أجانب يقبلون على تعلّم الروسية

05 يناير 2020
جامعة الصداقة بين الشعوب قبلة الطلاب الأجانب (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد استمرارها في تعليم اللغة الروسية لغير الناطقين بها، في إحدى جامعات موسكو منذ سنوات عدة، تقول الأستاذة، سفيتلانا بولوخينا، إنّ معظم الطلاب آتون من البلدان النامية في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، والهدف من تعلّمهم هو مواصلة الدراسة الجامعية في روسيا في مراحلها المختلفة. توضح لـ "العربي الجديد": "تأتي الغالبية الساحقة من الطلاب من بلدان آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى بعض الآتين من بلدان أوروبا الشرقية والجنوبية. أما الآتون من الدول الغربية، فقليلون وغالباً ما تقتصر زياراتهم على فترات قصيرة لا تزيد عن نصف عام وليس بهدف البقاء في روسيا".

في ما يتعلّق بدوافع الطلاب الآتين من الدول النامية لتعلّم اللغة الروسية، تقول: "حصل هؤلاء الطلاب على منح دراسية من الحكومة الروسية، ودافعهم الرئيس هو الحصول على التعليم في روسيا في مختلف الاختصاصات، سواء في مرحلة الإجازة أو الماجستير أو الدكتوراه. كما يطمح العديد منهم إلى البقاء في روسيا حتى إذا لم يجدوا عملاً في مجال اختصاصهم".

أما أبرز الصعوبات التي يواجهها الأجانب عند تعلّم الروسية، فتلخصها قائلة: "يواجه الطلاب من بلدان جنوب شرق آسيا صعوبة في نطق اللغة الروسية، بينما لا يجد الطلاب الأفغان والعرب صعوبة في ذلك. أما الصعوبات التي يواجهها الجميع فتكمن في وجود ست حالات إعرابية في اللغة الروسية، لكن يمكن تعلّمها في نهاية المطاف. والأصعب على الإطلاق هو نظام تقسيم الأفعال إلى النوعين غير المكتمل والمكتمل، بالإضافة إلى أفعال الحركة".



وتتميز اللغة الروسية بمنظومة أفعال معقدة، أي إنّ هناك زوجين لكلّ فعل، أحدهما غير مكتمل يستخدم للدلالة على الزمن المضارع والاستمرارية في الزمنين الماضي والمستقبل، والمكتمل الذي يستخدم للدلالة على إتمام الفعل في الزمنين الماضي والمستقبل فقط. أما كلّ فعل حركة، فله زوجان أيضاً، أحدهما للدلالة على الحركة غير المتكررة أو في اتجاه واحد، والثاني للحركة المتكررة أو ذهاباً وإياباً. لكنّ صعوبة قواعد اللغة الروسية لا تثني آلاف الطلاب الأجانب، بمن فيهم عدد لا بأس به من العرب، عن تعلمها وإتقانها والتخصص فيها بغية توظيفها في العمل.

عبد الله شاب مصري في نهاية العقد الثالث من العمر، وهو أحد هؤلاء الطلاب. بدأ دراسة اللغة الروسية في كلية الألسن في جامعة عين شمس في القاهرة، قبل أن يتوجه إلى روسيا لنيل درجة الماجستير، وقد بات حالياً في مرحلة الدكتوراه. يقول لـ "العربي الجديد": "اخترت اللغة الروسية لأنّها لغة نابعة من ثقافة عريقة وتمكنني من الاطلاع على التاريخ والأدب الروسيين بشكل أعمق". وحول تطلعاته المهنية، يضيف: "أتمنى أن أكون متخصصاً في فقه اللغة الروسية والأنثروبولوجيا، وأحصل على درجة الدكتوراه في هذا المجال".

وعلى الرغم من انتشار واسع للغة الروسية في الجمهوريات السوفييتية السابقة، فتفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991 وما تلاه من تراجع مكانة روسيا على الساحة الدولية، ما كان لهما أن يمرا من دون أن يؤديا إلى تراجع عدد الناطقين بالروسية ودارسيها من الأجانب.
وأظهرت دراسة أعدّها مركز البحوث الاجتماعية التابع لوزارة التعليم والعلوم الروسية في نهاية العام الماضي، أنّ عدد دارسي اللغة الروسية خارج جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، تراجع من 20 مليوناً عند تفكك الاتحاد السوفييتي إلى مليون واحد فقط حالياً.



في الوقت الذي تراجع فيه عدد الناطقين بالروسية في أوروبا الشرقية والبلقان (يوغوسلافيا السابقة) من 38 مليوناً في عام 1990 إلى ثمانية ملايين فقط بحلول عام 2015، زاد عددهم في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزلندا من 1.2 مليون إلى 4 ملايين، وسط تزايد حركة هجرة الروس إلى الخارج وتكوّن جالية روسية كبيرة.

وحذر معدو الدراسة من تراجع عدد المتحدثين بالروسية من 235 مليوناً حالياً إلى 215 مليوناً فقط بحلول عام 2025 أو أقل من 3 في المائة من إجمالي عدد سكان العالم الذي من المنتظر أن يرتفع إلى ثمانية مليارات نسمة بحلول ذلك الوقت.

يُذكر أن اللغة الروسية هي إحدى لغات الأمم المتحدة الست، وواحدة من بين أكثر عشر لغات في العالم انتشاراً، كما يتركز غالبية الناطقين بها في روسيا البالغ عدد سكانها نحو 147 مليون نسمة، بالإضافة إلى الجمهوريات السوفييتية السابقة مثل أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان ودول البلطيق الثلاث.
المساهمون