"غيرنيكا": حقائق وبهارات سينمائية

02 يوليو 2016
(لقطة من الفيلم)
+ الخط -

بعد عشر سنوات على فيلمه الأول "غابة الظلال" (2006)، يعود المخرج الإسباني كولدو سيرّا (1975) إلى السينما ليقدم عمله الثاني "غيرنيكا"، الذي يتناول، كما يشير عنوانه، القصف العنيف الذي تعرّضت إليه قرية غيرنيكا، العاصمة التاريخية والثقافية والروحية لإقليم الباسك في إسبانيا، من قبل الطيران الإيطالي ووحدة الكوندور الألمانية المساندين للجنرال فرانكو، خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936 - 1939).

تجري أحداث الفيلم أثناء وبعد القصف الجوّي، لكنها لا تقتصر على تصوير الدمار الذي لحق بالقرية وآثار الحرب الأهلية وأهوالها، بل تحكي أيضاً قصّة حب بين تيريسا (الممثّلة الإسبانية ماريا بالبيردي) التي تعمل رقيبة في "مكتب صحافة الجمهورية" وبين هينري هويل (الممثّل البريطاني جيمس دارسي)، الصحافي الأميركي الذي يغطّي أحداث الحرب الأهلية الإسبانية في الجبهة الشمالية.

يشارك إلى جانبهما ممثّلون من إسبانيا؛ مثل أليكس غارثيا، وباربرا جويناغا، وبيكتور كلابيخو، وخوليان بياغران، إضافة إلى البريطاني جاك دافينبورت والسويدية إنغريد غارثيا جونسون والأميركي البريطاني بورن غورمان وقرابة 160 شخصاً آخرين يشكلون فريق عمل الفيلم.

ورغم كون السواد الأعظم من فريق العمل إسبانياً، إلا أننا لا يمكن أن نصنفه من بين الأعمال الإسبانية، ليس لكون شركة الإنتاج أميركية، أو بسبب مشاركة ممثّلين من دول أخرى فحسب، وإنما للتقنيات المستخدمة في الصورة والصوت؛ والتي تجعل منه أقرب للمدرسة الأنكلوسكسونية.

ينطلق الشريط من شهادة مراسل جريدة "التايمز"، جورج لوثير ستير، الذي كان الصحافي الوحيد الذي نقل أحداث القصف إلى العالم، لكنه يقدّمها على طريقته، مضفياً عليها بعض الإضافات الدرامية.

أيضاً، يبرز الشريط دور المرأة خلال الحرب، من خلال دور ماريا بالبيردي الذي استُوحي من حياة كونستانثيا دي لامورا مديرة "مكتب الصحافة الأجنبية للجمهورية الإسبانية"، ودور إنغريد غارثيا جونسون التي قامت بدور مصورة حرب مستوحى من تجربة مصورة الحرب غيردا تارو التي عملت رفقة روبرت كابا.

وقع القصف قبل 79 سنة تحديداً، لكن الغريب هو أن فيلم "غيرنيكا" هو أول عمل سينمائي يجسّد ثلاث ساعات ونصف من القصف كانت كافية لتدمير القرية التي لم يبق منها سوى الكنيسة وساحة السوق، وقتل 150 شخصاً.

يُعيد الفيلم، بعد ثمانية عقود تقريباً على الحادث، الحياة إلى هذه القرية لتعيش من جديد القصف والخراب وتستعيد الألم. تنقل بدايته الهادئة المشاهد الطبيعية الخلابة للمنطقة التي تتغير كلّياً في المشاهد الأخيرة؛ فبعده، تختفي كلّ أشكال الجمال تاركةً المجال للأشلاء والدمار.

يستعيد الفيلم ذاكرة الضحايا الذين يحتفظون بصور القرية قبل وبعد الحادث وذاكرة من ماتوا أيضا. لعل أحسن ما فيه هو إخراج كولدو سيرّا، وأسوأ شيء هو قصّة الحب التي بدت غير مقنعة، وإنما مجرّد بهار سينمائي أُضيف إلى القصّة.

المساهمون