نكبات فلسطين

09 ديسمبر 2017
تظاهرة في رام الله (عصام ريماوي/ الأناضول)
+ الخط -
تصف الشاعرة الفلسطينية الراحلة فدوى طوقان (1917 - 2003) أحوال القدس المحتلة بعد نكبة 1948 قائلة: "الأسى يهطل. ليل القدس صمت وقتام. حظروا التجوال. لاتطرق في قلب المدينة غير دقاتِ النّعال الدموية. تحتها تنكمش القدس كعذراء سبية".

وفي مقابل رثاء طوقان، كتب الراحل محمود درويش (1941- 2008) متحدياً في "أيها المارون بين الكلمات العابرة"، ".. لنا في أرضنا ما نعمل. ولنا الماضي هنا. ولنا صوت الحياة الأول. ولنا الحاضر والمستقبل. ولنا الدنيا هنا والآخرة. فاخرجوا من أرضنا. من برنا. من بحرنا. من قمحنا. من ملحنا. من جرحنا. من كل شيء. واخرجوا من ذكريات الذاكرة".

في يونيو 1967، هزمت إسرائيل مجدداً الجيوش العربية واحتلت مساحات واسعة من الأراضي في فلسطين ولبنان وسورية ومصر، بعضها لا تزال تتمسك بها حتى اليوم، واعتبر كثيرون ما اصطلح على تسميته "النكسة" نكبة ثانية.
في منتصف 1976 كتب الشاعر المصري الراحل أمل دنقل (1940-1983) قصيدته الشهيرة "لا تصالح. ولو منحوك الذهب. أترى حين أفقأ عينيك. ثم أثبت جوهرتين مكانهما. هل ترى؟ هي أشياء لا تشترى".

بعدها بأكثر من عام، زار الرئيس المصري أنور السادات إسرائيل، فيما اعتبر أول اعتراف عربي بالكيان الصهيوني. روّجت أذرعه الإعلامية أن هدف الزيارة هو الضغط على رئيس وزراء الاحتلال مناحيم بيغين. لكن النتيجة جاءت عكسية، فأعلن بيغين أن إسرائيل لن تعود إلى حدود 1967، واعتبرت دول عربية الزيارة بداية نكبة جديدة.

بعد الزيارة استدعت الشعوب العربية قصيدة "لا تصالح"، وباتت، وحتى اليوم، أيقونة الرفض العربي للتطبيع، على الرغم من الأكاذيب المتكررة التي تتهم الفلسطينيين ببيع الأرض أو التخلي عن القضية، أو تلك التي تزعم أن السادات كان محقاً في فتح باب التنازل للعدو.
في سبتمبر 1993 وقع اتفاق أوسلو، في العاصمة الأميركية واشنطن، واعتبره كثيرون نكبة جديدة. كتب الراحل نزار قباني (1923- 1998) عن "المهرولون إلى أوسلو" قصيدته التي يقول فيها "بعد هذا الغزل السري في أوسلو. خرجنا عاقرين. وهبونا وطناً أصغر من حبة قمح. وطناً نبلعه من غير ماء. كحبوب الأسبرين. بعد خمسين سنة. نجلس الآن على الأرض الخراب. ما لنا مأوى كآلاف الكلاب. بعد خمسين سنة. ما وجدنا وطناً نسكنه. إلا السراب. ليس صلحاً. ذلك الصلح الذي أدخل كالخنجر فينا. إنه فعل اغتصاب".

قرر دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، فاستعاد كثيرون النكبة، لكننا لم نعد نعرف ترتيب النكبة الجديدة، فالنكبات كثيرة ومتتالية، وربما لن تنتهي.

المساهمون