ألمانيا: قيود على تظاهرات دعم فلسطين ولبنان... و3200 دعوى قضائية

10 أكتوبر 2024
متظاهرون في برلين ضد العدوان على غزة (خليل ساغركايا/ الأناضول)
+ الخط -

مع مرور عام على عملية طوفان الأقصى، تتمسك السلطات الفيدرالية في ألمانيا وتلك التابعة للولايات بتقييد الاحتجاجات في الشوارع. ويواكب القضاء القيود عبر إصدار أحكام ضد مطلقي شعارات التضامن مع فلسطين ولبنان.

في ظل تضييقها على تنظيم التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وحظرها بعض الشعارات، اتهمت السلطات الألمانية سبعة أشخاص بارتكاب مخالفات قانونية خلال مشاركتهم في تظاهرتين للتضامن مع فلسطين ولبنان في العاصمة برلين أخيراً. 
وحققت الشرطة بعد التظاهرتين مع أربعة معتقلين بتهمة التحريض على الكراهية وتوجيه شتائم ومقاومة رجال إنفاذ القانون، وترديد شعارات محظورة.
وأعلن الادعاء العام الألماني أخيراً أنه رفع نحو 3200 قضية في سياق الحرب على غزة، بينها 1070 تتعلق بمخالفات ارتكبت أثناء تظاهرات نُظّمت حول الصراع في الشرق الأوسط. 
وأصدرت سلطات إنفاذ القانون أوامر جزائية شملت توجيه اتهامات أو فرض عقوبات دفع غرامات مالية في أكثر من 360 قضية حتى الآن. وجرت إدانة نحو 20 من المتهمين بارتكاب مخالفات من دون عقد جلسات استماع شفهية. 
وفي رد مبدئي، أعلنت وزيرة الداخلية نانسي فيزر التي تنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي أنها شعرت بفزع، وأن مشاهد الهتافات خلال التظاهرات جعلتها متأثرة وغاضبة. وأشارت إلى أن "أي نشاط لمنظمتي حماس وحزب الله محظور في ألمانيا، ما يعني أن أي دعم يعدّ جريمة جنائية". وأعقب ذلك تعليق صحيفة تاغسشبيغل بأنه "مع تصاعد أعمال العنف في الشرق الأوسط هناك حاجة الى مساحة لإظهار التضامن وإطلاق مطالب. والاحتجاج السلمي جزء من الديمقراطية". 

بدوره، لم يتردد عمدة العاصمة الألمانية برلين، كاي فيغنر، في انتقاد التظاهرات الأخيرة المؤيدة لفلسطين، واعتبر أن "ما يحصل أعمال شغب وعدوانية ينفذها أشخاص يؤيدون أنظمة إرهابية". وشدد على أنه "لا يحق لأيّ شخص أن يرتكب جرائم في برلين، ويرمي الحجارة وأشياء أخرى على الشرطة"، ووعد بعدم السماح بالتصعيد في شوارع ألمانيا. وكتب على منصة "إكس": "شعرت برعب من الصور التي التقطت في كروزبيرغ، وأي شخص يهتف لحكومات المنظمات والدول الإرهابية في مدينتنا سيواجه بردّ واضح من دولة القانون، ونشدد على أن برلين مدينة الحرية والتنوع وليس الكراهية ومعاداة السامية التي لا تخص أبناءها، وستظل المدينة كذلك في المستقبل".
من جهة أخرى، تحدثت وسائل إعلام أن الشرطة تعقبت نحو 400 شخص شاركوا في تظاهرة ببرلين، بعد متابعتها التفاعل بالهتافات والشعارات التي أطلقوها. ونقلت عن تقرير الشرطة أنه "من بين التصرفات التي خالفت القوانين ترحيب مشاركين في التظاهرة على الأرض برجل صاح بأنّ إيران أطلقت صواريخ على إسرائيل، وقرعهم الطبول والتصفيق، كما أمكن سماع صيحات ناهضت إسرائيل، مثل من النهر إلى البحر. فلسطين ستتحرر". وتابعت: "لوّح عدد من المشاركين بالتظاهرة بأوشحة وأعلام فلسطين ولبنان، كما حاولت امرأة إشعال النار بسيارة للشرطة، وألحق آخرون أضراراً بممتلكات".

تتعقب الشرطة خطوات المتظاهرين وتفاعلهم (خليل ساغركايا/ الأناضول)
تتعقب الشرطة خطوات المتظاهرين وتفاعلهم (خليل ساغركايا/ الأناضول)

حظر شعارات فلسطين

وفي وقت استعدت جاليات عربية لتنظيم تظاهرات داعمة لفلسطين وضد الهجمات الإسرائيلية على لبنان في أنحاء ألمانيا خلال الأيام المقبلة، قررت محاكم ادارية في عدد من المدن الألمانية حظر العديد من الشعارات المؤيدة لفلسطين، منها محكمة مدينة مونستر التي منعت هتاف "من النهر إلى البحر". وبررت المحكمة الحظر بأن "الشعار استخدمته حركتا حماس وصامدون (شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى) سابقاً" لكنّ كثيرين اعتبروا أن "هذا الشعار ليس جريمة جنائية".
وفي حين فرضت محاكم أخرى قيوداً على التظاهرات الخاصة في مناسبة الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى، أفادت القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف" بأن المحكمة في فرانكفورت رفعت الحظر المفروض على تظاهرة لدعم فلسطين كانت مقررة في الثامن من سبتمبر/ أيلول. وهي بررت قرارها بأنه "لا يمكن تجاهل أهمية حرية التجمع والتعبير إلا في حال وجود خطر مباشر، والحظر لا يمكن تبريره استناداً إلى يوم التجمع وحده". 

وفي مدينة هامبورغ، أرادت الشرطة حظر تظاهرة نظمت في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لكنها فشلت في ذلك بسبب عقبات قانونية، فوضعت شروطاً على المنظمين وفرضت بعض القيود عليهم، من بينها عدم إطلاق هتافات تشكك في حق إسرائيل في الوجود. وقد دققت في الشعارات التي أطلقت في التظاهرة، وأبلغت المشاركين أنه في حال حصلت اضطرابات ومشادات وسلوك غير منضبط سيتخذ رجال الأمن إجراءات فورية بينها فض المسيرة.
في المقابل، انتشر في نقاط عدة ببرلين أكثر من 2000 رجل أمن بمساندة زملاء لهم من ولايات شمال الراين فستفاليا وتورينغن وبافاريا وغيرها للرد بسرعة وفعالية على مخاطر محتملة خلال مسيرات مؤيدة لإسرائيل، من بينها حصول مشادات مع سكان، وإطلاق مؤيدين لحماس تعابير تضامن محظورة.
وعلى وقع ترتيبات التعامل مع مسيرات تأييد ودعم فلسطين، حذر رئيس الاستخبارات الداخلية الألمانية توماس هالدنفانغ من تزايد الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين والمناهضة لإسرائيل. وأكد أن "الأجهزة الأمنية تأقلمت مع الوضع المتغيّر، وتساهم في ضمان حظر المنظمات المتورطة والمنتفعين من الأزمات. وحق إسرائيل في الوجود أمر لا جدال فيه بالنسبة إلى ألمانيا". 

المساهمون