"ميسا" يناقش مقاطعة إسرائيل أكاديمياً

05 ديسمبر 2014
أيد 256 صوتاً القرار مقابل 79 معارضاً(غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -

صوت أغلبية أعضاء المؤتمر السنوي لاتحاد دراسات الشرق الأوسط لأميركا الشمالية، "ميسا"، الذي انعقد بمدينة واشنطن من 22 إلى 25 من الشهر الجاري، لصالح فتح النقاش والتصويت خلال الأشهر المقبلة على تلبية النداء الفلسطيني بالمقاطعة الأكاديمية والفنية للمؤسسات الإسرائيلية الرسمية، كجزء من حملة المقاطعة العالمية (بي دي إس).

وعلى الرغم من أن هذا التصويت، الذي جاء بواقع 256 صوتاً مؤيداً مقابل 79 صوتاً معارضاً، يعد أولياً من أجل التصويت بشكل نهائي خلال الأشهر القادمة على مسودة قرار بهذا الصدد، إلا أن المعارضين والمعادين للمقاطعة بدأوا بحملة "تشهير" ضد الاتحاد تتهمه بمعاداة السامية، مع التهديد برفع دعاوى قضائية لسحب الدعم المادي الحكومي من الجامعات أو الأقسام التي تدعم حملة المقاطعة.
ولم تنجح، حتى الآن، أي من المؤسسات الصهيونية أو الأشخاص في الولايات المتحدة في كسب أي من الدعاوى، التي رفعوها ضد اتحادات أكاديمية أخرى صوت أعضاؤها بالتأييد لحملة المقاطعة، إلا أن هذه الدعاوى تُثير الكثير من اللغط الإعلامي وتحاول الضغط على المتبرعين الأثرياء للجامعات لوقف تبرعاتهم المستقبلية.

وعن الصعوبات التي يواجهها مؤيدو المقاطعة، تقول الأستاذة في قسم التاريخ بجامعة جورج تاون في مدينة واشنطن، جوديث تَكر، لـ"العربي الجديد"، إن "المعادين للمقاطعة تمكنوا من تحويل هذا الموضوع إلى أمر (جدلي)".

وأما عن أهمية الموافقة على مشروع من هذا النوع، فتؤكد تَكر "أنها تؤمن حماية للأفراد في حقهم بالنقاش والحديث بشكل صريح وأخذ موقف واضح من المقاطعة، وبذلك تتوفر لأنصار الحملة حماية بحق حرية التعبير، وهو الأمر المفروض ضمناً، ولكنّ مشروعاً من هذا النوع يؤكده علناً".

وحول أهمية فتح "ميسا" النقاش والتصويت على المقاطعة الأكاديمية، تشير تَكر إلى "أنه أمر مهم بالدرجة الأولى من الناحية الرمزية، ولكن حتى هذا الأمر (الرمزي) خلق زوبعة من النقاشات المريرة والحادة حوله من أعضاء معارضين". وتتساءل "إذا لم نقم نحن، كأساتذة نُدرس الشرق الأوسط ونعرف شؤونه، بهذا الأمر فمن سيقوم به؟".

وتؤكد تَكر أن الكثير من الاتحادات الأكاديمية الأخرى" تنتظر قرار التصويت النهائي في(ميسا)) في الفترة المقبلة بترقب، لأن تأييد (ميسا) سيعني الكثير وسيشجع اتحادات أكاديمية أخرى على القيام بذلك".

وكان بعض الاتحادات الأكاديمية الأميركية قد فتح النقاش والتصويت على تأييد المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل أو عدمها، ومن أبرزها "اتحاد الدراسات الأميركية"، الذي أيد أعضاؤه المقاطعة، الأمر الذي فاجأ جهات عدة وأدى إلى حملة قوية ضده. ويعدّ "اتحاد الدراسات الأميركية" الأهم إذ يضم 2700 عضو فعال.

وخسرت المنظمات المعارضة للمقاطعة الأكاديمية، حتى الآن على الأقل، أربع قضايا في المحاكم الأميركية حول سحب التمويل وإجراءات أخرى بحق اتحادات وكليات أيدت المقاطعة في كل من ولايات نيويورك وألينوي وماريلاند.

وعن الوضع القانوني، تقول الأستاذة في القانون بجامعة جورج ميسن في فيرجينيا، نورا عريقات، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الصعب أن يتم كسب هذه القضايا لأن الأساتذة والمؤيدين محميون بموجب حرية التعبير التي يضمنها الدستور الأميركي. ولكن ما يمكن أن يحدث هو أن تضغط هذه المنظمات على أحد النواب في ولايتها لكي يقوم بتقديم طلب لسحب الدعم لإحدى المؤسسات"، كما تشير إلى أنه "من المحتمل كذلك أن يتمكنوا من سحب الدعم لبرامج تعليم اللغة العربية مثلاً، في ما يتعلق بدراسات الشرق الأوسط"، وتلفت إلى أنهم "يحاولون نشر سياسة التخويف بين أعضاء الاتحاد لكي لا يؤيد هؤلاء المقاطعة".

 وسجلت حركة المقاطعة الأميركية بفروعها المختلفة نجاحات ملحوظة أخيراً، وعلى أصعدة عدة، من بينها سحب الكنيسة المشيخية، في شهر يونيو/ حزيران الماضي، في الولايات المتحدة، استثماراتها المادية، وبيع أسهمها في ثلاث شركات أميركية تُستخدم منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في دعم جيش الاحتلال على قمع الفلسطينيين. وتمكن حراك "أوقفوا السفينة"، وهو جزء من حركة المقاطعة، من منع سفينة "زيم" الإسرائيلية من الرسو وإنزال حمولتها على الشاطئ الغربي للولايات المتحدة في شهر أغسطس/آب الماضي، مما اضطر السفينة إلى العودة محملة بأغلب حمولتها بعد أربعة أيام من التصدي لها.

ووقع مئات الأساتذة في الجامعات الأميركية، بشكل فردي، على عرائض مختلفة تأييداً للمقاطعة، كما يرفض هؤلاء المشاركة في أية مشاريع مدعومة أو تشترك فيها جامعات إسرائيلية. وقامت المنظمة الصهيونية "عمخا" ومقرها كاليفورنيا، بوضع أكثر من 200 أستاذ جامعي في حقل دراسات الشرق الأوسط على اللائحة السوداء، مطالبة طلابهم بنشر أسمائهم ومشاركتها مع عائلاتهم وعدم أخذ دروسهم، وذلك لتوقيع هؤلاء على عريضة مقاطعة ضد الجامعات الإسرائيلية بسبب تعاونها الوثيق مع الجيش واحتجاجاً على الحرب الأخيرة على غزة.

وكانت المؤسسات الفلسطينية المدنية قد أطلقت في عام 2004 نداءها للعالم مطالبة إياه بدعمها في الضغط على إسرائيل عن طريق المقاطعة الأكاديمية والفنية والاقتصادية وإنهاء الاحتلال، أسوةً بما قام به السود في جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري. وعلى الرغم من أن الاستجابة لهذه الصرخة تحدث ببطء نسبياً إلا أن خطواتها واثقة. وفي الوقت الذي يُنتظر فيه من المؤسسات العالمية أن تسحب دعمها لقوى الاحتلال، ينتظر الكثير من الفلسطينيين من الرئيس، محمود عباس، أن يوقف التنسيق الأمني والاقتصادي مع قوى الاحتلال وألا يكون هذا مقتصراً على المستوطنات فحسب.

دلالات