تقديرات إسرائيلية بشأن هنية

08 مايو 2017
إقرار إسرائيلي بشعبية هنية داخل فلسطين(مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
تعتبر أوساط إسرائيلية أن انتخاب إسماعيل هنية رئيساً جديداً للمكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية لن يفضي إلى إحداث تغيير جذري على مواقف الحركة من إسرائيل، إلا أن هذه الأوساط نفسها أجمعت في المقابل على أن طابع القرارات التي سيتخذها القائد الجديد سيؤثر على مستقبل المواجهة مع دولة الاحتلال.

وقال المعلّق العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، إن أهم تحدٍّ سيواجه هنية وسيؤثر على مستقبل العلاقة بين "حماس" وإسرائيل يتمثّل في طابع قراراته بشأن رد "حماس" على نية جيش الاحتلال البدء أواخر يونيو/ حزيران المقبل بشن حملة ضد الأنفاق الهجومية التي حفرتها الحركة والممتدة داخل إسرائيل، والهادفة إلى تمكين عناصر "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري للحركة، من التسلل لتنفيذ عمليات خلف خطوط جيش الاحتلال. وفي مقال نشرته الصحيفة، أمس الأحد، ذكر هارئيل أنه على الرغم من أن معظم التقديرات الاستخباراتية في إسرائيل ترجّح عدم توجه "حماس" لإشعال مواجهة جديدة مع إسرائيل بسبب الإجراءات الهادفة لتدمير الأنفاق الهجومية، إلا أنه في ظل ظروف محددة يمكن أن تجد كل من "حماس" وإسرائيل نفسهما في أوج مواجهة عسكرية جديدة، وفق تقديره.

وتوقع هارئيل أن تساهم الإجراءات العقابية التي اتخذها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ضد قطاع غزة، في مفاقمة التحديات أمام هنية. وكان عباس قد قرّر تقليص الرواتب المخصصة لموظفي القطاع العام في غزة، وتوقف السلطة عن الإسهام في شراء الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. ولفت هارئيل إلى أن المسؤولين السياسيين والعسكريين في تل أبيب يولون أهمية كبيرة لقرار هنية بشأن تحديد مكان إقامته في منصبه الجديد. وقال إن بقاء هنية في غزة يقلّص هامش المناورة السياسية أمامه. ووفقاً للمعلق الصحافي نفسه فإن "نظام العسكر" في مصر يمكن أن يحدّ من قدرة هنية على الحركة في حال تفجّرت أزمة أخرى بين "حماس" والقاهرة.

من ناحيته، اعتبر القيادي في حزب الليكود، الجنرال جرشون هكوهين، أن حلول هنية في مكان مشعل لا يحمل في طياته أي تحول في مواقف حركة حماس تجاه إسرائيل، عازياً تقديره هذا إلى طابع "السلوك السياسي للعقائديين الإسلاميين"، على حد تعبيره. وفي مقال نشرته أمس الأحد صحيفة "يسرائيل هيوم"، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً والمقربة من ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال هكوهين إنه لا يمكن وصف أي قائد إسلامي بالاعتدال على اعتبار أن "الاستعداد لتقديم التنازل لديهم مرتبط فقط بالوقت والواقع لذا فهو مؤقت"، على حد وصفه. وتوقع أن تواصل حركة حماس تحت قيادة هنية نفس النهج الذي سلكته في عهد سلفه مشعل، محذراً من إبداء أية رهانات على تغيير في توجهات الحركة.


واتفق معلّق الشؤون العربية في موقع "وللا" الإسرائيلي، آفي سيخاروف، مع هكوهين في تقييم توجهات هنية. وأشار إلى أن الأخير يمثل "التيار العام في حماس، الذي على الرغم من أنه يؤيد وقف إطلاق النار حالياً مع إسرائيل، إلا أنه يرفض بتصميم، الاعتراف بها أو التفاوض معها"، بحسب رأي سيخاروف. وفي مقال نشره الموقع أمس الأحد، أوضح المعلق الصحافي أنه على الرغم من أن هنية كان من بين أولئك الذين دفعوا نحو إصدار الوثيقة السياسية الجديدة لـ"حماس"، إلا أن "أحداً لا يمكنه أن يتوقع أن يتجاوز المبادئ العامة التي تنظم رؤية حركة حماس الأساسية من إسرائيل"، وفق تعبيره.

ولفت سيخاروف الأنظار إلى مظاهر الشعبية الكبيرة التي يحظى بها هنية في الضفة وغزة بوصفه "رجل الشعب"، مبيناً أن استطلاعات الرأي تنبّأت بتغلبه بسهولة على عباس في حال أجريت انتخابات لاختيار رئيس جديد للسلطة الفلسطينية. ولم يستبعد سيخاروف "أن تلجأ إسرائيل إلى اغتيال هنية في حال شنت حرباً جديدة على قطاع غزة". وأعاد للأذهان حقيقة أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، سبق أن هدد بتصفية هنية في حال لم يقم بإعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى الحركة. لكن المعلق الصحافي استدرك أن تل أبيب غير معنية بمواجهة مع "حماس" يمكن أن تفضي إلى سيادة حالة من الفوضى ستعاني منها إسرائيل بشكل خاص.

من جهته، رأى الكاتب المتخصص في الشؤون الفلسطينية، جاكي حوكي، أن أحد أهم التحديات التي تواجه هنية في موقعه الجديد تتمثل في محاولة وضع حد للانقسام الداخلي والصراع مع حركة "فتح". وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أمس، قال حوكي إن إنهاء الانقسام يمثل تحدياً أيضاً لعباس، مشيراً إلى أنه على الرغم من حصول الرئيس الفلسطيني على "الشرعية الدولية" مجدداً بعد لقائه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلا أنه يدرك تماماً أنه ليس بوسعه تقديم نفسه كممثل للفلسطينيين "في الوقت الذي يسود الانقسام في البيت الفلسطيني"، وفق تعبير حوكي.

المساهمون