توغل تركي شمالي العراق ونذر عملية عسكرية واسعة ضد "العمال الكردستاني"

30 يونيو 2024
قوات الكوماندوز التركية في منطقة سينات-حفتانين في دهوك، 07 يونيو 2022 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تزايد الوجود العسكري التركي في محافظة دهوك العراقية، استعدادًا لعملية عسكرية ضد مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، مع توزيع منشورات تحذيرية للمواطنين وإقامة حواجز للتفتيش.
- القوات التركية سيطرت على 7 قرى خلال 24 ساعة، وتخطط لتوسيع السيطرة لطرد واعتقال عناصر الحزب، في حملة قد تستمر طوال الصيف، بدعم من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
- تصاعد التوترات والمخاوف من أزمة أمنية بسبب الانتشار التركي، مع دعوات للحكومة العراقية لتوضيح الوضع ومواجهة التحديات الأمنية، في ظل اعتبار البعض هذا الانتشار استخفافًا بالسيادة العراقية.

زاد الانتشار التركي في محافظة دهوك العراقية الحدودية مع تركيا، ضمن إقليم كردستان، في تطور يظهر أنه مقدمة لعملية قد تشهدها المناطق خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، قد تكون الأكبر والأشد ضد مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، إذ سجلت الساعات الماضية تطورات أمنية، من بينها توزيع القوات التركية منشورات على المواطنين في قرى وبلدات حدودية أطراف محافظة دهوك، تدعوهم إلى الابتعاد عن مواقع وجود مسلحي حزب العمال لضمان سلامتهم.

ووضع الجيش التركي حواجز عسكرية نقاطاً للتفتيش التي تعمل على إبعاد المدنيين عن مناطق قد تشهد معارك خلال الأيام المقبلة. وذكرت المنشورات التي وزعتها سيطرة تركية للمارين في طريق عقرة بمحافظة دهوك: "نتقدم بالاعتذار من حضراتكم لأننا أوقفناكم أثناء رحلتكم". ومنعت مرور سيارات الشركات السياحية إلى بعض المصايف التي يزورها العراقيون في أيام الصيف الحار، مثل مصيف "كلي شيرانه".

ونقل مراسل "العربي الجديد" عن شهود عيان تأكيدهم أن تدفقاً للقوات التركية والآليات الثقيلة وصل إلى قرى شمالية في مدينة دهوك، مع انتشار القوات السيّارة والراجلة، وعاملت المدنيين في تلك المناطق بطريقة مرنة، لكن القوات التركية لم تتحدث عن نيتها المستقبلية إزاء هذا التوغل العميق داخل الأراضي العراقية. وذكر سكان محليون أن خسائر سجلت في صفوف مسلحي عناصر العمال الكردستاني اضطرتهم إلى التراجع من مواقع كانوا يسيطرون عليها في العمادية والزاب وكاره.

كما تواصل "العربي الجديد" مع مصادر أمنية كردية في أربيل، قالت إن "القوات التركية سيطرت على سبع قرى بالكامل خلال الـ24 ساعة الماضية، وهي تتجه نحو السيطرة على مناطق أكثر لطرد واعتقال وتحييد عناصر العمال الكردستاني في محافظة دهوك، وقد تستمر هذه العملية طيلة فصل الصيف الجاري".

وأضافت المصادر أن "المواقف الأمنية والعسكرية غير معروفة بخصوص ما يحدث في دهوك، لكن كل ذلك يجري وفق اتفاق أمني جرى بين بغداد وأنقرة وأربيل، لأجل إنهاء مخاطر تستهدف الأراضي التركية من محافظة دهوك"، مشيرة إلى أن "الصمت الحكومي في بغداد وأربيل متفق عليه، لكنه قد لا يطول في حال ارتكبت القوات التركية أي إخفاق أو تجاوز على المدنيين".

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام إن قوات بلاده ستنفذ "عمليات مكافحة إرهاب أكثر عزماً وفعالية" على مدار شهور الصيف، كما تعهّد بأن تستكمل تركيا تأمين حدودها مع العراق بحلول الصيف، وتنهي ما بقي لها من عمل عسكري وأمني في سورية.

من جهته، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، غياث سورجي، إن "الوضع ينذر بأزمة أمنية وعسكرية جديدة، لا سيما أن الجيش التركي يتقدم باتجاه عمق مدينة دهوك، وهذا الخرق يمثل قمة الاستخفاف بالسيادة العراقية"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الوضع في دهوك مبهم وغير واضح، ومن واجب الحكومة العراقية أن توضح ما يحدث، ولماذا هذا الصمت تجاه وضع الأهالي المربك"، مشدداً على أن "الأتراك يريدون أن يتمددوا أكثر في مناطق إقليم كردستان".

وتداول ناشطون صوراً تظهر القوات التركية مع منشورات تلقيها في قرى تابعة لبلدة العمادية شمال شرقي دهوك أمس السبت.

وأكد الخبير الأمني، سرمد البياتي، أن "تمدد القوات التركية في مناطق دينارته باتجاه عقرة، وفي "كلي شيرانه" وفي مناطق أخرى وقعت تحت سيطرة الأتراك مثل "باولنه"، ويمكن اعتبار الانتشار التركي حالة هلامية وجرثومية، ومن واجب استخبارات الدولة العراقية والأسايش (الكردية) والتحالف الدولي أيضاً تحديد مواقع الأتراك وطريقة انتشارهم".

وأكمل البياتي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأتراك وضعوا سيطرات ونقاط تفتيش في العمادية، مركز محافظة دهوك، وقد أمروا الشركات السياحية التي تزور المصايف بالعودة إلى بغداد ومناطق أخرى"، موضحاً أن "القوات التركية تعتمد حالياً على طريقة الدفاع المتحرك، لكن الحكومة العراقية عليها أن توضح ما يحدث حفاظاً على سلامة المواطنين العراقيين".

وسبق أن تحدثت صحيفة "يني شفق" التركية، المقرّبة من حزب العدالة والتنمية، عن أن "حزب العمال الكردستاني حصل مؤخراً على منظومات دفاع جوي وطائرات مسيّرة عبر مطار السليمانية، كما حصل عناصر الحزب على تدريبات في المطار، وتمّ اتّخاذ قرار حاسم في ما يخص مطار السليمانية الذي تحوّل إلى قاعدة لوجستية لحزب العمال، وفيما إذا اكتشفت تركيا شحنة جديدة فإنها ستتصرف".

لكن أمين عام البيشمركة السابق، جبار الياور، نفى ذلك لـ"العربي الجديد"، وقال إن "مطار السليمانية خاضع لسلطة الطيران المدني ووزارة الداخلية العراقية، أي إنه ليس تحت إدارة حكومة السليمانية، بل هو جزء من المؤسسة الحكومية في بغداد"، مؤكداً أن "الانتشار التركي في دهوك يؤكد أن تركيا تريد أن تتمسك بأية ذريعة من أجل مواصلة الهجمات ضد معاقل قد تكون لحزب العمال، وقد لا تكون".

وفي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد في إبريل/ نيسان الماضي، وقع خلال الزيارة، وفق بيان الحكومة العراقية، "اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي"، إلى جانب "26 مذكرة تفاهم مشتركة لمختلف المؤسسات بين البلدين". واعتبرت الحكومة أن ذلك "سينعكس على الشراكة الاقتصادية والتنموية". وجاء في الاتفاقات بنود مهمة، من ضمنها حصول تركيا على تفويض لتنفيذ عملية عسكرية في إقليم كردستان شمالي العراق وضمن عمق يزيد على 40 كيلومتراً، لضرب جيوب مسلحي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم ضمن المناطق الخالية من السكان، وذلك خلال تفاهمات مع المسؤولين في بغداد وأربيل.

وتواصل القوات التركية، منذ منتصف يونيو/ حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز في سنجار، وقنديل، وسيدكان، وسوران، والزاب، وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في "الكردستاني".

دلالات
المساهمون