استعادة إنزو ماري.. التصميم ضدّ احتكار السوق

17 يوليو 2024
من المعرض
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **معرض "متحف التصميم" بلندن يستعرض تجربة إنزو ماري، الذي يُلقب بـ"ضمير عالم التصميم"، من خلال عرض أكثر من 300 قطعة من مجموعته الضخمة التي تضمّ 2000 عمل.**
- **أعمال ماري تتحدى النزعة الاستهلاكية وتطرح أسئلة حول علاقة الإنسان بالتصميم، مع التركيز على تصميمات سهلة التنفيذ تعتمد على مفهوم "التصميم الذاتي".**
- **ماري، الذي ترك المدرسة ليعمل في مهن عديدة قبل التحاقه بـ"أكاديمية بريرا"، رفض قواعد السوق التقليدية، معتبراً أن التصميم الكلاسيكي لم يعد يعبر عن الحياة اليومية المعاصرة.**

على مدار ستّة عقود، سعى الفنان الإيطالي إنزو ماري (1932 - 2020) إلى توفير حلول ذكية ومدروسة لتحسين حياة العمّال والطبقات الكادحة، من خلال تصميم الأثاث والأدوات المنزلية والألعاب التي يسهل اقتناؤها، وهو ما يضيئه معرضه الاستعادي الذي افتتح نهاية آذار/ مارس الماضي في "متحف التصميم" بلندن، ويتواصل حتى الثامن من أيلول/سبتمبر المقبل.

يستكشف المعرض تجربة ماري، الذي يُطلَق عليه لقب "ضمير عالم التصميم"، من خلال عرض أكثر من ثلاثمئة قطعة مُختارة من مجموعته الضخمة التي تضمّ ألفَي عمل، وتتنوّع بين الديكور وأثاث المنزل والكتب المصوّرة والمصابيح والمزهريات، بالإضافة إلى رسوماته المختلفة.

من المعرض
من المعرض

في جميع النماذج التي صمّمها الفنّان، تظهر روح تحدّي النزعة الاستهلاكية، وتخريب المنظومة السائدة التي تعتمد على جماليات الشكل أكثر من الاهتمام بوظيفة المنتج الأساسية، إضافة إلى أسئلة حرجة حول علاقة الإنسان بالتصميم، طرحها الفنّان مقترحاً تصميمات لمعظم الأشياء التي يحتاجها عامّة الناس شرط أن تكون سهلة التنفيذ، وتعتمد على مفهوم التصميم الذاتي، بحسب ما يوضّح المنظّمون.

من المعرض
من المعرض

و"التصميم الذاتي" (أوتوبروغِتّازيونِ) هو عنوان كتابه الذي صدرت طبعته الأُولى سنة 1974، واحتوى تنظيراته ومخططاته، التي رأى فيها كثير من النقّاد دليلاً تعليمياً يدمج توجّهاته الماركسية برؤيته للفنون المُعاصرة، ووضع تصميماته إلى جانب كامل التفاصيل التطبيقية العملية لإنشاء الكراسي والطاولات وخزانات الملابس ورفوف الكتب وأسرّة النوم، باستخدام الأخشاب والمواد المنتشرة بأقل التكاليف، والتي تعبّر عن نظرة مغايرة تتناسب مع ثقافة المجتمعات الأصلية، قبل أن ترتبط الصناعة بالرأسمالية.

وأعلن المصمم الإيطالي، وقت صدور الكتاب، أنّه سيرسله إلى أي شخص يكتب إليه، مقابل تكلفة البريد فقط، حتى يتسنّى للجميع صنع أثاثهم وأشياء كثيرة يحتاجونها في حياتهم اليومية بألواح بسيطة من الخشب ومطرقة ومسامير.

من المعرض
من المعرض

يسلّط المعرض الضوء على سيرة إنزو ماري الذي ترك المدرسة، بسبب مرض والده، ليعمل في مهن عديدة مثل عامل بناء، ورسام لافتات، وبائع صابون، وعتّال، حتى تمكّن من الالتحاق بـ"أكاديمية بريرا للفنون الجميلة" في ميلانو، وانتقل من الرسم إلى النحت إلى تصميم المسرح، وكان رافضاً قواعد السوق التي حكمت عالم الفن منذ أيام الدراسة، وعبّر عن ذلك بقوله: "لقد طرحت الكثير من الأسئلة، ولم أكن سعيداً أبداً بالإجابات".

تعكس أعمال المعرض جوهر رؤية ماري التي تطوّرت بشكل كبير في بداية الثمانينيات، ومفادها أنّ عسر التصميم بمفاهيمه الكلاسيكية قد انتهى، بانتفاء قدرته على التعبير عن طبيعة الحياة اليومية المعاصرة، ما يستدعي الاحتجاج على خضوع الفرد لمنطق الشركات التجارية، التي تهدف إلى تحقيق الربح، في تجاهل تامّ لثقافات الجماعات والذائقة الشخصية لأفرادها.

المساهمون