صرخة مستمرة تطلقها نساء لبنانيات متزوجات من أجانب، لتمكين أبنائهن من حق الحصول على جنسيتهن، لكن لا تجاوب معهن
عند تقاطع إيليا، في صيدا، جنوبي لبنان، تجتمع في إطار الحراك الشعبي المطالب بالقضاء على الفساد في لبنان، يومياً، بعض النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب. إلى جانب القضية الكبرى، لديهن قضيتهن أيضاً، التي تميزها خيمة نصبنها في المكان، تحمل شعار "جنسيتي كرامتي".
تقول رندة محمود الزكنون (49 عاماً) المقيمة في صيدا: "جئت إلى ساحة الاعتصام، لأنّ لديّ مطالب، ونحن نتمنى أن نحصل على نتيجة، علماً أنّ مطلبي الوحيد الآن يتلخص بتمرير جنسيتي لأولادي، فأنا أم لبنانية لأولاد أجانب، ومن حقي الإنساني أن أمرر لهم جنسيتي، فزوجي سوري الجنسية، وأبنائي ولدوا في لبنان، ومن حقهم الحصول على الجنسية لأنّهم يعيشون هنا في لبنان".
رندة الزكنون (العربي الجديد) |
تتابع: "الوضع المعيشي صعب، ومن جراء عدم حصول أولادي على الجنسية اللبنانية لا يستطيعون العمل، وفي كلّ عام من أجل الحصول على إقامات وجوازات سفر، علينا أن ندفع 1500 دولار أميركي، ونحن لا نستطيع تأمين المبلغ، لكنّي أستطيع أن أتدبر دفع أكثر من هذا المبلغ حتى يحصل أولادي على الجنسية".
أما سعدات المصري (55 عاماً) المقيمة في صيدا، فتعيش في منزل في المدينة القديمة هناك، بإيجار شهري قيمته مائتا ألف ليرة لبنانية (133 دولاراً)، علماً أنّ راتبها الشهري من عملها في إحدى المدارس بالتعاقد، لا يتجاوز 450 ألف ليرة (300 دولار). تقول سعدات: "تزوجت من فلسطيني، وأنا أم لستة أولاد. زوجي لا يعمل منذ ثماني سنوات بسبب مرض جعله عاجزاً عن الحركة. نزلت إلى ساحة الاعتصام من أجل المطالبة بحصول أولادي على الجنسية اللبنانية، لأنّ الجنسية حق لهم". تتابع: "أعمل براتب زهيد، لا يكفيني، وعندي خمسة أولاد ذكور لا يستطيعون العمل في وظائف وشركات وغيرها، بسبب جنسيتهم الفلسطينية، فقبل قضية طلب إذن العمل منهم، التي بدأت أخيراً، كان أحدهم يعمل على سيارة أجرة، لكنّ قوى الأمن الداخلي تشددت مع اللوحات غير العمومية، وابني لا يستطيع الحصول على رخصة قيادة عمومية، لكونه فلسطينياً، فتوقف عن العمل".
سعدات المصري (العربي الجديد) |
تتابع: "ابني الثاني كان يعمل في محل لتصليح الدواليب، لكنّه ترك عمله بسبب التضييق عليه، وابني الثالث كان بائع قهوة متجولاً يحمل أباريقه ويمشي في المدينة، فتعرض لمضايقات وبات بلا عمل، وهو مطلّق ولديه أربعة أبناء يعيشون معي في البيت". تضيف: "ابنتي تدرس في المدرسة المهنية في صيدا، ولم تتمكن من العمل خلال العطلة الصيفية، لأنّها فلسطينية أيضاً". تضيف أنّ وكالة "الأونروا" لا تساعدهم: "لا نتمكن من تأمين علاجنا من خلال وزارة الصحة أيضاً، وليس لدينا ضمان. ما أريده هو أن يسمع المعنيون صوتنا، فما ذنب أولادي إن كانوا لاجئين فلسطينيين؟ من حقي أن أعطي جنسيتي لأولادي". تختم كلامها: "كان زوجي يعمل ناطوراً في موقف سيارات، لكنّه توقف عن العمل بسبب المرض، وهو يحتاج إلى علاج".
بدورها، تقول بشرى عدوان، وهي من مكتومي القيد، وتعيش في مدينة صيدا: "أنا من أصل فلسطيني، بدأت حكايتي منذ احتلال البريطانيين لفلسطين، فعندها خرج جدي من نابلس إلى الأردن، ومن الأردن أتى إلى لبنان، ولم تكن معه أوراق ثبوتية، عاش في لبنان وتزوج جدتي الجنوبية اللبنانية، وأنجب منها أولاداً، وهم أيضاً لم يستحصلوا على جنسية، فسجلوا تحت خانة قيد الدرس (تصنيف في السجل المدني اللبناني لمن لا يملك أيّ جنسية) وظلت مع جدي حتى توفي. وفي عام 2001 قدمنا أوراقنا للحصول على الجنسية لكوننا مكتومي القيد، وحتى اليوم ما زلنا على حالنا، فلم يحصل على الجنسية منا غير شقيقتي التي تزوجت من لبناني".
تضيف: "أنا في حملة جنسيتي كرامتي، ونحاول إيصال صوتنا، حتى يسمعنا النواب، ومجلس الوزراء، لكي يمنحونا الجنسية، فأنا بتّ في في الثالثة والأربعين من عمري، وأنا أكبر أشقائي ولا أستطيع السفر خارج لبنان بسبب أوراقي. كذلك، حاول أخي السفر إلى الخارج للعمل، لكنّه لم يتمكن من ذلك بسبب عدم حصوله على أوراق ثبوتية. أشقائي متعلمون، لكنّهم لا يستطيعون العمل بشهاداتهم، كذلك فإنّنا لسنا مسجلين في قيود وكالة الأونروا، إذ لسنا مسجلين كفلسطينيين أساساً، وهكذا لا نستطيع العلاج على نفقة الأونروا، وليس لدينا ضمان أو ما شابه". تختم كلامها بالقول: "أتمنى على الدولة أن تسنّ قانون حق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها لأولادها الأجانب، فأولادهن ولدوا في لبنان، ويتحدثون باللهجة اللبنانية، وتعلموا فيه، حتى إنّهم لا يعرفون غيره بلداً".