مخاوف من تبعات تأخر الحسم في الفلوجة

12 يونيو 2016
الوقائع الميدانية تشير إلى طول أمد المعركة(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -


20 يوماً مرّت على إطلاق الحكومة العراقيّة معركة تحرير الفلوجة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، وعلى الرغم من الإعداد الكبير للمعركة وكثافة القوات المشاركة فيها من جيش وشرطة وقوات مكافحة الإرهاب والقوات العشائريّة وفصائل مليشيات "الحشد الشعبي" وطيران عراقي ودولي، إلا أنّ الوقائع الميدانيّة تؤشر إلى طول أمد هذه المعركة.
ووفقاً للمنظور العسكري فإنّ طول المعركة مسألة معتادة، والنتائج المرجوّة منها أهم من سرعة الحسم، لكن معركة الفلوجة "الحساسة" تختلف عن غيرها من المعارك الأخرى؛ إذ إنّ تأخر حسمها يعني منح فرصة أطول للمليشيات لتنفيذ أعمالها الانتقامية على حساب المدنيين الذين يحاولون الخروج من المدينة. وحتى الآن لم يستطع نحو 50 ألف مدني من الخروج من المدينة، مفضّلين البقاء داخلها بسبب الخوف من الاعتقال والتنكيل بهم على يد مليشيات "الحشد الشعبي" التي تحيط بالمدينة من أغلب محاورها، ليبقى خيار الموت داخل المدينة أسهل الخيارين بالنسبة للمدنيين.
ويقول الشيخ غانم العيفان، وهو أحد شيوخ محافظة الأنبار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "معركة الفلوجة معركة صعبة جداً، وتحتاج إلى وقت طويل لحسمها". ويوضح العيفان أنّ "القوات العراقيّة تقاتل في جميع المحاور حول الفلوجة، في المقابل فإنّ تنظيم "داعش" يدافع بشدّة ويستخدم كافة الوسائل لصدّ الهجوم".
ويشير إلى أن "الإعلام الحكومي يبالغ كثيراً، إذ يتحدّث عن سهولة المعركة والتقدّم المستمر والهروب المتواصل لداعش، وأنّ التنظيم لا يواجه ولا يشتبك وفقَد زمام المبادرة بشكل كامل"، معتبراً أنّ "هذه الأخبار هي فقط لتقوية عزيمة المقاتلين وتأتي ضمن سياق الحرب الإعلاميّة ضدّ داعش". ويقول "إننا على تواصل مع القادة الميدانيين الذين يؤكدون أنّ المعركة صعبة للغاية، وأنّ اختراق الفلوجة ليس بالأمر السهل خصوصاً مع قوة التنظيم الذي وضع خططاً محكمة للدفاع عن المدينة ومنع اختراقها، ويشتبك اشتباكات عنيفة مع القوات العراقيّة ويقاتل بشكل مستميت".
ويشدد العيفان على ضرورة الحسم السريع للمعركة، لافتاً إلى أن "الحسم يحتاج إلى زيادة الاستعانة بالقدرات الأميركية، وهناك مساعٍ للاستعانة بطائرات الأباتشي الأميركيّة للتدخّل وضرب خطوط صد داعش حول المدينة"، مشيراً إلى أن "أهداف الأباتشي وضرباتها دقيقة جداً ولها القدرة على فتح فجوات في تلك الخطوط وفتح الطريق للقوات العراقيّة لاختراق المدينة". ويقول إن "داعش ليس عدواً تقليدياً ويحتاج إلى تعاون وقوة وتخطيط لتحقيق الانتصار عليه"، مؤكداً أن "التنظيم يستخدم كافة الوسائل والخطط المعدّة سلفاً لمنع اختراق المدينة".


من جهته، يرى الشيخ حامد العيثاوي، وهو أحد قادة العشائر المتصدية لـ"داعش" في الأنبار، أن "تأخير حسم معركة الفلوجة يعني منح فرصة أكبر لمليشيات الحشد الشعبي لتنفيذ أجندتها والإيقاع بأكثر عدد ممكن من المدنيين". ويشير العيثاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "معركة الفلوجة المثيرة للجدل تختلف عن أية معركة أخرى"، موضحاً أن "المليشيات تعتبر المدينة عاصمة المكوّن السني، وأنّها (المليشيات) ألقت بكل ثقلها لارتكاب الانتهاكات وتنفيذ الأجندات الخاصة من خلال أعمال القتل والخطف والتفجير وما إلى ذلك من انتهاكات ترتكبها حالياً في المدينة وفي المناطق المحيطة بها".
ويلفت العيثاوي إلى أن "كافة المعارك التي خاضتها القوات العراقيّة والعشائر في هيت والرمادي وحديثة وغيرها من مناطق المحافظة لم يحسب فيها حساب لعامل الزمن بقدر حساب النتائج والحفاظ على حياة المدنيين والعسكريين، لكنّ وضع الفلوجة مختلف عن تلك المناطق". ويوضح أنّ "مشاركة مليشيات الحشد و(قائد فيلق القدس) قاسم سليماني وكافة فصائل المليشيات الموالية لإيران، يضعنا اليوم أمام تحدٍ كبير ويحتّم علينا إنقاذ أهلنا في الفلوجة الذين يفضّلون الموت داخل المدينة على القتل والتعذيب على يد المليشيات"، مشدداً على "أهمية زيادة الدعم الأميركي في المعركة ودخول طائرات الأباتشي لحسم المعركة وإنقاذ المدنيين من سطوة المليشيات الطائفيّة". ويدعو حكومة الأنبار ومسؤوليها إلى "أخذ هذا الأمر على محمل الجد، والتنسيق مع الجانب الأميركي لزيادة دعمه للمعركة".
أما النائب عن محافظة الأنبار، خالد العلواني، فيقول إن "العمليّات العسكريّة لتحرير الفلوجة شبه متوقفة، وهذا الأمر لا يصب بصالح أهالي المدينة الذين يريدون تحريها بأسرع وقت ممكن". ويوضح العلواني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العراقيّة بعد أن أحرزت تقدّماً في عدّة محاور من الفلوجة، توقفت عند حدودها، على الرغم من حديثها عن البدء بعملية اختراق المدينة"، مبيناً أنّ "المعركة تحتاج اليوم إلى إعادة صياغة للخطط العسكرية وفقاً للمعطيات الميدانية". ويشدد على "أهميّة السرعة بحسم معركة الفلوجة، وعدم تأخيرها وعدم مشاركة مليشيات الحشد في اقتحام المدينة وفقاً لما حصلنا عليه من تعهّدات سابقة من رئيس الحكومة حيدر العبادي بإبعاد الحشد من المعركة".

المساهمون