طرح أسهم أرامكو يُغري البنوك بصفقات استثنائية

09 يونيو 2016
منشأة نفطية تابعة لأرامكو (العربي الجديد)
+ الخط -
تتنافس بنوك الاستثمار على المشاركة في صفقة إدراج جزء من أسهم شركة النفط السعودية الحكومية العملاقة أرامكو، باعتبارها مدخلا إلى صفقات مربحة يتوقعون تدفقها من خطة المملكة لإصلاح اقتصادها.

وستتيح الأنشطة الجديدة المرتقبة متنفسا للبنوك الاستثمارية، التي تواجه صعوبات مع تضاؤل الإيرادات، في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، والقواعد التنظيمية التي تضغط على أنشطتها.

وقال مسؤول تنفيذي كبير في أحد البنوك الأوروبية، طالبا عدم ذكر اسمه: "بالنسبة للبنوك، فإن مشاركتها في هذه الصفقة (الخاصة بأرامكو) تشكل تغييرا في قواعد اللعبة".

وأعلنت الحكومة السعودية، الاثنين الماضي، عن خطة التحول الوطني التي جاءت في 110 صفحات، وتضمنت قائمة من السياسات والأهداف للفترة بين عامي 2016 و2020، بهدف تقليص اعتماد اقتصاد المملكة على النفط.

وتمثل هذه الخطة جزءا من برنامج أوسع نطاقا للإصلاحات طويلة الأجل، يُعرف باسم "رؤية السعودية 2030"، التي أعلنها ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في أبريل/نيسان الماضي، وتتضمن طرحا عاما أوليا لما يقل عن 5% من قيمة أرامكو.

وقال الأمير محمد بن سلمان، إن شركة النفط الحكومية ضخمة جدا نظرا لحقوقها في احتياطيات المملكة من الخام، ما يعني أن بيع حصة تبلغ 1% فقط منها سيتمخض عن أكبر طرح عام أولي في العالم، متوقعا ألا تقل قيمة أرامكو في الطرح عن تريليوني دولار.

وبشكل عام، تجني البنوك عائدات ضعيفة من العمل مع الحكومات، لكنها غالبا ما تتنافس على تلك العقود لبناء علاقات مع الدول، أملا في ممارسة أنشطة أخرى في المستقبل.

وقال مصدر رفيع في بنك استثماري كبير، طلب عدم ذكر اسمه، إن "الطرح العام الأولي لأرامكو في حد ذاته لا يحظى بأهمية كبيرة لنا من حيث النشاط. لن تكون الرسوم مرتفعة، لكن الأمر يتعلق بما سينتج عن ذلك من أنشطة أخرى".

وجرى تفويض بنكي جيه.بي مورغان ومايكل كلاين، بالفعل، لتقديم المشورة للسعودية قبيل أي إدراج.

ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة منافسة بين البنوك الدولية والمحلية، حيث سيتم اختيار قائمة البنوك التي سترتب صفقة بيع الأسهم.

وقال رئيس تنفيذي لبنك كبير، التمس عدم ذكر اسمه: "سنفعل ذلك بالتأكيد لأسباب، من بينها أنه سيفتح الباب أمام أشياء أخرى، وإذا لم نشارك فستكون هناك مشكلة".

وسيتم أيضا إدراج الشركات التابعة لأرامكو، إضافة إلى حصص في شركات أخرى حكومية مثل تلك التي تدير البورصة. وأظهرت تفاصيل خطة التحول الوطني أن وزارة الطاقة تهدف إلى تحويل جميع محطاتها لتوليد الكهرباء إلى "شركاء استراتيجيين" بحلول 2020، وستقوم الرياض أيضا بخصخصة المؤسسة العامة لتحلية المياه.

وأشارت المملكة أيضا إلى أنها تتبنى استراتيجيات جديدة لاستثمار الإيرادات النفطية، إذ اشترت حصة بقيمة 3.5 مليارات دولار في شركة "أوبر" الأميركية لتأجير السيارات، وتولى بنك جيه.بي مورغان تقديم المشورة في الصفقة.

لكن النشاط في السوق حتى الآن لا يزال محدودا. فقد أظهرت بيانات "تومسون رويترز" أن الأنشطة المصرفية الاستثمارية في السعودية أدرت للبنوك 1.75 مليار دولار فقط من الرسوم في السنوات العشر الماضية.

وفي السنوات العشر الأخيرة، حققت البنوك أعلى رسوم في 2007 عندما جنت 391 مليون دولار، وفق البيانات نفسها.

وجاء بنك اتش.اس.بي.سي في المقدمة في 2015 من حيث تحقيق أعلى رسوم في السعودية، لكن صاحب المركز الأول جنى 22.7 مليون دولار فقط، بحسب "تومسون رويترز".

ومنذ بداية العام، احتل دويتشه بنك المركز الأول من حيث رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية، إضافة إلى أنشطة الاندماج والاستحواذ في السعودية، حيث جنى عشرة ملايين دولار، بحسب بيانات "تومسون رويترز"، التي نشرت في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال تميم جبر، رئيس قسم تغطية الخدمات المصرفية للشركات في السعودية لدى دويتشه العربية السعودية للأوراق المالية: "من الناحية التاريخية، كانت البنوك المحلية والدولية تتنافس على الصفقات، وكان الفائز عادة هو صاحب أقل عرض".

وأضاف: "نشهد تغيرا بطيئا في هذا الاتجاه مع سعي المزيد من العملاء إلى حلول مبتكرة لتلبية احتياجاتهم من الأموال بهدف تمويل استراتيجياتهم الخاصة بالنمو".

وكانت الشركات السعودية تستطيع، في الماضي، الاقتراض بتكلفة منخفضة جدا من البنوك المحلية، التي تحوز ودائع ضخمة من مبيعات النفط. وأدى هبوط أسعار النفط إلى شح السيولة المحلية، وهو ما دفع الشركات للجوء إلى الأسواق العالمية.

وقال جبر إن دويتشه بنك يعتبر السعودية سوقا رئيسية للنمو ذات إمكانات ضخمة لبنوك الاستثمار العالمية.

ويوجد كثير من الأنشطة الكبيرة الأخرى أمام البنوك في السعودية، حيث بدأت هذا الأسبوع المنافسة على ترتيب إصدار سندات سيادية طال انتظارها، ومن المتوقع أن يقترب من المستوى القياسي، الذي سجلته الأرجنتين بإصدار سندات قيمتها 16.5 مليار دولار في أكبر إصدار من نوعه في الأسواق الناشئة.

وقال مصدر مصرفي رابع، طلب أيضا عدم ذكر اسمه: "عليك أن تشارك... وتستعرض كل قواك لأنها فرصة كبيرة... فتلك الصفقات لا تتكرر".

المساهمون