لماذا لا تطرد بغداد مقاتلي حزب "العمال الكردستاني"؟

25 مارس 2019
"الكردستاني" يشكل تهديداً لتركيا (اوزكان بلجين/ الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من تورط مقاتلين من مليشيا حزب "العمال الكردستاني" بقتل جنود عراقيين وإصابة آخرين قرب بلدة سنجار في محافظة نينوى شمالي العراق، الأسبوع الماضي، وانتهاء المهلة التي منحتها بغداد، لمسلحي الحزب من أجل تسليم قتلة الجنود، إلا أن الحزب المصنف على لائحة الإرهاب في تركيا ودول عدة أخرى لم يعر أي أهمية للمهلة ولا لمطالبات انسحابه من المناطق التي يتواجد فيها في سنجار ومناطق قرب القيروان وعين فتحي والكرسي شمال غرب الموصل.

 يضاف إلى كل ذلك حالة الصمت غير المعهود من القوى والأحزاب السياسية التي تنادي بسيادة العراق ورفض تواجد أي قوات غير عراقية على أراضيه، كما الحال بالنسبة للوجود الأميركي أو حتى التركي في معسكر بعشيقة قرب الموصل.


ويعود تواجد المقاتلين الأكراد، البالغ عددهم أكثر من ألف مقاتل في سنجار وضواحيها، إلى عام 2014 بعد اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي مدينة سنجار وارتكابه جرائم مروعة بحق المدنيين من أبناء الطائفة الايزيدية فيها. وتغاضت بغداد عن نزول مسلحي الحزب من جبال قنديل العراقية معقله التقليدي بالمثلث العراقي التركي الإيراني تحت ذريعة قتال التنظيم، إلا أنه ورغم تحرير سنجار عام 2015 ما زال الحزب يتواجد في المدينة ومناطق أخرى وشيد مقرات وثكنات عسكرية له، دفعت أنقرة لاستهدافها أكثر من مرة خلال الفترة الماضية عبر طلعات جوية تسببت بقتل عدد من مسلحي الحزب.

ووفقا لرئيس لجنة تقصي الحقائق في نينوى، أسامة النجيفي، فإن البرلمان تجاهل خلال جلسته التي عقدت أمس الأحد توصيات اللجنة بشأن وجود حزب "العمال الكردستاني" في سنجار، موضحا أن مجلس النواب قام باختيار عدد من فقرات تقرير اللجنة والتصويت عليها بشكل منفرد.

وبين خلال تصريح صحافي أن من بين التوصيات التي لم يصوت عليها مجلس النواب تلك المتعلقة بإخراج حزب "العمال الكردستاني" من العراق.

ولا يقتصر التسويف في قضية "العمال الكردستاني" على البرلمان، إذ تتهرب الحكومة العراقية هي الأخرى من مسألة الخروج بموقف حاسم من بقاء أو إخراج "العمال الكردستاني"، واكتفت الجهات المرتبطة بالحكومة بالمواقف والتصريحات القابلة للتأويل.

وجاء بيان خلية الإعلام المرتبطة بالحكومة العراقية الذي صدر يوم الجمعة الماضي ليثبت أن بغداد غير جادة في مسألة إخراج "العمال الكردستاني" على الأقل في الوقت الحاضر، إذ تحدث عن أن الوضع الأمني في سنجار تحت السيطرة من خلال تعاون المواطنين، والقوات المحلية في البلدة، دون أن توضح طبيعة "القوات المحلية" لأن مقاتلي حزب "العمال الكردستاني" يعتبرون أنفسهم قوة محلية تدافع عن الكرد الايزيديين في سنجار.

كما وجهت خلية الإعلام الحكومي انتقادات لقائم مقام سنجار محما خليل الذي قالت إنه أدلى بتصريحات سابقة نقلت وصفا غير دقيق لما يحدث في البلدة.
وكان خليل قد أكد في وقت سابق أن سنجار لن تنعم بالأمن والاستقرار في ظل وجود مليشيا "الحشد الشعبي"، وحزب "العمال الكردستاني" فيها، موضحا أن مقاتلي "العمال الكردستاني" يتنقلون يوميا عبر الحدود بين العراق وسورية.

وجاء تخفيف السلطات العراقية لهجتها ضد حزب "العمال الكردستاني" على الرغم من انتهاء مهلة تسليم قتلة الجنود العراقيين يوم السبت الماضي متزامنا مع حديث عن وساطة إيرانية لترطيب الأجواء بين القوات العراقية المنتشرة حول سنجار، و"العمال الكردستاني" المرابط بداخلها.

وكشف مصدر أمني رفيع لـ "العربي الجديد" في وقت سابق أنّ "أطرافاً إيرانية وصلت إلى العراق، الأربعاء الماضي، وباشرت بإجراء اتصالات مكثفة مع جانبي النزاع في سنجار، مع قرب انتهاء المهلة التي منحها الجيش العراقي لحزب العمال، من أجل تسليم قتلة الجنود العراقيين"، مبينا أنّ الجهود الإيرانية تركّزت على دعوة "العمال الكردستاني" إلى تسليم الأشخاص المتورطين في قتل الجنود العراقيين، مقابل تخفيف الحصار المفروض عليهم في سنجار.

وأشار إلى أنّ الإيرانيين أشركوا قيادات في مليشيا "الحشد الشعبي" بالوساطة، لافتاً إلى وجود خشية إيرانية من انهيار التهدئة بين الجيش العراقي وحزب "العمال الكردستاني"، وخوض الجانبين معارك، بسبب انتهاء المهلة، وعدم تسليم المتورطين في قتل الجنود العراقيين.

وقبل نهاية العام الماضي قالت صحف تركية إن الولايات المتحدة أنشأت خمس قواعد لحزب "العمال الكردستاني" في سنجار. وهو ما يعد مصدر قوة للحزب الذي يحاول الاستفادة من دعم أية دولة تدخل في خصومة مع تركيا، وفقا للمحلل السياسي العراقي علي حسين الجبوري الذي قال لـ "العربي الجديد" إن وجود دعم أميركي، وغض طرف إيراني عن "العمال الكردستاني" أمور يمكن أن تدعم موقف الحزب في الوقت الحاضر.
وفيما يتعلق بالحكومة العراقية يعتقد الجبوري أن استمرار صمتها عن جرائم حزب "العمال" في سنجار يضعها أمام مسؤولية كبيرة، معبرا عن استغرابه من صمت بغداد عن انتهاكات الحزب في البلدة.

وتساءل "لماذا تلتزم بغداد الصمت إزاء حزب العمال رغم انتهاء مهلة تسليم الجنود منذ يوم السبت الماضي؟ هل يدل ذلك على الضعف؟ أم شيء أخر لا نعلمه؟" موضحا أن رد الفعل الحكومي الذي لا يتناسب مع حدث خطير كقتل جنود عراقيين يدعو لتوقع أكثر من سيناريو.

وأضاف "قد يكون للضغط الخارجي سواء كان الأميركي أو الإيراني دور في تخفيف حدة لهجة بغداد تجاه حزب العمال"، مبينا أن القضية تحتمل تفسيرات أخرى كخشية السلطات العراقية من حدوث خسائر كبيرة في حال الصدام.

وتابع "ما نتحدث به مجرد تكهنات، إلا أن تطور المواقف على الأرض هو الذي سيحسم الموقف في النهاية، إلا أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن تنفق عليه هو أن موقف بغداد من انتهاكات حزب العمال في سنجار ما يزال ضعيفا، ودون مستوى الطموح".


ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد مقاتلي الحزب، إلا أن التقديرات تشير إلى وجود نحو ستة آلاف مقاتل بالحزب يتواجد نصفهم جنوب تركيا، والنصف الأخر موجود في مناطق شمال العراق (في إقليم كردستان العراق، وبلدة سنجار بنينوى).

واليوم الاثنين أصدرت وزارة الدفاع العراقية، بيانا قالت فيه إن قوات إضافية وصلت إلى مدينة سنجار تتبع القوات العراقية الخاصة (الكوماندوس).

ووفقا للبيان فإن القوات الجديدة انتشرت في قضاء سنجار ببلدة سنوني، وهي تتبع فوج قوات خاصة وفوج مشاة آلي مع قطعات لواء المشاة الثاني والسبعين بالفرقة المشاة الخامسة عشرة، وجرى حث القوات الجديدة على أخذ الحيطة والحذر لمواجهة أي خطر قد يحدث، واعتبر البيان أن وجود الجيش العراقي لحماية السكان وللحفاظ على أمن المنطقة بالتعاون مع شرطة الناحية، داعيا الأهالي للتعاون مع القوات الأمنية من الجيش والشرطة.