مصر: متهمون جدُد بقضية "المجتمع المدني" وانتقادات دولية متعاظمة

21 ابريل 2016
يواصل القضاء المصري النظر بقضية حسام بهجت(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
لجأ النظام المصري مرة أخرى إلى ترديد الشعارات من نوعية "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية، ولا تدخُّل في شؤون القضاء"، رداً على البيان الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مساء أمس الأول، للوم مصر على إعادة فتح القضية المعروفة إعلامياً بـ"التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني".
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبوزيد، في تصريح أمس، إن مصر ﻻ تقبل المساس أو التدخّل في شؤون السلطة القضائية، وإن هذه القضية محل تحقيق حالياً. واستعار المتحدث باسم الخارجية بذلك العبارات ذاتها التي استخدمها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في لقاءاته بالمسؤولين الأجانب، بدءاً بلقائه وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير منذ شهر تقريباً، وصولاً إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، مروراً بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بعدما تساءلوا جميعاً عن سبب إعادة فتح القضية والتضييق على المجتمع المدني، وأبدوا قلقهم من استمرار عرقلة التحوّل الديمقراطي.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية مطلعة، فإن "أوضاع حقوق الإنسان وموقف قضية التمويل احتلت صدارة مباحثات السيسي وكيري التي استغرقت ساعة واحدة"، كرر كيري خلالها التعبير عن قلقه من إعادة فتح هذه القضية ووضع عراقيل أمام عمل المنظمات الأجنبية أيضاً، بينما أكد السيسي حرصه على تحسين أوضاع حقوق الإنسان ولكن في إطار "حتمية الحفاظ على الأمن". وتم إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقرراً في نهاية زيارة كيري، بدعوى "ضيق الوقت لضرورة توجّه كيري إلى السعودية لحضور القمة الأميركية الخليجية".
وتزامنت الزيارة مع نظر محكمة جنايات القاهرة بطلبات مقدّمة من قاضي تحقيق قضية التمويل الأجنبي، بمنع ناشطين جدد في مجال حقوق الإنسان من التصرف بأموالهم والتحفّظ عليها على ذمة اتهامهم في القضية.


ولم تثنِ الانتقادات الدولية هيئة التحقيق القضائية عن إصدار قرارات اتهام جديدة ضد كل من مؤسس ومدير مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" بهي الدين حسن، وزوجته وابنته القاصر، ومدير مركز "الحق في التعليم" عبدالحفيظ طايل، والموظف الإداري في مركز "هشام مبارك للقانون" مصطفى الحسن، وذلك إلى جانب الطلبين القديمين ضد كل من مدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" جمال عيد، ومؤسس "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" حسام بهجت.
وقالت مصادر قضائية في محكمة استئناف القاهرة لـ"العربي الجديد"، إن قائمة التحفظ على الأموال والمنع من السفر ستمتد لتشمل "رموزاً حقوقية وسياسية أخرى خلال شهر مايو/أيار المقبل، مع اتهام هؤلاء بتلقي تمويل أجنبي من الخارج من دون علم الدولة، واستخدامه في تكدير السلم العام والإضرار بالأمن والاستقرار الاجتماعي".
وأضافت المصادر أن "جميع هؤلاء الأشخاص المطلوب التحفّظ على أموالهم لم يمثلوا أمام هيئة التحقيق"، مرجّحة أن تكون "الهيئة قد حددت أسماءهم وفقاً لتقارير أعدها البنك المركزي عن دخول أموال إلى حساباتهم البنكية من جهات أجنبية أو غير معلومة".
وفي سياق الآثار السياسية للقضية، قال مصدر دبلوماسي في ديوان وزارة الخارجية، إن "الخطاب المصري الرسمي عنها يتصادم بحقيقة أن الغرب ﻻ يثق البتة في استقلال القضاء المصري، ويربط بين إعادة فتح القضية بعد إغلاقها لمدة 3 سنوات، وبين الأحكام التي تصدر بإدانة المعارضين السياسيين، والتباطؤ في التحقيقات المطلوبة في بعض القضايا المهمة للرأي العام الدولي".
وأضاف المصدر أن "إصرار النظام الحاكم على التعليق على بيانات وتصريحات الانتقاد بشعارات عن استقلال القضاء، أمر لن يجدي نفعاً، ولن يغير حقيقة أن الدول الغربية التي تُعتبر من أبرز المانحين والمستثمرين في مصر قلقة للغاية لما وصل إليه حال الملف الحقوقي المصري".
واعتبر المصدر أن حضور ممثلين للسفارات الأجنبية والاتحاد الأوروبي جلسات نظر قضية التمويل الأجنبي، "دليل على عدم ثقة الغرب في القضاء المصري وما يبلغهم به المسؤولون التنفيذيون عن تطورات القضية"، مشيراً إلى أن "هذه القضية مهمة بالذات لبعض الدول كألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا والدنمارك، لأنها تدعم رسمياً أنشطة بعض المنظمات المتهمة، إلى جانب دعمها لأنشطة جهات حكومية مصرية".
يذكر أن هيئة التحقيق في القضية كانت قد حظرت النشر الإعلامي في تفاصيلها إثر اجتماع عقده السيسي بالمسؤولين التنفيذيين عن الأجهزة المعنية بالقضية كوزراء الخارجية والداخلية والتضامن الاجتماعي ومدير المخابرات ومستشارته للأمن القومي، بعد انتقاد مسؤولين غربيين لممارسات نظام السيسي ضد المجتمع المدني.