اليوم الأول للهدنة اليمنية: خروقات ولجنتا رقابة وتنسيق

12 ابريل 2016
يترقب اليمنيون لمعرفة مدى صمود الهدنة (نبيل حسان/فرانس برس)
+ الخط -
مرّ اليوم الأول من الهدنة في اليمن، أمس الإثنين، محمّلاً بالخروقات في محافظات عدة، بيد أن جهوداً كبيرة تبذل هذه المرة لتثبيت وقف إطلاق النار، مع وجود لجنة تنسيق مشتركة برعاية السعودية ولجنة تواصل وتهدئة مؤلفة من الطرفين وتشرف عليها الأمم المتحدة في الكويت، فيما وصل المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى الرياض لإجراء لقاءات تحضيرية للمحادثات ومتابعة تنفيذ الهدنة عن قرب.

وأكدت مصادر ميدانية من "المقاومة الشعبية"، لـ"العربي الجديد"، تسجيل خروقات بإطلاق قذائف مدفعية وصاروخية من قبل مسلحي الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في محافظات تعز والضالع والجوف وصنعاء وشبوة، وهي خروق اتهم الطرف الآخر أيضاً قوات الشرعية بالبدء بها، ونتجت عنها اشتباكات وتبادل للقصف في عدد من الجبهات.
وتدخلت مقاتلات التحالف العربي، بعد تكرر الخروقات في محافظة تعز، خلال الساعات الأولى، حيث قصفت بثلاث غارات على الأقل مواقع مفترضة للانقلابيين في تعز. واتهم الحوثيون أيضاً التحالف بتنفيذ عملية إنزال للمقاومة في منطقة التربة بتعز، وتنفيذ غارة في منطقة مديرية نِهم، شرق صنعاء، فضلاً عن تحليق متقطع في صنعاء وعمران ومأرب ومحافظات مختلفة.

وفي الدقائق الأولى لدخول الهدنة حيّز التنفيذ، اعترضت منظومة الدفاع الجوي التابعة لقوات التحالف والشرعية في مأرب صاروخاً بالستياً أطلقه الحوثيون والموالون لصالح من صنعاء، على الرغم من إصدار الحليفين بياناً مشتركاً أعلنا فيه التزامهما بوقف إطلاق النار، بعد نحو ساعتين من صدور بيان التحالف الذي أكد الالتزام.
في غضون ذلك، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس الاثنين، إلى السعودية، لمتابعة إجراءات الالتزام بالهدنة التي تشرف عليها الأمم المتحدة. وعقد ولد الشيخ أحمد في الرياض لقاءات مع نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، وأكد في بيان، التزام الطرفين بـ"بنود وشروط وقف الأعمال القتالية الذي تم طرحه"، مشيراً إلى أن الاتفاق يتضمن بنوداً تسمح بالتنقل الآمن والغير مشروط للعاملين في الحقل الإنساني وبتوصيل المساعدات الإنسانية في كل أنحاء البلاد".
كما أكد المبعوث الأممي أن لجنة التنسيق والتهدئة التي جرى الاتفاق على تشكليها في ختام محادثات سويسرا، في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، عاودت نشاطها من الكويت وتراقب وقف الأعمال القتالية، طالباً من جميع الأطراف ومن المجتمع الدولي أن يبقوا حازمين في مواقفهم حتى يشكل وقف الأعمال القتالية الخطوة الأولى لعودة السلام إلى البلاد.
وإلى جانب الرقابة على وقف إطلاق النار من "لجنة التهدئة والتواصل"، كشفت مصادر حكومية وأخرى مقرّبة من الحوثيين عن وجود لجنة تنسيق مؤلفة من ممثلين عن الانقلابيين وآخرين من قوات الجيش الموالية للشرعية و"المقاومة الشعبية" بإشراف السعودية، تعمل على تثبيت الهدنة وتفادي الخروق بالاستفادة من تجربة التهدئة التي جرى إقرارها منذ أوائل مارس/ آذار المنصرم في المناطق الحدودية.
ووفقاً لتصريحات منفصلة لكل من المتحدث باسم التحالف العربي، أحمد عسيري، ونائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي، فقد عقد، الأحد، اجتماع في محافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير، جنوب السعودية، ضمّ حوثيين وممثلين عن الحكومة، جرى خلاله عقد اتفاقات على مستوى المحافظات التي تشهد مواجهات مباشرة. وفي وقت لم يكشف فيه عن تفاصيل الاتفاقات، أوضحت مصادر مقربة من الحكومة والانقلابيين لـ"العربي الجديد"، أنها تختص بتشكيل لجان على مستوى كل محافظة من الطرفين تتولى التنسيق لتطبيق وقف إطلاق النار، بإشراف من التحالف.
وتمثل هذه التفاهمات التي جرت في منطقة قريبة من الحدود تطوراً مهمّاً ولافتاً يمكن أن يعزز وقف إطلاق النار، إذ يجعل من السعودية طرفاً راعياً للتهدئة خلافاً للمرات السابقة التي كان الحوثيون يعتبرون فيها الجانب السعودي خصماً مباشراً، فيما تأتي هذه اللقاءات كامتداد للتفاهمات المباشرة بين الرياض والحوثيين. ويراها مراقبون أحد أهم العوامل التي يمكن أن تسهم في صمود الهدنة ونجاح المحادثات المقبلة من عدمها.

وظهرت تباينات في تفسير الأطراف المختلفة للهدنة وحدودها، إذ أعلن التحالف سقفاً محدداً لها بأن تستمر حتى اليوم التالي لاختتام محادثات الكويت، ما لم يتم الاتفاق على تمديدها، وذلك بناءً على طلب من الرئيس عبدربه منصور هادي في رسالته الموجهة للتحالف. في المقابل، أعلن الحوثيون وحزب المؤتمر الذي يترأسه صالح أنهم سلّموا المبعوث الأممي رسالة تؤكد التزامهما بوقف إطلاق النار، "بما يضمن إيقاف كافة الأعمال القتالية والعمليات والتحركات العسكرية البرية والبحرية والجوية على كامل أراضي الجمهورية اليمنية".
وكان التباين حول مسودة الاتفاق التي قدمها الجانب الأممي، أعاق التوقيع عليها بصورة رسمية، إذ طالب الحوثيون وحلفاؤهم بضرورة أن يشمل وقف إطلاق النار منع تحليق الطائرات وغير ذلك من الملاحظات، فيما أعلن ولد الشيخ أحمد أن الطرفين التزما بشروط وقف إطلاق النار، من دون أن يكشف عن هذه الشروط.

المساهمون