في بلد من الطين والسراب

03 مارس 2017
+ الخط -

مسيرة جنائزية

I

وصلتُ/ وصلنا في مايو، حيث كانت السماء تمطر والأيدي تحمل الأباريق.
سخرتِ من البرد، من الأرض المتفحّمة التي غطَّيناها بالسيراميك والكزبرة. (وجدتُ وشمك في رقائق الفحم المتحجّرة: نسور مفرودة الأجنحة).

رفعنا أسقفنا وجدراننا كي نخفي صراعاتنا العاطفية المشفوعة بالكلس والنشيد. سخرتِ من البرد، ومن البيت الذي امتلأ تدريجياً بالسرخس والأوركيدا والرياح البحرية.

زرعتُ أشجار السرو، وورداً للتمويه. وسط شجرة الكينيا ما زال يترنح اسمك وبين شفتي. بالحب حللنا في كل فضاء: الشرفة كانت للأفكار وزهرة الغرانيون. الفناء حيث العشب يتذكر طعم يديك. تحاببنا تحت شمس الأنديز والمطر الذي شكل الطبيعة ونيرانك. بعدكِ لا أعرف إن كنت رجلاً أم عنكبوتاً أم نمراً أم فهداً.

نعم، وصلنا بين الأقمار والأسطرلابات.

سخرتِ من البرد، من حبي ومن نشيدي..


II


أركض. أقترب من فوهة البركان، المياه الكبريتية تعبر القرية. أبني لي بيتاً مرتفعاً على الهضبة، فوق الأرض المتكلّسة، أزرع الورود.. أحبس نفسي مع الكلاب والقطط.. تصل الأوركيدا ليدي وتشتبك بي.. مقيداً (مقطوع الرأس) يدندن جرحي أغنية
السلام عليك يا مريم.. يا حبيبةُ.


في ظلّ القرصان

"الوجهة الوحيدة هي أن تستمرّ في الإبحار
بسلام وهدوء حتى تغرق السفينة من جديد" خوسيه إيميليو باتشيكو. "تايتنك"


يتأوّه الليل كحيوان شبق. يثقب الجلد والعظام في مكان كتابة القصة. البحر يتعالى: وهو مرآة الماء وطيره. أزرع الزنبق في بطون النوارس. سرنا بحماس. من أفواه المترو خرجت بروق ودلافين وثيران تبحر فوق الظهور. لكن لو فردت الأجنحة، فستختفي.

بجنون ألقي بنفسي للمدينة، أبحث عنك. أضرب رأسي بالجدار. المدّ يرميني في بلد من الطين والسراب والغرغرينا والمعادن. جبال حمقاء تواسيني بقصص حبّ بالية. أحتفظ بك في قصاصات الورق، في جلدي الذي رسمت عليه مدناً ميتة. أحتفظ بك في قصص النمل، في التوازن، في الملح الذي أمتصه من ظهرك. ألقي بالصرخات للسلاسل الجبلية، للعقد المليئة بالقش والأشباح.

كم هو بعيد الشتاء ولياليه، ما أبعد سريري المعدني والماريغوانا. وما أقرب صوتك، كلماتك المرصعة بأحجار شمسسية.. ويديك اللتين اصطادتا فراشات حلقي.


قطُّ خوسيه الجديد

رغم أن المدينة غارقة في الخردة والضجيج،
بالغضب والسمّ،
لأنّ الناس يصرخون،
تتراجع للخلف وتتأذى جروحها المفتوحة.
رغم أن الضوء بعيد وأن الذاكرة هي كنزنا
(الحب ملتف بأهرامات وأفاعِ)
رغم أن بطني تتلوى تحت وطأة الموت
ما زلت أتعلّم قرقرة القط


* FRANKLIN ORDÓÑEZ LUNA شاعر إكوادوري من مواليد لوخا عام 1972. نشر عددا من المجموعات الشعرية، من بينها: "خريطة الملح"، 2002. "في ظل القرصان"، 2004. "مقابل المال أم الكلمات"، 2007. "من خوسيه الجديد وقصص أخرى"، 2008. "أوغستو باتينتيا"، 2015. يقيم في كوينكا حيث يعمل في جامعة آسواي.

** ترجمة عن الإسبانية: غدير أبو سنينة وتنشر بالتعاون مع "إلكترون حر"

المساهمون