ختان الإناث... مجتمعات تجترُّ عذاباتها بحكم العادة

06 فبراير 2015
فتيات صوماليات في دورة توعية ضد الختان(GETTY)
+ الخط -
ليس سهلاً أن تنفض المجتمعات عن كاهلها ثقل عادة مستوطنة ومستقرة فيها عبر مئات السنين، حتى وإن كانت إحدى أكثر العادات بشاعة ودموية وهي بتر الأعضاء التناسلية للمرأة.


ختان الإناث الذي تعتبره الأمم المتحدة انتهاكاً لحق المرأة كإنسان ولصحتها الجسدية والنفسية، والذي تعرّفه بأنه تشويه للأعضاء التناسلية للإناث عبر الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية أو إلحاق إصابات أخرى بها، اعتمدت له يوماً عالمياً في السادس من فبراير/شباط من كل عام، والذي أطلقته السيدة الأولى في نيجيريا ستيلا أويوسانجو في العام 2003.

 لماذا يصعب التخلص من عادة الختان؟

 الحديث عن مسألة ختان الفتيات لا يزال من المحرمات في الكثير من المجتمعات، فهذا الفعل غير قابل للنقاش والمساءلة، خصوصاً في المناطق الريفية والمجتمعات المحلية التي ينتشر فيها الفقر والجهل وعدم الاهتمام بعواقب الختان على المرأة وأطفالها بعد زواجها.

تقول رئيسة قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة إلهام الحاج علي إن "من الصعب اقتلاع العادات المتجذرة في بعض المجتمعات، فرفض العادة والتقليد ليس سهلاً والخروج عنه بسبب الاضطراب"، معتبرة أن "العادة هي المرجعية الثابتة في المجتمع ورفضها أو الامتناع عن ممارستها يهز الثبات ويزعزع الطمأنينة. وبما أن المرأة هي العنصر الأضعف والخاضع عموماً، تجد نفسها تكرر نفس الطقوس والعادات ولو كانت خاطئة".

وتضيف" تدرك الأمهات في وعيهن أن عملية الختان مؤذية، وتعلمن تماماً أن بناتهن سيذقن الآلام التي تصل إلى حدود الموت في بعض الحالات، لكنهن في اللاوعي يجدن أنفسهن منساقات وراء العادة الاجتماعية. فتغيير العادات يشكل بالنسبة لهن اختلالاً في التوازن المجتمعي".

واعتبرت أن إقرار القوانين التي تعاقب من يقدم على ممارسة الختان للفتيات، لا تكفي وحدها ليتم القطع مع عادة ترسخت عبر القرون (أصبح الختان منذ العام 2008 جريمة جنائية بموجب قانون العقوبات المصري)، بل لا بد من اعتماد حملات التوعية والإرشاد وكل السبل التي تزيد من إدراك المجتمعات لمخاطر تلك العادة، وضرورة تجنبها. 


التبرير الديني والطبي


تذكر الأمم المتحدة في بيان أصدرته في العام 2008 أن "ختان الفتيات يعدّ بالنسبة للمجتمعات التي تتمسك به بمثابة طقوس اجتماعية تكفل حماية للفتيات والنساء من العلاقات قبل الزواج وخارج نطاق الزواج، والجواز لزيادة فرص الزواج من الفتيات، الأمر الذي يحفز الفتيات للإقبال بأنفسهن على إجراء الختان. يضاف إلى ذلك المعتقدات بارتباط تلك العادة بالدين، على اعتبار أن الختان ضرورة دينية".

وأكد البيان أن ممارسة ختان الإناث تلقى دعماً لدى "الكيانات المحلية ذات القوة والنفوذ، مثل القيادات التقليدية، والقيادات الدينية، وممارسي عمليات الختان، والكبار، وحتى بعض العاملين في المجال الطبي".

 

أين ينتشر ختان الفتيات؟


الدول التي تمارس فيها عادة الختان ليست قليلة، أكثرها في قارة إفريقيا، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط وفي جنوب شرقي آسيا، وكذلك في وسط وجنوب القارة الأميركية.

28 دولة في قارة إفريقيا وحدها لا تزال تمارس عادة ختان الفتيات، تلك العادة التي لا علاقة لها بالإسلام بدليل أن الفتيات المختونات مسلمات ومسيحيات على حدّ سواء، من بينها مصر التي تحتل المرتبة الأولى عربياً والسودان إضافة إلى اليمن.

وتبين أن الختان يحصل في أغلبية الدول وإن كان بنسب متفاوتة، مثل السعودية والعراق خصوصاً في كردستان وفي سورية والأردن والكويت والإمارات وإيران، وذلك وفقاً للمؤسسة العراقية الألمانية WADI.

وشككت المؤسسة عبر موقعها الإلكتروني بالرقم الذي أعلنته الأمم المتحدة عن وجود نحو 140 مليون امرأة مختونة في العالم، مشيرة إلى أن دراسات محلية أجريت في كل من ماليزيا وإندونيسيا عن الختان، وتبين جراءها أن نحو 80 في المئة من الفتيات في إندونيسيا تعرضن للختان، ما يعني وجود نحو 100 مليون امرأة مختونة في إندونيسيا وحدها.

كما أشارت إلى أن دراسة أجرتها وزارة الصحة في سلطنة عمان العام 2011، بينت فيها أن 80 في المئة من المراهقات في السلطنة يؤيدن عملية الختان للفتيات، معتبرة أن هذا القبول يدل على أن العادة موجودة ومقبولة في المجتمع العماني، مرجحة خضوع الفتيات المستجوبات في الدراسة للختان.

كما لفتت المؤسسة العراقية الألمانية إلى دراسة طبية أجريت في السعودية والكويت بين العامين 2007 /2008، بينت أن نسبة 38 في المئة من 4800 امرأة حامل شملتهن الدراسة تعرضن للختان.

المساهمون