بالانسحاب من الموانئ وتسليمها لقوات حفتر"، مشيراً إلى أن البرلمان سيعيّن ناجي المغربي نائباً لرئيس مؤسسة النفط.

وذكر أنه: "حتى تتم تسوية الخلاف في كواليس اجتماعات الدول الغربية بين إيطاليا وفرنسا؛ لن يكون هناك موقف واضح حيال الوضع في الهلال النفطي"، مؤكداً أن إيطاليا، ومن ورائها الولايات المتحدة، ترفضان انفراد فرنسا بالأمر في الهلال النفطي، من خلال مليشيات المتمردين الأفارقة الذين تدعمهم.

وختم: "الدول الكبرى ستمنع وقوع أي حرب أهلية في المنطقة، وأزمعت على فرض المجلس الرئاسي على جميع الأطراف، ولكن الوضع الحالي الغائم لن ينجلي إلا بعد تسوية الخلافات الدولية المبنية على رفض انفراد فرنسا بالحصّة الأكبر في الهلال النفطي".