سقوط آخر حصون اللبنانيين: بيع مدخرات الذهب

17 يونيو 2020
ضيق الحال يدفع باللبنانيين إلى بيع مدخراتهم (فرانس برس)
+ الخط -

في متجر للمجوهرات بقلب بيروت، تلف المكان غلالات التجهم وأبخرة الكآبة، مع تدافع المواطنين لبيع الحلي والذهب أو رهنهما بدافع من احتياجهم الشديد للنقود وسط الأمواج العارمة لأزمة مالية آخذة في التضخم والتصاعد.

وعلى جدران المتجر، استقرت لافتات تقول "نشتري ذهب"، لاجتذاب الراغبين في تسليم آخر الحصون والتخلي عن آخر ما تبقى لديهم من مدخرات.

وقال أحمد تقي وهو أحد الصاغة في العاصمة اللبنانية إن قضاء يوم واحد في متجره كفيل بأن يصيب الإنسان بالاكتئاب. وأضاف أن الناس يبيعون ذهبهم لدفع تكاليف العلاج في المستشفيات أو رسوم الدراسة أو إيجار المنازل.

وأوضح "الناس عليها قروض، وعليها إيجارات بيت. قلة أشغال بسبب إنه الناس عم ببيعوا الذهب ليسكروا هالقروض يلي عليهم ويسكروا إيجارات بيوتهم. في بعض الناس إذا بتقعد عندي نهار واحد هون بتضهر آخرة النهار عندك كآبة نفسية. العالم عم تبيع لمستشفى، لقسط مدرسة، قسط بيت، ما بقى حدا عم بقسط بيت، لإيجار بيت مكسورين عليه".
وأضاف: "هلق إذا بتفتش هالذهب هو الناس عم تفوت عم تبيع الذهب، مش لتشتري الذهب، مع العلم هو العملة الأساسية للادخار يلي العالم بتلاقيها، بس ما في مصاري، رجاع حط مصاري بين إيدين الناس (إذا وضعت المال مرة أخرى في أيدي الناس)، بتلاقي العالم كلها بتشتري دهب".

وتنزلق الدولة المثقلة بالديون في دوامة المتاعب وتنتقل من حال إلى أسوأ منذ أكتوبر/ تشرين الأول، عندما تضافرت عوامل تباطؤ التحويلات المالية من الخارج والاحتجاجات على الفساد وتحولت إلى أزمة سياسية ومصرفية ومالية.

ويُبقي لبنان على ربط رسمي لسعر الدولار عند 1507.5 ليرات. ولكن، في ظل تقلص احتياطيات النقد الأجنبي، لم يعد ذلك السعر متاحا سوى لواردات الوقود والأدوية والقمح.
وأُغلقت يوم الاثنين (15 يونيو/ حزيران)، معظم مكاتب صرف العملات، وقطع التجار الذين يحتاجون للدولار الأميركي أشواطا بخطوات بائسة من مكتب صرافة لآخر.

وقال زهير الأحمدية، وهو لبناني يمتلك شركة أدوات رياضية، إنه جاء ليستبدل الليرة اللبنانية بالدولار ليدفع ثمن بضائع استوردها مؤخرا والتجأ إلى السوق السوداء عملا بنصائح آخرين.

وأوضح: "وقت كان الدولار عم يتداول بالسوق كنت أنا مريض وبالمستشفى، ضهرت تفأجات بهالموضوع إنه ما بقى ينشرى دولار واحد الأشخاص بقول لي ما إلك إلا السوق السوداء، كانوا إنه بطل في حدا يحمينا، إنه سوق السودا شو بعمل أنا بشتري الدولار بـ7 آلاف...؟ لحول مصاري، ما بقدر، بهالعملية بكون خسران وخسران كتير".

ومع اشتداد العاصفة وتصاعد الأزمة، يقول الاتحاد العمالي إن ما يقرب من ربع مليون شخص فقدوا وظائفهم، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 60% من قيمتها ووجد أصحاب المدخرات أنفسهم عاجزين عن السحب من ودائعهم.

وقال موظف في محل لبيع القهوة يدعى أبو العبد: "يعني كنت أقبض 750 دولار، هلق يطلعوا 200 دولار، فرقت العملة كلها، الغرض يلي كنا نشتري بـ10 آلاف ليرة هلق صرنا نشتري بـ35 ألف و40 ألف ليرة كل شي غلي".

(رويترز)
المساهمون