ويأتي ذلك، بعد أسبوع واحد من تحرّك مماثل بدأ في محافظة البصرة، عدّ الأوسع من نوعه تشهده المحافظة، حيث توافقت فيه جهات سياسية فيها، وبدأت فعليا التحرك نحو تشكيل الإقليم.
وجاء حراك الموصل بعد ضغوط شعبية على الجهات السياسية في المحافظة، التي تبنّت هذا المطلب، وستقوم بدورها بتقديم طلب رسمي إلى مفوضية الانتخابات للبدء بالإجراءات الرسمية. وقال مسؤول في الحكومة المحلية للمحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أساتذة جامعيين وجهات وشيوخ عشائر في المحافظة، احتجوا على مصادرة حقوق الموصل، من خلال إهمالها، والسيطرة على حقوقها مركزياً من قبل بغداد".
وأكد أنّ "جهات سياسية في حكومة المحافظة دعمت الحراك وبدأت بجمع تواقيع من مسؤولي المحافظة، وستقدم الطلب في غضون أسبوع على أبعد تقدير"، مشيراً إلى أنّ "الحراك بدأ بسبب التخصيصات الهزيلة من موازنة العام الحالي للموصل، وإهمال إعمار مناطقها التي هُدمت بفعل الحرب والمعارك التي شهدتها".
وأشار إلى أنّ "الطلب سيسير في اتجاهين، قانوني وشعبي، وأنّ صوت الشعب المطالب بالإقليم هو الحاسم، خاصة أنّ الإجراءات تحتم أن يجرى استفتاء شعبي في المحافظة ليحدد المضي نحو الإقليم أو الرفض".
ودفعت الظروف الصعبة التي تعيشها الموصل، من خلال وجود مناطق مهدمة بشكل كامل بفعل المعارك التي شهدتها، وغض الحكومة الطرف تجاه هذا الملف، فضلاً عن ارتباك الملف الأمني، نحو حراك تشكيل الإقليم.
وقال عضو تحالف "الإصلاح" عن المحافظة، أيمن الحمداني، لـ"العربي الجديد": "تبنينا مطالب الشعب ومثقفيه ووجهائه نحو تشكيل الإقليم، فالحياة في الموصل أصبحت لا تطاق، وغالبية مناطقها غير صالحة للسكن"، متابعاً "الحكومة لم تتحرك نحو إعمار المحافظة التي انهارت بناها التحتية، وحتى لم تتحرك لرفع الأنقاض عنها، فالحياة معدومة في الكثير من المناطق".
وأضاف "الموصل اليوم رهينة المركزية والتحكم الحكومي في مصيرها، وأنّ ملفها الأمني هو الآخر بدأ يتراجع بشكل خطير"، مؤكداً أنّ "الحراك نحو الإقليم بات الحل الوحيد لأزمات المحافظة، إذ أنّ بغداد لا تستطيع أن تدير ملفات المحافظة، كونها لا تشعر بمعاناتها".
وأشار إلى أنّ "الكثير من النواب وأعضاء الحكومة المحلية يؤيدون التوجه نحو الإقليم، الأمر الذي يكسبه قانونية، ليأخذ مجراه بشكل طبيعي".
وعلى وقع الخطوات نحو الإقليم، يؤكد وجهاء وشيوخ الموصل، أنّ "البقاء تحت سلطة بغداد سيحرم المحافظة من حقوقها، ويقضي على تطلعات إعادة نازحيها. وقال الشيخ برهان الشمري، وهو أحد شيوخ المحافظة، لـ"العربي الجديد"، "نؤيد حراك تشكيل الإقليم، رغبة منا في الحصول على حقوقنا".
وأكد أنّ "بقاء الموصل تحت سلطة الإدارة المركزية، ستنهي الأمل في حياة مستقرة، وستحول دون عودة آلاف العائلات التي ما زالت نازحة"، معتبراً أن "الحكومة لا تشعر بمعاناتنا ولن تشعر بها، وهي التي دفعتنا نحو هذا التوجه".
ويمنح الدستور العراقي حرية للمحافظات منفردة، أو لعدة محافظات، بتقديم طلب للانتقال إلى إقليم، بعد إجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات، ويجب أن يحظى بموافقة أكثر من نصف المواطنين في تلك المحافظة، ليكون الإقليم إدارياً على غرار إقليم كردستان العراق.
وتعدّ محافظة نينوى ومركزها (الموصل) من أكثر المحافظات تضرراً من حقبة "داعش"، الذي اجتاح المحافظة صيف 2014، وأعلن خلافته فيها على مدى أكثر من ثلاث سنوات، ومن ثم خاضت القوات العراقية المدعومة بالتحالف الدولي، معارك ضارية فيها، انتهت بتحريرها، لكن بعد تهديم مناطق كاملة فيها.