مرحلة جديدة للتحالف في اليمن: استهداف قادة الحوثيين وصعدة

09 مايو 2015
الغارات ستستهدف قادة الحوثيين (فرانس برس)
+ الخط -

تتغير المعطيات على الساحة اليمنية  بشكل متسارع، ففي الوقت الذي أعلن فيه وزيرا الخارجية السعودي، عادل الجبير، ونظيره الأميركي، جون كيري، أمس الجمعة، أن الهدنة الإنسانية المشروطة التي كانت تدفع باتجاهها واشنطن منذ أيام ستبدأ مساء يوم الثلاثاء المقبل، كان التصعيد الميداني ينتقل إلى مرحلة عمليات جديدة من عمليات التحالف أشد وأقسى، بعد التصعيد الحوثي من أكثر بواباته حساسية، ممثلاً بالحدود اليمنية السعودية، ما يمكن أن يمثّل "عودة العاصفة" إلى البلاد. وفي تطور لافت أمس، أعلن وزير الخارجية السعودي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره كيري، في باريس، أمس الجمعة، أن هدنة إنسانية مشروطة "ستبدأ يوم الثلاثاء المقبل في الساعة الحادية عشرة مساءً، وستستمر 5 أيام قابلة للتجديد". من جهته، أوضح كيري أن "الهدنة ستكون شاملة لكل اليمن ومشروطة بالتزام الحوثيين بوقف إطلاق النار وعمليات نقل الأسلحة". كما أكد كيري أن "الهدنة لا تعني السلام، وفي كل الأحوال على الأطراف اليمنية العودة لطاولة المفاوضات".
أما ميدانياً، وبعد تكرار حوادث القصف التي تستهدف مناطق سعودية، أعلن المتحدث باسم التحالف والمستشار في وزارة الدفاع السعودية، أحمد عسيري، مرحلة جديدة مختلفة قل إنها ستكون أقسى وأشد بعد أن استهدف الحوثيون المملكة، مشيراً إلى أنه سيجري استهداف قادة الجماعة، الذين خططوا لهذا العمل، في مدن مختلفة، وخصوصاً محافظة صعدة، التي انطلقت منها القذائف، وهو ما حصل بغارات للتحالف دمرت مراكز للحوثيين، وأيضاً ضريح مؤسس الحركة الحوثية حسين بدر الدين الحوثي.

هذا الإعلان شديد اللهجة والذي ينذر بمرحلة صعبة، جاء بعد تكرر حوادث القصف في الأيام الماضية بالقذائف التي تنطلق من محافظة صعدة اليمنية، معقل الحوثيين، باتجاه المدن السعودية (نجران وجيزان)، وسقط ضحايا من الجانب السعودي، وهو تصعيد لم يسبق أن وصل إلى ما وصل إليه، منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف في اليمن. وحسب عسيري، فإن المرحلة السابقة، كانت تهدف لحماية الشرعية في اليمن والمواطن اليمني، أما المرحلة الجديدة فتتعلق بأمن السعودية، وهو ما يجعلها مرحلة مختلفة من حيث الأهداف والعمليات كماً ونوعاً، إذ سيجري استهداف القيادات الحوثية التي خططت لهذا العمل. وذكر على وجه التحديد مران مسقط رأس زعيم الحركة الحوثية، عبدالملك الحوثي، وهي المنطقة التي أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في خطابه الذي سبق بدء العمليات التحالف، أنه ستتم إعادة الدولة إليها، ورفع علم اليمن بدلاً عن علم إيران.

وقال إنه سبق أن نوّه إلى أن "العمل من خلال عملية "إعادة الأمل" سيكون ردة فعل بناءً على تحركات المليشيات الحوثية على الأرض، أما الآن فالعمل سيكون مبادراً، وسوف ننزع منهم زمام المبادرة ".

وحسب الإعلان، فإن صعدة، ستكون أبرز الأهداف وبدرجة ثانية المدن التي تأوي قيادات حوثية، داعياً المواطنين إلى الابتعاد عن المنازل التي تقطنها قيادات في جماعة الحوثي، مؤكداً أن المرحلة التي ستبدأ لن تنتهي إلا بتحقيق الأهداف الموضوعة لها.

كلام عسيري تُرجم بتنفيذ طائرات التحالف عدة غارات جوية مساء الخميس في محافظة صعدة اليمنية، كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية، والتي أشارت إلى أن الغارات استهدفت "مركزين للتحكم والسيطرة تابعين للمليشيات الحوثية في بني معاذ، ودمرت مصنعاً للألغام في صعدة القديمة بالإضافة إلى قصف لمجمع الاتصالات في المثلث بصعدة". ودمرت الغارات أيضاً مركزين للقيادة الحوثية في المحافظة.

كما ذكرت وكالة "رويترز" نقلاً عن سكان من صعدة، أن الغارات دمّرت ضريح مؤسس الحركة الحوثية حسين الحوثي. وأضاف هؤلاء السكان بحسب "رويترز"، أن قصفاً عنيفاً وقع في غرب محافظة صعدة على المنطقة الحدودية بين السعودية واليمن، وأن 13 قروياً قُتلوا في غارات في محافظة حجة.

اقرأ أيضاً: اليمن: الهدنة الإنسانية تنتظر موافقة الحوثيين على الشروط

وفي الوقت الذي كشف فيه عسيري عن طبيعة الاختلاف في العمليات المقبلة، من خلال ذكر القادة، والتركيز على صعدة والمناطق الحدودية، لا يستبعد مراقبون أن تصل إلى عمليات برية، مع وجود أعداد كبيرة من القوات العسكرية المحتشدة على الحدود مع اليمن، قد تبدأ باجتياح صعدة، معقل الحوثيين، الذي يمثّل مصدر القلق الرئيسي للرياض، التي سبق أن شاركت فيه بعمليات جوية إلى جانب الجيش اليمني، أثناء الحرب السادسة بين الحوثيين والحكومة عام 2009.

وعلى الرغم من اتفاق الخبراء والمهتمين على أن المعارك البرية في صعدة قد تكون مكلفة، بالنظر إلى تجارب حروب الجيش اليمني مع الحوثيين (بين عامي 2004 و2010) والطبيعة الجبلية الوعرة وتجهيزات الجماعة وخبراتها القتالية في كهوفها، إلا أن دخول قوات برية أمر غير مستبعد بعد التطورات في المناطق الحدودية، وبعد ستة أسابيع من القصف المكثّف الذي استهدف تجمعات ومواقع الحوثيين وطرق إمداداتهم وصولاً إلى وسائل الاتصال.

ويرى ضابط عسكري يمني، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن صعدة امتداد للسعودية، وفرص العملية البرية فيها أكثر من غيرها، لكونها على الحدود بما يمكن للجيش السعودي التقدم أو التراجع ويضمن له مختلف الإمدادات. ويتوقّع أن تبدأ أي عملية من جهة نجران بالإضافة إلى احتمال الدخول من جهة محافظة الجوف اليمنية، وخط تدخّل ثالث قد ينطلق من البحر عبر ميدي في محافظة حجة، وبذلك يمكن أن تُحاصر صعدة من ثلاثة اتجاهات، شمالاً السعودية، وشرقاً الجوف، وغرباً حجة الساحلية. ويتبقى منفذ وحيد إلى صعدة وهو المدخل الجنوبي من عمران عبر الطريق الواصل إلى صنعاء.

ومع أن جغرافيا صعدة وتجارب القتال وخبرات الحوثيين فيها، تجعل التدخّل البري مخاطرة قد تؤدي لخسائر كبيرة في صفوف أي قوات تحاول اجتياح المحافظة، إلا أن الوصول إلى معاقل الحوثيين الرئيسية في جبالها، والتي تقع عموماً في مديريات قريبة من السعودية، قد يمثّل نصراً معنوياً حاسماً للتحالف، ومن شأنه أن يغيّر المعادلة بشكل كبير على الأرض، ويؤثر في مختلف المحافظات.

من جهة أخرى، فإن التطورات في المناطق الحدودية، وكما أشار عسيري، لا تقتصر على صعدة، بل تتعداها بصورة ثانوية إلى المدن التي تأوي قيادات أو أهداف حوثية بشكل عام، وقد تمتد، في حال التدخل البري، إلى عدن ومدن على الشريط الساحلي المطل على البحر الأحمر. وأياً كانت طبيعة التطورات المقبلة، فإن ما جرى في المناطق الحدودية فتح النار على الحوثيين من أوسع أبوابها، ودشّن مرحلة جديدة، وصفها التحالف بأنها "صعبة"، وردها سيكون "قاسياً" ولا يقتصر على الأهداف المتحركة، كما كان حاصلاً في مرحلة "إعادة الأمل".

اقرأ أيضاً: مجلس عسكري للمقاومة وهدنة "غير معلنة" في تعز

المساهمون