منذ حوالي مئة عام مضت، أُعلنت دولة "لبنان الكبير" باعتبارها جزءاً من التقسيم الفرنسي – الإنكليزي ما كان يسمّى "سورية الطبيعية" الذي نصّت عليه اتفاقية سايكس بيكو، بعد سلسلة أحداث عاشتها المنطقة بدأت إبان الحكم العثماني بسبب خلافات وقعت بين المسلمين والمسيحيين أسفرت عن تدخّلات من عدّة قوى غربية.
توسّعت الدولة الناشئة لتأخذ شكّلها الحالي، لكنها ظلّت تعبيراً عن تسوية "هشّة" تضمن التعايش بين مكوّناتها حيث تعرّضت إلى اختبارات عديدة كادت تنهي وجودها، ما تطلّب توافقاً دولياً في كلّ مرة من أجل إعادة تثبيت المحاصصة السياسية بين الطوائف والمذاهب.
سلسلة من الأنشطة الثقافية تشهدها بيروت بمناسبة المئوية الأولى ومنها معرض "بيروت 1919" الذي افتتح في الرابع من الشهر الجاري في ساحة الآثار الرومانية (الحمَامات) وسط العاصمة اللبنانية، ويتواصل حتى الرابع من الشهر المقبل.
المعرض ينظّم ضمن فعاليات الدورة الأولى من "مهرجان بيروت للصورة" الذي تقيمه "جمعية مهرجان الصورة – ذاكرة"، ويضمّ صوراً لمبنى السرايا الكبيرة والأسواق القديمة وعدد من البيوت التي يعود بناؤها إلى مطلع القرن الماضي،، وهي جزء من مجموعة الفرنسي ألبرت كان (1860 – 1940).
بدأ كان مشروعه الفوتوغرافي الذي حمل عنوان "محفوظات الكون" عام 1909، متعاوناً من عشرات المصوّرين الفوتوغرافيين في حوالي خمسين بلداً، خلال اثني وعشرين عاماً، استطاع أن يؤرشف أكثر من اثتين وسبعين ألف صورة تظهر الكثير من الحقائق الثقافية والاجتماعية، في اليابان والصين وكمبوديا والبوسنة وكرواتيا وبلغاريا والعراق ومصر والجزائر وجيبوتي والبنين والبرازيل وغيرها.
يُبرز المعرض أحداثاً عاشها لبنان في تلك الفترة، حيث تبيّن الصور الثكنات العسكرية لجيش الاستعمار الفرنسي أمام السراي، ولعدد من أهالي يجليون حول نافورة مياه بلدة مجدل عنجر في البقاع عام 1921، وورشة لصناعة سفينة خشبية في ميناء صيدا عام 1919، وكنيسة مار جرجس المارونية على شارع الأمير بشير.
وقد أرسل كان مصوريْن فوتوغرافيين إلى لبنان في لحظة أحس أنها تنذر بتغيّرات كبرى في البلاد والمنطقة بأسرها، واستطاعا أن يحتفظا بالعديد من الصور من عدّة مدن وبلدات.