إيرادات النفط السعودي خلال يوم واحد... ماذا يمكن أن تفعل بالاقتصادات العربية؟

لميس عاصي

avata
لميس عاصي
20 ديسمبر 2018
81C1AA06-7648-4981-9176-25476537EC3A
+ الخط -
تصدر السعودية أكثر من 7 ملايين برميل نفط يومياً، بمتوسط سعر يصل إلى 60 دولاراً للبرميل، ما يعني أننا أمام أكثر من 500 مليون دولار يومياً فقط كإيرادات نفطية

نعم. نصف مليار دولار من المفترض أنها تدخل الخزينة العامة يومياً. مبلغ كاف لإحداث نقلة نوعية في اقتصادات  الكثير من الدول العربية، تشغيل الملايين، وحتى سد عجز  الموازنات.

بالأرقام، ارتفعت إيرادات السعودية من صادراتها النفطية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2018، بنسبة 27.1 % بما يعادل نحو 70.7 مليار ريال، لتبلغ خلال هذه الفترة 331.4 مليار ريال، نحو 88.2 مليار دولار مقابل نحو 260.6 مليار ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي 2017.

ووفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء، فقد جاء ارتفاع الإيرادات النفطية بفضل ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، على الرغم من شبه استقرار كمية الصادرات النفطية التي بلغت 7.168 ملايين برميل يوميا مقابل 7.166 ملايين برميل يوميا في الفترة نفسها من العام الماضي.

الأرقام تتكلم

تشير الأرقام الصادرة عن منظمة أوبك، وحتى الأرقام الرسمية السعودية إلى أن المملكة جنت خلال الأشهر الخمسة الأولى 88.2 مليار دولار، بمعدل شهري يقارب 17.6 مليارات دولار، ما يصل يومياً إلى 588 مليون دولار، أي أنها تجني في الساعة الواحدة 24.4 مليون دولار.

وسنكتفي حتى الآن بالأرقام الصادرة للأشهر الأولى من العام الحالي، إذ لم تصدر أرقام رسمية عن إيرادات الربع الثالث من العام، والذي  من المتوقع أن تكون السعودية قد حققت به إيرادات طائلة بعدما وصل سعر النفط إلى أكثر من 80 دولاراً.  فماذا يمكن أن يحدث هذا الرقم من فارق في اقتصادات دول تعاني من التهميش والفقر والبطالة، إليكم الأرقام:

القضاء على البطالة

في العالم العربي تعد مشكلة البطالة من أكثر المشاكل التي تؤثر على البنية الاقتصادية والاجتماعية. ولكن الإيرادات النفطية السعودية قادرة على تغيير المعادلة في دول كثيرة.

 في الأردن، وبحسب وزير العمل سمير مراد، يصل عدد الأردنيين العاطلين من العمل إلى ما يناهز 300 ألف. وبحسب القوانين المرعية في البلاد، فإن الحد الأدنى للأجور يبدأ من 309 دولارات، ما يعني أن انخراط 300 ألف أردني عاطل من العمل، وبرواتب تبدأ من الحد الأدنى يكلف نحو 92.7 مليون دولار شهرياً. ما يعني أن الإيرادات النفطية ليوم واحد تكفي لسد أجور 6 أشهر لانخراط العاطلين من العمل في الأردن.

في قطاع غزة، تجاوز عدد العاطلين من العمل 243 ألف مواطن بحسب ما ذكر جهاز الإحصاء المركزي في القطاع، فيما يصل الحد الأدنى المقرر 1495 شيكلا، ما يوازي 404 دولارات، ما يعني أن إيرادات يوم واحد من العائدات النفطية السعودية تساعد في انخراط 243 ألف عاطل في سوق العمل لمدة 6 أشهر. إذ يتقاضى هؤلاء شهرياً نحو 98 مليون دولار شهرياً.

في لبنان، وبحسب آخر دراسات البنك الدولي للعام 2017، فإن نحو 30% من اللبنانيين في صفوف العاطلين من العمل، أي نحو مليون و350 ألف لبناني عاطل من العمل. وبحسب القوانين المرعية يتقاضى اللبناني حدا أدنى 450 دولاراً، يضاف إليها 140 دولارا بدل مواصلات، ما يعني أن الحد الأدنى للأجور يبدأ من 590 دولارا. وبالتالي يكلف 1.350 مليون عاطل من العمل للانخراط في السوق نحو 796 مليون دولار، أي أن إيرادات النفط السعودي ليوم ونصف اليوم كفيلة بانخراطهم بسوق والعمل وتأمين رواتبهم لشهر واحد.

في مصر، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن عدد العاطلين من العمل بلغ 3.094 ملايين في الربع الأول من العام الحالي، ولو انخرط هؤلاء في سوق العمل، وبمعدل الحد الأدنى للأجور والذي لا يتعدى 70 أو 90 دولاراً، فإنهم يحتاجون إلى 278 مليون دولار، أي أن إيرادات نصف يوم من العائدات النفطية السعودية قادرة على تسديد رواتبهم الشهرية.

سد عجز الموازنات

تعاني موازنات الكثير من الدول العربية من عجز بسبب ارتفاع الإنفاق ونقص الإيرادات، حتى في البلاد النفطية، كالعراق والجزائر، فإن العجز بلغ نسباً مرتفعة. فكم يوما من إيرادات النفطية السعودية قادرة على سد العجز؟

في العراق بلغ عجز الموازنة في العام 2018 وفق بيانات الحكومة 11 مليار دولار، ما يعني أن 19 يوماً من إيرادات النفط السعودية قادرة على سد عجز الموازنة.

كذلك، يبلغ العجز في الموازنة السودانية لعام 2018 بحسب البيانات الرسمية نحو  1.6 مليار دولار، ما يعني أن ثلاثة أيام من الإيرادات النفطية السعودية فقط قادرة على سد العجز.  أما العجز في الجزائر والذي يقدر بنحو 20 مليارا، فيحتاج إلى نحو 34 يومياً من الإيرادات النفطية السعودية لسده.

في لبنان وبحسب أرقام الموازنة، يصل العجز إلى 4.85 مليارات دولار، بالتالي حتى نتمكن من سده، نحتاج إلى 8 أيام من إيرادات النفط السعودية.

في تونس، وبحسب بيانات المالية، فإن العجز المتوقع لعام 2018 يبلغ 9.4 مليارات دينار، ما يعادل 3.2 مليارات دولار، وعليه لسد العجز، يحتاج إلى 5 أيام تقريباً.

احتياجات قطاع غزة

في قطاع غزة المأساة مزدوجة. العدو الإسرائيلي يحاصر القطاع، والدول المانحة توقف المساعدات، وبالتالي يعيش أهل القطاع أزمة إنسانية بالدرجة الأولى. القطاعات شبه متوقفة، وأعداد العاطلين من العمل في ارتفاع، ناهيك عن نقص في الموارد الطبية وغيرها. ولكن الإيرادات النفطية السعودية قادرة على سد احتياجات القطاع. كيف؟ إليكم الأرقام.

القطاع الزراعي والصناعي

يحتاج القطاع الزراعي والصناعي في  غزة إلى نحو 510 ملايين دولار ليتمكن من الازدهار، أي أن إيرادات يوم واحد من النفط السعودي قادرة على النهوض بالقطاعين الزراعي والصناعي في القطاع.

إعادة الأعمار

أعلنت السلطة الفلسطينية أن تكلفة إعادة تأهيل البنية التحتية بما تحتاج إلى 250 مليون دولار، ما يوازي نصف الإيرادات النفطية السعودية تقريباً.

ويحتاج بناء الأحياء السكنية إلى نحو 2.5 مليار دولار، ما يوازي نحو 4 أيام من الإيرادات النفطية السعودية.

أما بالنسبة إلى قطاع التعليم، فإنه يحتاج وبحسب السلطة الفلسطينية إلى 143 مليون دولار، ما يوازي 6 ساعات فقط مما تجنيه السعودية من إيرادات نفطية.

الأرباح النفطية

في السنوات السابقة، ورغم انخفاض أسعار النفط عالمياً، إلا أن الإيرادات النفطية السعودية كانت جيدة، فقد حققت إيرادات مالية تناهز 100 مليار دولار. وارتفعت إيرادات السعودية من صادراتها النفطية خلال العام الماضي، بنسبة 25.1 % بما يعادل نحو 128 مليار ريال، لتبلغ قيمة الصادرات النفطية 638.4 مليار ريال في عام 2017، نحو 170.2 مليار دولار مقابل نحو 510.5 مليارات ريال في عام 2016، أي نحو 136 مليار دولار.

ففي العام 2017، بلغت إيرادات السعودية النفطية 170.2 مليار دولار، ما يعادل شهرياً نحو 14 مليار دولار، أي ما يوازي  472 مليون دولار يومياً، أي نحو  19.6 مليون دولار في الساعة الواحدة.

وكذلك في العام 2016، فقد بلغت الإيرادات 136 مليار دولار، ما يوازي شهرياً 11.3 مليار دولار، أي نحو 377 مليون دولار يومياً، ما يعني نحو 15.7 مليون دولار في الساعة الواحدة.

هذه الأرقام كفيلة برسم صورة عما يمكن أن تبدله إيرادات النفط لدولة واحدة في اقتصاد وحياة الناس في مناطق عديدة من عالمنا العربي.

ذات صلة

الصورة
الجزائرية سارهودا ستيتي أكبر الحجاج سنا، 10 يونيو (إكس)

مجتمع

وصلت إلى السعودية، الثلاثاء، الجزائرية صرهودة ستيتي، التي تعد أكبر الحجاج سنّاً في هذا العام، بعمر 130 عاماً. وحظيت باستقبال حافل لدى وصولها على كرسي متحرك.
الصورة
آلاف الحجاج يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الحرام حول الكعبة، 7 يونيو 2024(عصام الريماوي/ الأناضول)

مجتمع

 يتدفّق الحجّاج المسلمون على مكة المكرمة قبل بدء موسم الحج في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مع عودة المناسك السنوية إلى حجمها الضخم.
الصورة
بلينكن يلتقي بن سلمان في الرياض

سياسة

قال أنتوني بلينكن، إنه لا يعلم موقف إسرائيل من خطة التطبيع مع السعودية التي تتضمن خريطة طريق لإنشاء دولة فلسطينية، بالإضافة إلى الهدوء في قطاع غزة.
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
المساهمون