استمع إلى الملخص
- يُفتتح معرض "الأصلي الحديث" في "متحف متروبوليتان للفنون" بنيويورك، ليعرض أعمال سولي ويبرز دورها في تأسيس مفاهيم الفن التقليدي للسكان الأصليين والفن الأميركي الحديث، ويستمر حتى الثاني عشر من يناير المقبل.
- يعكس المعرض الحياة اليومية وواقع الفن في أوائل القرن العشرين، حيث رسمت سولي شخصيات بارزة مثل غيرترود شتاين وبيب روث، مستخدمة قلم الرصاص الملوّن والغرافيت، لتشكل سجلاً بصرياً لثقافة المجتمع الأميركي خلال فترة الكساد الكبير.
في بداية القرن الحالي، تمّت استعادة الفنانة الأميركية ماري سولي (1896–1963)، التي تنتمي إلى السكّان الأصليين، وظلّت سيرتها الذاتية غير معروفة إلى حدّ كبير حتى ظهرت دراسات ومؤلفات عدّة حولها مؤخراً، ومنها كتاب أصدره ابن شقيقها فيليب ج. ديلوريا عام 2019، بعنوان "أن تصبح ماري سولي" يضيء على تجربتها المتفرّدة في التجريد.
استعادةٌ جديدة للفنانة الطليعية في معرض يحمل عنوان "الأصلي الحديث" الذي يُفتتح الخميس، الثامن عشر من الشهر الجاري، في "متحف متروبوليتان للفنون" بنيويورك، ويتواصل حتى الثاني عشر من كانون الثاني/يناير من العام المقبل.
يُنظر إلى سولي كونها صاحبة تجربة ثورية في دمج الجلود الخام المدبوغة ومنسوجات النافاجو؛ الخاصة بالشعوب الأصلية في منطقة جنوب غرب الولايات المتحدة، وبين تيارات الفن الحديث الغربية مثل الآرت نوفو (الفن الجديد) ومدرسة باوهاوس، وغيرهما، خلال الفترة الممتدّة بين عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي.
يعكس الحياة اليومية وواقع الفن في أوائل القرن الماضي
يضيء المعرض الفردي الأول الذي ينظّمه "متروبوليتان"، على موقع الفنانة في تأسيس المفاهيم التقليدية لفن السكان الأصليين والفن الأميركي الحديث، ومساهماتها المتعدّدة والغنية من خلال رسوماتها المصمّمة بتعقيد وألوان زاهية، رغم أنّها عاشت معظم حياتها منعزلة عن الأوساط الفنيّة.
ولدت سولي باسم سوزان مابيل ديلوريا، في محمية ستاندنغ روك في ولاية داكوتا الجنوبية، ثم انتقلت للعيش في مدينة يانكتون بالولاية نفسها، وهناك بدأت مزج عناصر تراثية مع وسائط وأساليب حديثة ورسمت مجموعة شخصيات سياسية وثقافية في سلسلة بورتريهات أسمتها "مطبوعات شخصية"، منها خمسة وعشرون رسماً يقدّمها المعرض، بالإضافة إلى مواد عائلية أرشيفية وأعمال أخرى.
يعكس المعرض جانباً من الحياة اليومية، وواقع الفن في أوائل القرن العشرين، في لحظة كان يصعد فيها فن السكان الأصليّين والفن الأميركي الحديث بالتوازي، كل منهما بشكل مستقل، من خلال المعارض التي نظّمت في تلك المرحلة. لكن سولي صاحبة الظهور الخافت لم تر حدوداً فاصلة بين الفنّين، فالحداثة بالنسبة لها ولمعظم فناني السكان الأصليين حالة استعمارية قسرية، ولم يكن أمامها سوى أن تكون فنانة أميركية بمعنى مزدوج يحمل ثقافتين مختلفتين معاً، وهو الخيار الذي تبناه الفنانون الذين ينتمون إلى الشعوب الأصلية بعد ذلك.
في سلسلة "مطبوعات شخصية" نفّذتها سولي خلال الثلاثينيات، استخدمت قلم الرصاص الملوّن والغرافيت للرسم على الورق، إذ رسمت الروائية والشاعرة غيرترود شتاين، ونجم البيسبول بيب روث، والكاتبة المسرحية والممثّلة كورنيليا أوتيس سكينر، وأسقف الكنيسة التي كان يرتادها الأميركيون "الهنود" في داكوتا، وغيرهم.
بلغ عدد هذه البورتريهات نحو 134 رسماً، تشكّل سجلاً بصرياً لثقافة المجتمع الأميركي خلال فترة الكساد الكبير، مع انتشار الفقر والبطالة والجوع والاضطرابات الاجتماعية في العديد من الولايات، وازدياد العنف والتمييز ضدّ الأقليات التي عانت أكثر من غيرها في الحصول على المسكن والطعام.
شغل هذا الموضوع سولي وشقيقتها، عالمة الأنثربولوجيا واللغة، إيلا ديلوريا، وهيمنت على نقاشاتهما آنذاك مسائل التطوّر الثقافي والأعراق التي ضغطت على الفكر الاجتماعي في أوائل القرن العشرين.
إيلا ديلوريا دعمت شقيقتها من أجل أن تجد لها موقعاً في سوق الفن، ما دفع سولي أن تدرس الفن بمفردها من دون دراسة أكاديمية منتظمة، وتفرّدت تجربتها عبر تضمين أعمالها التقاليد الجمالية النسائية للشعوب الأصلية في داكوتا، واستيعابها للتجريد الذي كان في بداياته، وبدا لافتاً أنّها لم تقدّم تراث شعبها على نحو غرائبي وفانتازي، بل كأنه تجديد له ضمن رؤية حداثوية.