وذكرت مؤسسة "أي اتش اس" ماركت العالمية للأبحاث، في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، أن مؤشر مديري المشتريات الخاص انهار الشهر الماضي إلى 29.7 نقطة، مقابل 44.2 نقطة في مارس/ آذار. ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.
وتعد قراءة الشهر الماضي للمؤشر في مصر هي أدنى قراءة مسجلة منذ بدء الدراسة في إبريل 2011. وأرجع التقرير الهبوط الكبير إلى انخفاض النشاط والأعمال الجديدة والصادرات بمعدلات قياسية وسط التدابير الرامية إلى كبح تفشي فيروس كورونا.
وتعمق أضرار كورونا من متاعب الاقتصاد الذي يعاني القطاع الخاص فيه من انكماش بالأساس منذ 9 أشهر متتالية، وفق بيانات مؤسسة "أي اتش اس" ماركت، ما يزيد مخاطر دخول البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، لتمثل نحو ثلث السكان، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي، في حين تقدّرها جهات مستقلة بأكثر من 50 في المائة.
وتتزامن هذه المؤشرات مع عودة احتياطي النقد الأجنبي إلى الهبوط، وفق بيانات صادرة عن البنك المركزي الشهر الماضي، لتصل إلى 40.1 مليار دولار في نهاية مارس مقابل 45.5 مليار دولار في نهاية فبراير/ شباط، بهبوط بلغت قيمته 5.4 مليارات دولار.
وتوقفت السياحة تماماً، ويتوقع تراجع عائدات قناة السويس وصادرات الغاز وكذلك تحويلات المصريين العاملين في الخارج، ما ينذر بفقدان الدولة مليارات الدولارات خلال الأشهر المقبلة.
في هذه الأثناء، كشفت بيانات صادرة عن البنك الدولي، مطلع الأسبوع الجاري، ارتفاع الديون الخارجية إلى 112.67 مليار دولار بنهاية 2019، مقابل 96.6 مليار دولار بنهاية 2018، بزيادة بلغت نسبتها 16.6%.
ورفعت مصر، اليوم الثلاثاء، توقعاتها للعجز الكلي في الميزانية في السنة المالية الحالية 2019-2020 التي تنقضي بنهاية يونيو/ حزيران المقبل إلى ما يتراوح بين 7.8% و7.9% من توقعات سابقة عند 7.2%.
وقال وزير المالية، محمد معيط، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب (البرلمان)، لمناقشة مشروع الموازنة الجديدة إنه كان من المتوقع أن يحقق مشروع ميزانية السنة المالية المقبلة فائضاً أولياً بنسبة 2%، إلا أنه بعد وقوع أزمة فيروس كورونا من المتوقع انخفاض هذا الفائض إلى 0.6% فقط.
وأضاف أن التوقعات أيضا كانت تشير إلى أن مشروع الموازنة سيحقق عجزاً كلياً مستهدفا بنسبة 6.2%، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع نسبة العجز الكلي إلى نحو 7.8% في حال استمرت الأزمة حتى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020. وبلغ عجز الميزانية في السنة المالية الماضية 8.2%.
وفي الإمارات، سيطر الانكماش كذلك على القطاع الخص، إذ انخفض مؤشر مديري المشتريات، وفق تقرير "أي اتش اس" ماركت، الذي أوردته وكالة الأناضول، إلى 44.1 نقطة في إبريل/ نيسان من 45.2 نقطة بالشهر السابق له.
وسجل مؤشر الإمارات التراجع السادس على التوالي، وأظهرت البيانات تدهوراً حاداً في أداء الأعمال التجارية، حيث قالت المؤسسة العالمية إن توقعات النشاط المستقبلي وصلت إلى أسوأ مستوياتها منذ أغسطس/ آب 2017.
وشهد الشهر الماضي انخفاضاً حاداً في أعمال التصدير بالإمارات، وهو أمر لم يسبق له مثيل في تاريخ الدراسة منذ أغسطس/ آب 2009.
ولم تخرج السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم من دائرة الانكماش، رغم ارتفاع مؤشرها قليلاً الشهر الماضي إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس/ آذار.
ولفت التقرير إلى انخفاض قياسي في نشاط أعمال القطاع الخاص في المملكة، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى إغلاق الأعمال وتقلص الطلب من العملاء. ويستند مؤشر مديري المشتريات إلى خمس ركائز رئيسة، هي الطلبيات الجديدة ومستويات المخزون والإنتاج وحجم تسليم المُوردين، وبيئة التوظيف والعمل.
ويوم السبت الماضي، أعلن وزير المالية، محمد الجدعان، اعتزام السعودية اتخاذ "إجراءات مؤلمة" لمواجهة التداعيات الاقتصادية، منها تقليص الإنفاق في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.
وقال الجدعان في مقتطفات من مقابلة بثتها فضائية "العربية" إن أثر جائحة كورونا على المالية العامة السعودية سيبدأ في الظهور اعتباراً من الربع الثاني (من إبريل/ نيسان حتى نهاية يونيو/حزيران)، مضيفاً أن المالية السعودية لا تزال بحاجة إلى ضبط أكبر لمواجهة التحديات.
وهوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، يوم الجمعة الماضي، النظرة المستقبلية للسعودية إلى "سلبية" من "مستقرة"، بسبب المخاطر التي يمكن أن تواجهها المملكة من جراء تذبذب أسعار النفط الناتج من أزمة كورونا، ومن عدم اليقين الناتج من تعامل المملكة للتخفيف من آثار هذه العوامل، من خلال موازنة الديون والإيرادات النفطية.
وتتزايد المخاوف من اتساع تداعيات انهيار النفط في دول الخليج بشكل عام، حيث تعمل الأسعار الرخيصة على جرّ الموارد المالية للبلدان إلى الاستنزاف.
وكشف تقرير لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني العالمي، في إبريل/ نيسان الماضي، أن السعودية بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل، لتحقيق نقطة تعادل في موازنتها، بينما أغلق خام برنت العالمي تداولات الجمعة الماضي عند نحو 26 دولاراً للبرميل.
وفي مارس الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز أساساً على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج، التي توقع أن تندثر أيضاً ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024.