في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الفكر والتاريخ والاقتصاد ودراسات الأديان والشعر والسيرة والطب الشرعي.
■ ■ ■
بترجمة صلاح بن عياد، صدرت مؤخّراً النسخة العربية من كتاب "كلاب الحراسة" للمفكّر الفرنسي بول نيزان (1905 - 1940) عن منشورات "صفحة سبعة". صدر العمل أوّل مرة في 1932، وحقّق مقروئية عالية لدى الطلبة بالخصوص ليصبح صاحبه من بين الجيل الجديد من المفكرين (ما بعد برغسون)، وفيه يقدّم قراءة مضادة لرؤية إميل زولا حول الدور الرسولي للمثقف، حيث يشير إلى الانفصال بين منظومة القيم التي يرفعها المثقفون وممارسات الحياة اليومية، معتبراً أن القيم التي تتداولها المدوّنة الفكرية تمثّل عامل استمرار لنظام التراتبية الاجتماعية القائم.
عن "دار الفرات"، صدر كتاب "تاريخ الصابئة المندائيين في العراق - أصولهم ومعتقداتهم وأعلامهم" للباحث العراقي نبيل عبد الأمير الربيعي. يعود المؤلّف إلى الجذور التاريخية للديانة المندائية، وكتبها وعقائدها وأركانها، وموقع المندائيين في الحضارة العراقية القديمة ولغتهم القديمة التي لا تزال تَستخدم في الطقوس والعبادات الدينية وتأثيرها في اللهجة العراقية اليوم، وسيَر أعلامهم في التاريخ الإسلامي مثل الشاعر أبي إسحاق الصابي، وعالم الطب والفلك ثابت بن قرّة، وعالم الرياضيات إبراهيم بن سنان، وصولاً إلى أوضاعهم في العصر الحديث.
"الاتجار بالبشر في أوروبا في العصور الوسطى: العبودية والاستغلال الجنسي والبغاء" عنوان الكتاب الذي صدر عن "منشورات جامعة أمستردام" للباحث كريستوفر باوليلا. يستعرض العمل تاريخ الاسترقاق في القارة الأوروبية منذ أواخر العصور القديمة إلى العصر الحديث المبكر، في تتبع لتطوّر أنماطه وطرِقه، والعلاقات المتغيّرة باستمرار بين تجّار العبيد والسلطات المتعاقبة، والأسباب الكامنة والظروف التي تؤدي إلى الضعف وبالتالي استغلال البشر مثل الفقر والفساد والعنف، في مراجعة للماضي من أجل فهم مستقبل الاستعباد وسبل مكافحته.
"حكاية الحوماني سندور" عنوان كتاب صدر مؤخّراً للكاتب والمؤرّخ التونسي عبد الحميد الفهري عن منشورات "دار محمد علي"، ضمن تصنيف "سيرة تاريخية". يعتمد المؤلّف على "سير أناس عاديين جدّاً" كما يشير في تقديمه لعمله، ويضيف: "أتيت لعالم الرواية من أجلهم لأكتب عنهم بحروف موجعة في رواية تقول ما لا أستطيع كتابته عنهم في التاريخ". يرصد العمل مجموعة من التحوّلات الاجتماعية من خلال التفاعل العفوي بين مكوّنات المجتمع التونسي، مضيئاً التعايش بين مكوّنات تبدو في الظاهر متنافرة بسبب الطبقة أو اللون أو المذاهب العقائدية.
عن منشورات "الجمل"، صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان "أشعار متجاوبة" للمستعرب الفرنسي أندريه ميكيل (1929). يُعد المؤلّف أحد أبرز المتخصّصين الغربيّين في الثقافة العربية؛ حيث يتناولها من زوايا متعدّدة: تاريخية، وأدبية، ودينية، كما أنه أحد أبرز محقّقي المخطوطات. من أبرز مؤلفات ميكيل: "الجغرافيا البشرية للعالم الإسلامي" (1973)، و"الأدب العربي" (1981)، و"الإسلام من الخليج إلى المحيطات" (1994)، كما نقل إلى اللسان الفرنسي "كليلة ودمنة" و"ديوان مجنون ليلى"، وأنجز ترجمة فرنسية جديدة لحكايات "ألف ليلة وليلة".
"تشريح المشاهير" عنوان كتاب صدر مؤخّراً عن منشورات "تكستو" للباحثَين الفرنسيّين فيليب شارلييه ودفيد آليو. يوثّق المؤلفان لعدد من تقارير الطب الشرعي التي يتماشى بعضها مع الروايات المتداولة، فيما تختلف عنها أخرى، مشيرَين إلى تطوّر هذه الممارسة مع تطوّر التقنيات الطبية في تحديد أسباب الموت. مع الشخصيات التي يدرس المؤلفان تقارير وفاتها، يجري تقديم مجموعة فرضيات حول رحيلها، بعضها متعلّق بالأمراض وأخرى بالاغتيالات، ومنها الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، والموسيقار البولندي فريدريك شوبان، والروائي الفرنسي إميل زولا.
يصدر قريباً عن منشورات "دار شهريار" كتاب "السلطة والجنس"، والذي يضمّ مجموعة من الحوارات نقلها إلى العربية لحسن أحمامة، وفيها يتحدّث المفكر الفرنسي ميشال فوكو عن قضايا عصره، ويوضّح مفردات جهازه المفهومي في مقاربتها. تقدّم الحوارات مدوّنة موازية لمؤلفاته تتيح تطبيق نظرياته خارج المشاريع المعرفية التي كرّس لها جهوده البحثية وأبرزها تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي، وفهم نشأة العيادة الطبية، وممارسات السلطة من خلال المعرفة أو المؤسسات القمعية، وصولاً إلى تاريخه للجنسانية، والتي خصّص له سنوات حياته الأخيرة.
صدر حديثًا، عن دار "الآن ناشرون وموزّعون"، كتاب بعنوان "الحركة العلمية في زنجبار وساحل شرق أفريقيا خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر الميلادي" للباحث سليمان بن سعيد الكيومي، والذى يرصد ملامح هذه الحركة منذ أن أعلن سعيد بن سلطان زنجبار عاصمةً ثانية للإمبراطورية العُمانية في عام 1832، فشهدت الحركة العلمية في البلاد وما جاورها من مناطق ومدن تطوّراً ملحوظاً، ونشطت حركة الكثير من العلماء العُمانيين والعرب الذين هاجروا إلى زنجبار، وساهموا في تطوير هذا الجانب وفق إمكاناتهم المتاحة والمختلفة.
صدرت حديثاً، عن "الدار المصرية اللبنانية"، طبعة جديدة من كتاب "محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية: الدولة الأموية" للمؤرّخ المصري محمد الخضري بك (1872 - 1927)، بتحقيق محمد إبراهيم أحمد. يضمّ الكتاب أربعين محاضرة، تناول فيها جزيرة العرب ووصفها الجغرافي وأحوالها الاجتماعية ومسألة القيادة وتوحّد قريش، والعصر النبوي والمعارك الإسلامية وصولاً إلى العهد الأموي، محلّلاً فترة التأسيس زمن معاوية بن أبي سفيان التي امتّدت حوالي عشرين عاماً وتركت تأثيرها البالغ في السياسة وإدارة شؤون الحكم لكلّ من جاؤوا بعده.
"البطالة العملاقة" عنوان كتاب صدر مؤخراً للكاتب الفرنسي أنطوان موتون (1981) عن منشورات "كونتر آلي". يناقش الكتاب خطر البطالة الذي يهدّد شرائح موسّعة من المجتمع الحديث، مع تمدّد طبقة ما يعرف بـ"البريكاريا" (البرولتياريا الهشة، أي المنتمون إلى قطاعات لا تعتمد التشغيل الدائم كالتسويق والثقافة). لا يعتمد موتون على نظريات علم الاقتصاد بل يقدّم قراءة من منطلق نفسي-فرداني، حيث يدرس أثر الوقوع في البطالة في علاقة بإشكاليات مثل الاغتراب النفي، والعنف، والتطوّر الفكري، معتبراً أن البطالة باتت اليوم مسألة شعرية أكثر منها علمية.