خاف على مستقبله فكانت الهجرة

18 سبتمبر 2015
كان من الصعب رؤية مستقبلي يضيع أمام عيني(العربي الجديد)
+ الخط -
شعر بأن مستقبله سوف يضيع، فحاول الهجرة، شأنه شأن أكثر الشباب السوري الذي عانى من الحرب. ونجح في ذلك وبلغ السويد، إلا أنه ذاق عذابات كثيرة خلال رحلته.

هو صهيب محمد سعيد الشهاب، من حي الوعر في حمص (وسط سورية)، يبلغ من العمر 19 عاماً، وقد لجأ إلى لبنان قبل أن يهاجر إلى السويد. يقول: "حاصرت قوات النظام حيّنا، وتلقينا تهديداً مباشراً بعدما اعتقل جار لنا هو عقيد في الجيش اقترب من سنّ التقاعد. عند إلقاء القبض عليه، كان أبي برفقته، وخفنا". يضيف: "كان لنا بعض أقارب وأصدقاء في لبنان، فتوجّهنا - أمي وأبي وأختي الصغيرة وأنا - في يونيو/ حزيران 2013 إلى مدينة صيدا (جنوب). أما إخوتي الشباب، فأحدهم سافر إلى نيجيريا، وآخر إلى السويد، فيما بقي الثالث في سورية".

ويتابع: "عندما وصلنا إلى لبنان، قدّم لنا أقارب والدتي مسكناً. وأمي (54 عاماً) مريضة تعاني من ديسك (انزلاق غضروفي)، ووالدي (64 عاماً) مريض في القلب. قبل مجيئنا إلى لبنان، نفد المال الذي كان في حوزتنا، فاضطرت أمي إلى بيع مجوهراتها، فيما باع والدي سيارته، واستدنّا من بعض الأقارب حتى نتمكّن من الانتقال إلى لبنان. كان وضعنا سيئاً جداً. لكننا حاولنا قدر المستطاع ترتيب أوضاعنا، وتكيّفنا مع الظروف". ويشير إلى أنه في السنة الأولى، "قررت متابعة تعليمي. لكن كان من المستحيل تأمين ملفي الدراسي. ورحت أعمل في محل. كانت ظروف العمل صعبة جداً، وكان رب العمل يستغلّني نوعاً ما. لكنني صمدت لنحو سنة كاملة، من دون أن أحظى بيوم راحة أو عطلة. كنت مضطراً، فصحة والدي كانت تسوء، ومصاريف العائلة على عاتقي".

ويكمل سرده: "سافر أخي إلى السويد، أما أنا فلم أستطع تقديم امتحانات الشهادة الرسمية، إذ لم أكن أملك المستندات المطلوبة. كان من الصعب عليّ أن أرى مستقبلي يضيع أمام عيني. في تلك الفترة، كنّا قد دخلنا في عام 2015 وجواز سفري تنتهي صلاحيته قريباً. كان من الصعب تجديده، إذ إنني بلغت سنّ الخدمة العسكرية الإلزامية. ورأى أهلي ضرورة أن أترك لبنان وأسافر أقلّه إلى تركيا. اتصلت بشخص كان قد سافر أخيراً إلى السويد وسألته عن الخطوات التي يجب اتّباعها، فأخبرني بأن ثمة شخصاً في إسطنبول يستطيع مساعدتي. بالتأكيد، كان يحمل اسماً وهمياً، إذ يعمل وأمثاله كاللصوص. أخذ مني 1200 دولار أميركي، من دون أن أفهم لماذا. السماسرة جميعهم سوريون، أما معلّموهم فأتراك. السوريون يعملون في الإتجار بأولاد بلادهم. بعد وصولنا، صديقي فادي وأنا، تعرّفنا إلى عدد من السوريين. لكل واحد منهم قصته".

وعن مغادرته تركيا، يقول: "من مدينة بودروم التركية، حاولنا الخروج. المحاولة الأولى باءت بالفشل، فعدنا إلى الفندق. بقينا هناك عشرة أيام. وفي اليوم المحدد لخروجنا، سلَّمَنا رجلٌ ورقة كتب عليها اسم المكان الذي يجب أن نقصده. كانت تلك محاولتنا الثانية. امتدت الرحلة نحو ساعة ونصف الساعة. كانت أشبه بفيلم رعب. وضعونا في سيارة شحن وأوصلونا إلى مكان المغادرة. هناك، جمعوا نحو 40 شخصاً في قارب واحد. في البداية طلبوا من مجموعة منّا نفخ القارب المطاطي. كنا معرضين للغرق في أي لحظة. سعة القارب 20 شخصاً، أما هم فينقلون فيه 40 من الأطفال والشباب والنساء". يضيف: "عندما وصلنا إلى جزيرة كوس، أخذوا منّا جوازات سفرنا وهواتفنا، ووضعونا في مخيّم لا يصلح لعيش البشر. بقينا فيه خمسة أيام، قبل أن يعيدوا إلينا أوراقنا وهواتفنا. اتصلت بأمي وطمأنتها عليّ. وعندما وصلنا إلى أثينا، كان المهربون سوريين يعملون لصالح الأتراك. لم أكن أملك إلا 3800 يورو (4250 دولاراً أميركياً)، في حين أن المهربين يطلبون 4500 يورو (5050 دولاراً). وشاءت الصدف أن ألتقي بامرأة تعمل في مجال التهريب، فحنّت عليّ وقالت لي: سأهرّبك لقاء 3700 يورو (4140 دولاراً). أمّنت لي بطاقة هوية مزورة، سافرت بها إلى إيطاليا، ومن هناك أمّنت لي بطاقة سفر جوّي إلى السويد".

إقرأ أيضاً: قصّة هروب أحمد العتال إلى اليونان
المساهمون