في الشارع الثاني

25 مايو 2018
عبد السلام عياد/ تونس
+ الخط -

سأغسل دماغي

سأغسلُ دماغي. سأنظفه من كلّ شيء من كلّ شيء. من مواد العالم ومفاهيم الكتب. من كلّ شيء من كلّ شيء. لا تأملات بعد اليوم ولا مكاشفات ولا لغة ولا تاريخ ولا أقوام دنيّة تجول في رأسي. سأفرغ من كلّ شيء من كلّ شيء؛ وأفوز بالجمال المجهول الذي أرجو.

■ ■ ■


مسرحية

سُلّمٌ خشبيٌّ يتسلّق الجدار. جدارٌ كثيرُ الثقوب. في الثقوب أدعية وطلاسم. سامٌ أبرص أسود يتوقف لينظر إليَّ ثم يذهب. تنورٌ صدئ ومفتوح. ثمة عصافير توصوص. صوتُ أطفال في الشارع. بائعون جوالون يأتون ويغيبون في الشارع الثاني؛ وشبيهي في زاوية أخرى من الفناء واضعاً يده على خده؛ ويضحك مني بدون أسنان.

■ ■ ■


اكتفِ بصورةٍ واحدة

أما بعد. اكتفِ بصورةٍ واحدة؛ ولا تظن أنَّ الكلماتِ تحمل شيئاً. تذكّرْ وجه طفلٍ جميل أو عبارة تعجبك. استمع إلى صوت الفنجان أو إلى وقع خطاك في الطريق. سجّلْ ما يأتي إليك مباشرةً. دوّنْ لنفسك مُعجماً صغيراً؛ ولا تنبس بصغيرةٍ أو كبيرةٍ إلى أحدٍ فهو ميّتٌ مثلك؛ ولا تظنْ أنك أدنى أو أعلى من أحد؛ فأنت في مستوى نفسك والسلام.

■ ■ ■


كن ناطق الطقس

كن ناطق الطقس والأشواك؛ ولا تشتمْ شريعة الورد. حدثنا عنك. ماذا فعلت. لم أفعلْ شيئًا سوى التفكير بأشياء باطلةٍ وشوارعَ مهملةٍ وشخوصٍ بعيدين؛ وكنتُ أنتظر صعاليكَ يأتون ثانية لإنقاذ هذا العالم؛ وكنتُ أود لو أشنقُ نفسي سبع مراتٍ بالمعلقات السبع.

■ ■ ■


دانيال

أسميتك الجنة. أسميتك ينابيع النور. أسميتك زرقة البحر. أسميتك سدرة المنتهى؛ بل أسميتك سدرة الروح. أسميتك عين الشمس ورأس القمر. يا تفسير حلمٍ عصي عن التفسير؛ يا دانيال يا وجهي الآخر.

■ ■ ■


وصايا روحٍ اسمُها غناء

أكتبْ أنك في مستوى الطريق الطويل. اقبلْ عليَّ وصدّقْ كلامي وكن بين الحجر عشبًا أو صدى أو رنّة. ساعد الزمان أن يمضي ولا تنتظر قافلة تأتي لتذهب بك. استمعْ لي واشرح صدرك لي وقدّمْ تحية وصوّتْ مثل العصافير في الظهيرة.

■ ■ ■


كلامُ روحٍ تائهة

كنتُ حجارةً رماها طفلٌ على نبي؛ ثمّ تحولتُ إلى حجر الأساس في قصر. نادمتُ ساحرًا في القبو العميق في بلادٍ نسيتُ اسمَها. ثمّ قضيتُ وقتًا طويلاً في تنور امرأةٍ عربية؛ فأخذني صعلوكٌ ورماني في الماء؛ ثمَّ وجدني نحاتٌ وصنع بي طائرًا وطرتُ وطرتُ فأصابني صيادٌ وسقطتُ قتيلاً على ضفة النهر.


* شاعر من الأهواز

المساهمون