توسيع قنص العرب في النقب... مخطط إسرائيلي جديد لتهجيرهم؟

22 سبتمبر 2015
ضوء أخضر للجيش الإسرائيلي بقتل العرب (جاك غيز/فرانس برس)
+ الخط -
يحذر مراقبون وحقوقيون وأعضاء كنيست عرب، في الداخل الفلسطيني، من أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن توسيع دائرة القنص واستخدام بندقية "روجر" بقطر 0.22 ملم القاتلة في الداخل الفلسطيني، وخصوصاً في النقب ضد المتظاهرين العرب، قد تشير في طياتها إلى مخطط اسرائيلي كبير يستهدف العرب البدو في الجنوب. كما يحذرون من أن تطبيق إطلاق النار معناه منح الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ضوءاً أخضر للمضي بقتل العرب بدم بارد.

ويطالب نتنياهو بتغيير أوامر إطلاق النار وتفعيل القناصة لتفريق المتظاهرين، حتى في الداخل الفلسطيني وليس فقط في القدس المحتلة، وهو الأمر الذي يتناقض مع قرارات لجنة "أور"، وهي لجنة تحقيق تم تشكيلها في أعقاب استخدام الشرطة الإسرائيلية للرصاص الحي، وتسبُبها باستشهاد 13 شاباً خرجوا للتظاهر في هبة القدس والأقصى في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2000.

ويرى النائب في الكنيست الإسرائيلي عن "القائمة المشتركة" يوسف جبارين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الخطوة انتقامية، تسعى إسرائيل من خلالها لمواجهة صمود الشبان الفلسطينيين في القدس المحتلة والحرم القدسيّ الشريف، وبات الحديث الآن عن استعمال هذا السلاح ضد أهلنا في النقب أيضاً"، معتبراً أن "نتنياهو يرى بجميع العرب أعداء له، وقد تكون هذه الخطوة تمهيداً لتصعيد مخططات تهجير أهلنا في النقب وسلخهم عن أرضهم".

ويشير جبارين إلى أن "التطرق لعرب النقب بهذه التصريحات، يحمل تحريضاً عليهم ويضعهم في خانة "أعداء الدولة" و"خارجين عن القانون"، وفي فترة لا يشهد النقب فيها تظاهرات صاخبة، فإن نتنياهو يستبق هذه الأحداث ويصعّد لهجته، وسياساته منذ الآن". ويضيف: "كلنا يذكر توصيات لجنة أور التي صدرت عام 2003 وأقرت أن استخدام قناصة في تفريق المتظاهرين مخالف حتى لأنظمة الشرطة الإسرائيلية نفسها، ومخالف لمعايير القانون، لذلك إذا أصرت الحكومة الإسرائيلية على هذا التغيير، فمن المتوقع أن يصل هذا الموضوع إلى بحث في محكمة العدل العليا، من خلال مؤسسات حقوق الإنسان للطعن بدستوريته".

من جهته، يعتبر النائب في الكنيست الإسرائيلي باسل غطاس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أوامر فتح النار على المتظاهرين لم تتغير منذ فترة ما قبل انتفاضة القدس والأقصى، وتوصيات لجنة التحقيق التي أقيمت برئاسة القاضي أور وعُرفت باسمه لم تُقبل لدى المؤسسة الإسرائيلية، أما الجديد في الموضوع فهو إعطاء ضوء أخضر ومحفز لقوات الشرطة لقتل المتظاهرين العرب في الداخل الفلسطيني وخصوصاً في النقب بدم بارد، وذلك باستعمال إطلاق الرصاص الحي بهدف الردع ومنع أي فعاليات احتجاجية ضد نتنياهو وسياسات المؤسسة الإسرائيلية".

اقرأ أيضاً: الاحتلال يوسع استخدام القناصة ضد الفلسطينيين البدو في النقب

أما حسن عاصلة، والد شهيد هبة القدس والأقصى أسيل عاصلة، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث في أكتوبر/تشرين الأول 2000 يؤكد أن حكومات اسرائيل ليست بحاجة إلى قوانين لكي تطلق النار، فهي تعطي أوامر ميدانية فيقوم الجنود بإطلاق النار وقتل من يريدون قتله كما حدث مع أبنائنا"، مضيفاً: "عملياً الموضوع ليس جديداً، وتربية المؤسسة الصهيونية هي تربية عنصرية واضحة وليس هناك أي عنصر من الأجهزة الأمنية الاسرائيلية قد يتردد في إطلاق النار على أي عربي يتظاهر".

ويعتبر عاصلة أن فلسطينيي الداخل مطالبون بدور أكبر للتصدي لسياسات نتنياهو والمؤسسة الاسرائيلية، "فنحن نعيش تحت أبرتهايد ويجب على قيادات الجماهير العربية أن تعي أن من يعيش في ظل التمييز العنصري يجب أن يقاومه، لأنه إذا لم يهب لذلك (وهناك آلاف الأساليب لمناهضته) سندفع ثمناً أكبر"، مضيفاً: "نحن نساهم في تمادي نتنياهو وغيره بسكوتنا عن قضايا كثيرة متراكمة، وسبق أن هرب أبناء شعبنا وقياداته من تبعات هبة القدس والأقصى".

من جهته، يؤكد رئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، لـ"العربي الجديد"، أن التعليمات الجديدة، "هي تصعيد خطير جداً ومؤلم ضد أبناء شعبنا في الداخل وخصوصاً في النقب، وبطبيعة الحال قبل هذا بالقدس المحتلة"، مشيراً إلى أن "الحكومة الإسرائيلية وبدل أن تقوم بحل مشاكل السكان العرب في النقب، الذين يفتقرن لأبسط مقومات الحياة، فإنها توغل في اضطهادهم وتستحدث تعليمات وربما قوانين لقتلهم وقتلنا جميعاً إذا ما اعترضنا وتظاهرنا محتجين على السياسات الإسرائيلية".

وكان مركز "عدالة"، توجّه إلى المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين، بطلب إصدار تعليمات واضحة للشرطة الإسرائيلية ولقوات الأمن بعدم استخدام الرصاص الحي ونيران القناصة ضد راشقي الحجارة. وحذر بواسطة المحامي محمد بسام، من أن تغيير تعليمات إطلاق النار، "سوف يؤدي بالضرورة إلى نتائج فتاكة، وهو غير مشروع من الناحية القانونية، وكذلك من ناحية القانون الدولي".

ويوضح بسام في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التعليمات الموجّهة للشرطة تعتمد على القانون الجنائي الاسرائيلي، الذي يعطي كل إنسان إعفاء من المسؤولية الجنائية في حال كانت هناك حاجة لاستعمال الرصاص الحي ضد أي متظاهر أو في أي حالة، لكن لا تعريف واضح للحاجة التي يمكن أن يفسّروها كما يشاؤون"، لافتاً إلى أن "قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية، سبق أن وضعت عدة شروط مسبقة لاستخدام القوة، منها أن الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمتظاهر مساوٍ للشخص المقابل له (عنصر الأمن)، فإذا قدّر الشرطي بأن حجراً قد يقتله مثلاً، فهذا يتيح له إطلاق النار عليه". ويشدد على أن "استخدام الرصاص الحي يجب أن يكون خياراً أخيراً بعد استنفاذ كافة الامكانيات، مثل إطلاق تحذيرات واستخدام غاز مسيّل للدموع أو أساليب أخرى، وبالتالي ما ينادي به نتنياهو يتناقض مع قرارات المحكمة خصوصاً أن بندقية "الروجر" سلاح قاتل، وهذا وفق تصريحات المدعي العام العسكري الإسرائيلي".

ويشير بسام إلى مفارقات في هذا السياق، إذ "يتم إطلاق النار على رماة الحجارة العرب، في حين أن هناك مستوطنين ومتطرفين يهود يلقون الحجارة أيضاً، لكن لا تُستخدم العيارات النارية ضدهم، وهذا يفضح مجدداً التمييز والعنصرية تجاه العرب، إلى حد القتل". ويرى أن تغيير تعليمات إطلاق النار تهدف إلى توسيع تعريف مصطلح "عند الحاجة"، على الرغم من أن ذلك يمس بحقوق أساسية منها الحق في الحياة، وهذا حق أساس في كل دول العالم.

اقرأ أيضاً: الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال استخدام الرصاص ضد الفلسطينيين