الثقافة الأردنية 2018: اعتراف تكرّسه الجوائز

02 يناير 2019
(عمّان، تصوير: مانويل روماريس)
+ الخط -

على مدار سنوات مضت، كان الاعتراف بالمبدع الأردني يمرّ عبر نشر إبداعاته والكتابة عنها في صحافة بيروت والقاهرة أو إصداراته في دور نشرها، قبل أن يتغيّر الحال مع تراجع المراكز الثقافية التقليدية وبدء التنافس على الجوائز العربية التي تأسّست في الخليج والتظاهرات التي تحتضنها بلدانه.

بات معظم الفاعلين الثقافيين في العالم العربي يتقاسمون النظرة ذاتها، إذ تنشغل وسائل الإعلام عند كلّ موسم بتعداد الفائزين بهذه الجائزة أو تلك وتصنيفهم وفق الجغرافيا التي ينتمون إليها، والتساؤل عن أسباب غياب بلدان عن خارطة التنافس.

لذلك لم يكن مستغرباً الاحتفاء بنيل أربعة كتّاب أردنيين "جائزة كتارا للرواية العربية" في فروعها المختلفة لعام 2018، وهم قاسم توفيق وهيا صالح وثائرة حسين وسناء الشعلان، إضافة إلى فوز إبراهيم نصر الله بـ"البوكر"، في ظلّ غياب نقدٍ عربي يضع كل تجربة في مكانتها التي تستحق، والركون إلى تراتبية تفرضها مثل هذه التكريمات مع إصرار البعض على اعتبارها "منجزاً" لبلد بعينه.

يأتي ذلك بعد طول تظلّم وتذمّر طغى على المشهد الأردني، الذي لطالما أشار أصحابه إلى تجاهل الأشقاء لإبداعاتهم، مع تأكيدهم المتواصل أن ما تقدّمه عمّان لا يقلّ قيمة عمّا تحتضنه مدن عربية أخرى، وهي مقولة تبدو صحيحة دون أن نغفل تراجعاً ثقافياً عربياً على صعيد الإنتاج والتلقّي.

من جهة أخرى، لا جديد في التظاهرات الموسمية باستثناء إقامة دورة أولى من "مهرجان رم المسرحي" ضمن سلسلة مهرجانات أنشأتها "الهيئة العربية للمسرح" السنة الماضية في فلسطين وموريتانيا والمغرب والسعودية ولبنان والسودان واليمن.

يعكس المهرجان الوليد شبكة علاقات وتبادل منافع استحوذا على نشاط الهيئة حيث تنحصر جوائزها ومشاركاتها بأسماء بعينها، كما أنه لم يقدّم إضافة تذكر مقارنة بنظيره الذي ترعاه وزارة الثقافة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، أو حتى تلك المهرجانات التي تنظّمها فرق مسرحية أهلية.

أما معرض الكتاب الذي اختتمت دورته الثامنة عشرة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فقيّمه المتفائلون من زاوية انتظامه في السنوات الأخيرة واتساع المشاركة العربية والدولية فيه، بينما هيمنت شعارات "محاربة التظرّف" على برنامجه الثقافي عبر استضافة رموز دينية من التياريْن؛ التقليدي والتنويري، بحسب تصنيفات المؤسسة الرسمية وتسمياتها.

وما عدا ذلك، ظلّت المعادلة قائمة على شكوى الناشرين المشاركين من ضعف الإقبال على المعرض وتأكيد الزوار على ارتفاع أثمان الكتاب مع تراجع القدرة الشرائية، إلى جانب منع روايتي "إعجام" و"فهرس" للكاتب العراقي سنان أنطون، ولم تُعلن بقية العناوين المحظورة التي أشار مدير المعرض حينها إلى الطلب من الناشرين بشكل ودّي عدم عرض مجموعة من إصداراتهم، ويبدو أن أحداً لم يخرج عن هذا "التوافق".

في شأن متصل، تراجع مجلس الوزراء عن فرض ضريبة على الكتاب مقدارها 10%، بعد أقل من شهرين على إقرارها، إثر سلسلة خطوات احتجاجية اتخذها "اتحاد الناشرين الأردنيين" قادت إلى اتصالات مكثفة مع مجلس النواب وعدد من الوزراء أسفرت عن العودة عن القرار الحكومي، لتنجو صناعة النشر في الأردن من انهيار محتمل مع إغلاق 90% من دور النشر والمكتبات في الأعوام القليلة الماضية.

قائمة الفقد ضمّت العديد من المبدعين، كانت آخرهم الشاعرة كوليت أبو حسين، والمفكر سلامة كيلة، والشاعر خيري منصور الذي لم يمض على غيابه أقل من شهرين حتى رحلت زوجته الكاتبة والمترجمة أمل منصور، والباحث أسامة بركات، والناقد والأكاديمي محمود السمرة، والباحث بسام هلسا، والفنان والأكاديمي عزيز عمورة، والروائي جمال ناجي، والشاعر أحمد النسور، والفنان ياسر المصري.

انتهى العام بقرارٍ لم يحظ بأي اهتمام أو متابعة رغم أنه شكّل مطلباً للمثقفين منذ عام 1974، إذ أعلن رئيس الحكومة عمر الرزاز عن تخصيص أحد المباني التابعة لـ"أمانة عمّان الكبرى" مقّراً دائماً لـ"رابطة الكتّاب"، بدلاً من المبنى الحالي الذي تستنزف أجرته معظم إيراداتها؛ مفارقة تلخّص الواقع الذي لم تعد مؤسساته الثقافية التقليدية تعبّر عنه، ولم تملأ الفراغ مؤسسات نشأت حديثاً.

المساهمون