البرلمان العراقي ضحية صفقات سياسية: قضية زيباري نموذجاً

11 سبتمبر 2016
حكومة حيدر العبادي تعقد صفقات على حساب عمل البرلمان(الأناضول)
+ الخط -
لم يستطع البرلمان العراقي القيام بمهامه بالشكل الذي يراد منه. ما أن يباشر القيام بعمله حتى تفرض العقبات أمامه من خارج إطار المؤسسة التشريعية. هكذا تأتي أغلب الصفقات السياسية التي تبرمها الحكومة العراقية على حساب عمله. وفي مثال جديد على ذلك، ما حصل بعد التحركات البرلمانية الأخيرة في استجواب وإقالة وزراء عراقيين، إذ أقدمت الحكومة على احتواء وتطويق هذه التحركات واستغلالها لصالحها. وتجسد ذلك في السعي الحكومي لمنع إقالة وزير المالية، هوشيار زيباري، بعدما حصلت الحكومة على وعود من الأكراد، في إطار مساومات سياسية.

ولا يبدو أن البرلمان طرف في تلك الصفقات، التي تحقق الحكومة مكاسب واضحة منها. بل على العكس، يتكبد البرلمان خسارة تلو الأخرى، لا سيما أنه يصبح متهماً بعدم قدرته على تجاوز الصفقات أو منع حصولها. 

في هذا السياق، تقول النائبة عن تحالف القوى، لـ"العربي الجديد"، ناهدة الدايني، إن "البرلمان محارب من قبل الجهات الحكومية التي تسعى للتأثير على عمله وسحب صلاحياته لتعطيل دوره"، مشيرة إلى أن "الضغوط التي تواجه البرلمان كبيرة، ومنها تبعيّة الكتل البرلمانية للحكومة وانصياعها لإرادتها على حساب البرلمان". وأضافت أن كتلتها النيابية "ترفض أي تدخّل في عمل البرلمان من أي جهة كانت"، لافتة إلى أنّ "البرلمان يسعى جاهداً للتخلص من تلك الممارسات والضغوط التي أثقلت كاهله، وسيسعى لأخذ دوره الصحيح والمضي بجدول أعماله والاستجوابات وتشريع القوانين". وأكدت أن "جدول أعمال البرلمان بعد عطلة عيد الأضحى سيكون حافلاً ويشمل استجواب عدد من الوزراء والمسؤولين والقادة الأمنيين، كما سيطرح قوانين مهمة وضرورية لخدمة المواطن العراقي".

من جهته، رأى النائب عن كتلة الصدر، رياض غالي، أنّ "الصفقات السياسية التي تعقد بالخفاء لعرقلة تصويت البرلمان تعيق دور السلطة التشريعية وإمكانية تأدية دورها الحقيقي". وقال غالي في تصريح صحافي إن "بعض الاستجوابات التي شهدها البرلمان تميّزت بطابع سياسي لكنّها في الوقت ذاته لا تخلو من المهنية، الأمر الذي أفرز انقساماً برلمانياً كبيراً داخل الكتل السياسيّة ونوابها". وأوضح أن "البرلمان اليوم مقسّم إلى ثلاثة محاور، ثلث مع الإصلاح، وثلث مع تحقيق المكاسب الشخصية، والثلث الأخير يتبنى عقد الصفقات". وأضاف أن "موضوع استجواب وإقالة زيباري على سبيل المثال، دخل ضمن محور الصفقات السياسيّة أسوة بالسنوات التي سبقت، في محاولة للتغطية على ملفات الفساد"، مبيناً أن "هذه الصفقة تدخّل فيها رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي شخصياً، ما وضع النائب المستجوِب، هيثم الجبوري، في مأزق، بعدما جمع تواقيع لإقالة الوزير، ووجد نفسه أمام ضغوط لا يستطيع الخروج منها"، وفق تأكيد غالي.


وتسبب ذلك بعدم قدرة البرلمان العراقي على عقد جلساته الأخيرة والتصويت على إقالة زيباري، ما دفع النائبة عن ائتلاف دولة القانون، رحاب العبودة، إلى اتهام البرلمان بـ"اتباع تكتيك جديد للهروب من الإصلاح". وقالت في بيان صحافي، إن "تأجيل جلسات البرلمان التي تضمنت التصويت على إقالة (...) زيباري، هو تكتيك جديد يتبعه البرلمان للهروب من قرار محسوم مسبقاً وهو الإصلاح الحقيقي"، مشيرة إلى أن "الشعب يريد الإصلاح، وأن البرلمان لا يستطيع مواجهة الشعب والتغلب على إرادته".

الرد الكردي
في المقابل، شدد النائب عن التحالف الكردستاني، محسن سعدون، على أن "الكتل الكردستانية حريصة وملتزمة بتفعيل عمل البرلمان والقيام بدوره الرقابي والتشريعي خلال ما تبقى من عمره". وذكر لـ"العربي الجديد"، أن "الكتل الكردية ملتزمة جداً بعمل البرلمان وأخذ دوره التشريعي بالشكل الصحيح، وستحضر جلساته بعد انتهاء عطلة العيد، وستشهد الفترة المقبلة خطوات جدية لتفعيل دوره بالشكل المطلوب، وسيتم إقرار عدد من القوانين المعطلة".

في هذا الصدد، يرى الخبير السياسي، سلمان عبد الله، أنّ "لا قدرة للبرلمان على التغلب على الإرادة الحكومية". وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الصفقات الحكومية تغلبت على البرلمان بشكل واضح، وجعلته يدور في فلكها"، مشيراً إلى أنّ الصفقات التي تعقدها الحكومة تجبر الكتل البرلمانية على الانصياع لها، لأن لتلك الكتل مصالح بإبرام تلك الصفقات". وأكد أن "الصفقات جعلت من البرلمان رهينةً لها"، متوقعاً عدم قدرته على "تجاوزها والنهوض بمستوى أدائه".

المساهمون