تعبّر مجمل تجربة الكاتبة الأردنية البريطانية فادية الفقير (1956) عن واقع المرأة في ظلّ ثقافة أبوية متسلّطة، ولا تنفصل نساء أعمالها عن المتغيّرات الاجتماعية والسياسية في المنطقة العربية خلال العصر الحديث، وكيف أثّرت على مسار حياتهن العاطفية والعملية.
تعيش بطلاتها تجارب متعدّدة ومكثفة ومعمّقة سواء في تعرّضهن إلى القهر الأسري والاجتماعي أو في السجن الذي يحمل دلالات مركبة حول مفهوم الحرية، أو في انزياحهن نحو الجنون نتيجة ما لقينته من تعسّف على يد زوج أو قريب، أو كمهاجرات ينتقلن بأحلامهن التي تشبه السراب.
ينظّم "منتدى عبد الحميد شومان" في عمّان عند السادسة والنصف من مساء غدٍ الإثنين لقاءً مع الفقير للحديث عن تجربتها الإبداعية والأدبية، والذي يقدمه ويدير الحوار مع الجمهور القاص مفلح العدوان.
تعود الكاتبة في روايتها الصادرة مؤخراً "أعمدة الملح" إلى الأردن في الأربعينيات والخمسينيات، وتحديداً فترة الانتداب البريطاني من خلال انشغالها أيضاً بتفسير بعض السياقات الاجتماعية والثقافية لنشأة المملكة، والتركيز على شخصية الأنثى في أشد تعقيداتها ضد التركيبة الأبوية، خصوصاً في داخل المجتمعات العربية، وما يتعلق بمعيشتها التي تحدها النظم الثقافية والاجتماعية والعائلية.
تبدأ الرواية بمشهد في مستشفى الفحيص للأمراض العقلية حيث تلتقي هناك أم سعد مع مها، وتظهر أولى الفوارق بين المرأتين القادمتين من بيئتين مختلفتين؛ المدينة والبادية، ولكن سرعان ما تذوب هذه الفوارق حين تشتركان بالألم نفسه نتيجة العلاج بالصدمة الكهربائية، التي تجعل التداعي المتبادل بينهما يذوّب مسافات كبيرة.
اختارت الفقير فترة الاستعمار البريطاني في محاولة للربط بين حرية المرأة وحرية المجتمع، حيث رفض السلطة على اختلاف مصدرها وتمظهراتها، مع تبيان العنف المادي والرمزي الذي تتعرّض إليه معظم النساء والمجتمع ككلّ، وتفصيل حالات الاضطهاد وتداعياتها.
كما تتناول لحظة تشكل الدولة الأردنية من خليط اجتماعي وثقافي متنوع يحاول أن يجد لنفسه إطاراً سياسياً موحداً، عقب الاستقلال مباشرة، وتفسير السياقات الاجتماعية والثقافية الناشئة وربطها بالأحداث والتطوّرات الجارية.
يُذكر أن فادية الفقير حصلت على دكتوراه في الكتابة الإبداعية والنقدية من بريطانيا، ولديها العديد من الأعمال المنشورة، منها: "نسانيت"، و"اسمي سلمى"، و"ألوا"، و"حائط الأبعاد"، و"تحت شجرة السرو"، و"لا تنظر إلى الخلف"، و"الأشياء التي يمكن أن أرويها لك".