حسام عمران.. "حيارى" حتى وإن كانوا أقلية

02 مايو 2019
حسام عمران
+ الخط -

يعيش الفنان الفلسطيني حسام عمران في الأردن منذ ثماني سنوات حين أتى بهدف الدراسة. وفي عمّان يطلق ألبومه الثاني "حيارى"، الاسم الذي يشبه الحالة التي تعيشها الأمكنة العربية اليوم والإنسان فيها، وخاصة فئة الشباب.

على "ساوند كلاود" نستمع إلى أغنية "وحشة"، فنقف أمام صوت واهن يقول "كلما أقلك تنسى القصة.. تاخدها فرصة وترجع للماضي، ضيعنا الكوكب بالمجرة.. ما عاد الكرة ووقف ع الفاضي (...) المخطط ربط إيدي اسمالله..روحي مش حرة.. وجسمي مش راضي... الطباع بتاكلنا وإنت بتئن ليه؟ ما بتعترفش بفلسطين وتدعي لحل دولتين... وحشة". بهذا المزاج يختلط الشخصي بالعام عند عمران، ويمتزج صوته بالآلة على بساطته وتمتزج اللهجتان الفلسطينية بالمصرية، إنه صوت إنسان في حالة اغتراب متعبة، سيقول كما لو أنه يصف نفسه: "رسمت فوق الجذع راس، نبت لحاله بين الناس".

يضم ألبوم "حيارى" ثماني أغانٍ، يقول عنها عمران في حديث إلى "العربي الجديد": "سجلتُ الألبوم كله في غرفتي، كنت أكتب وألحن على آلة "اليوكيليلي"، في هذه الأغنية "وحشة" كنت أشعر أنني بحاجة إلى رؤية أخرى معي فيها فقام الموسيقي إبراهيم نجادا بتوزيعها".

في الألبوم أيضاً نسمع مقطوعة تجريبية بعنوان "شهوند" التي سُجّلت خلال إقامة فنية لعمران في البرازيل، وتعتمد على أصوات الطبيعة بشكل كامل تقريباً. أما أغنية "سور الصين" فموضوعها هو "القلق الاجتماعي" وكيف تتشكل علاقة من يعاني من هذه الحالة مع العالم من حوله، وكيف تؤثر في محيطه وروابطه وتواصله، يقول: "سجلتها كذلك في غرفتي وهي شخصية جداً".

عن هوية الموسيقى التي يقدمها يجيب "أعتبرها عربية بشكل أساسي، ثقافتي نابعة من الفن الفلسطيني، لكن هويتي مستقلة أيضاً، وعبّرت عن كيف أفكر بالمسألة من خلال أغنية "مستقل" التي يتضمنها الألبوم". يضيف "في الأغنية أتحدث عن كيفية استغلال هذا الاستقلال بشكل معين لكي يخدم مؤسسات، وكيف أحاول الهروب من ذلك، لكن الهوية في عملية بناء مستمرة، ما زالت في مرحلة اكتشافها، وما زلت أبحث عنها ربما من خلال الموسيقى".

لا يعني الانعزال في الغرفة والغناء والتأليف وتسجيل الأغاني على الهاتف الذكي أن الفنان يعيش حالة من الانفصال. يوضح عمران: "كل ما يحدث من حولي يتسرب إلى داخلي وأتشربه، من حروب وثورات، فالذاتي ليس منفصلاً كثيراً عن السياسي عندي، لكني لا أحب الوضوح والمباشرة في التعبير عن ذلك".

يقدّم عمران تعدداً في اللهجات العربية فنسمع أول الأغنية بالفلسطيني ثم تصلنا عبارات بالمصري فجأة، عن ذلك يقول: "أريد لأغانيّ أن تكون ذات هوية عربية، وأشعر أن ذلك لا يتحقق إلا باجتماع اللهجات العربية، أحب أن أجمعها وأن ألعب بالكلمات بحيث لا أكتب المحكي الذي يخصني فقط كل يوم، أي أنني أحاول القيام بتجربة لغوية حين أقدر، فالأمر ليس دائماً ممكنا".

يقارن عمران إصداره الجديد بألبومه الأول "عشر سنين" (2017)، فيقول: "كنت مثل ولد يجمع تسجيلات له وهو طفل، ويحاول أن يجعل منها شيئاً مسجلاً قابلاً للسماع، لكن في "حيارى" شعرت أنه عمل يتحدث مع الآخرين أكثر، ويقول لهم هناك أشخاص مثلي، يشعرون هكذا ويفكرون هكذا، وحتى إن كنا أقلية فلا بد أن تسمعونا".

عمران من "سميعة" الشيخ إمام وربما يكون هذا الحب الذي تربى عليه طفلاً سبباً آخر لإدخال اللهجة المصرية في أغانيه، يسمع أيضاً الآيسلندية بيورك، أما الزنجبارية بي كيدوده فيعتبر أنها مصدر إلهام أساسي في تجربته الموسيقية.

في الألبوم أيضاً أغنية "سهيلة" التي تحمل اسم جدة عمران، و"عاصفة" وهي استكشاف أصوات الفضاء والفراغ، ثمة أغنية خفيفة وفكاهية كما يصفها عمران بعنوان "شوشرة"، أما مقطوعة "زاد التمر عسلي" فهي تجربة موسيقية تهتم بأصوات الأشياء المحيطة بالموسيقي وهي أشبه بـ "رسالة لكل من يسمع موسيقاه، حيث التمر بالنسبة إلي هو (الموسيقى) وعسلي أعني بها (عزيزي)".

المساهمون