أوروبا تبحث عن مخرج من مأزق قرار ترامب

10 مايو 2018
إيرباص تخسر صفقة بيع طائرات لإيران (Getty)
+ الخط -

ربما لا يكون انقطاع الإمدادات النفطية الإيرانية الهاجس الذي يقلق دول الاتحاد الأوروبي وحلفاء أميركا الذين يعارضون انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي، ولكن ما يقلقهم حقيقة، هو مصالهم التجارية الواسعة التي بنتها شركاتهم خلال الأعوام الثلاثة لعودة العلاقات مع طهران. فهنالك عقود تفوق 60 مليار دولار في مجالات النفط والغاز والطيران والبنى التحتية ستتأثر بالحظر الأميركي المتوقع خلال 90 أو 180 يوماً من الآن. 

وبالتالي، وحسب تقرير في صحيفة فاينانشيال تايمز، يبحث المسؤولون الأوروبيون في بروكسل عن خيارات لحماية هذه المصالح التجارية مع إيران. من بين هذه الخيارات، البحث عن بدائل عن الدولار في تسوية الصفقات التجارية مع الشركات الإيرانية، في حال عدم انصياعهم للحظر التجاري والاقتصادي والنفطي الأميركي المقبل على إيران. كما تدرس بروكسل، كذلك الطلب من أميركا إعفاء الشركات الأوروبية من قرار الحظر. 

لكن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، حذر في بيان، يوم الثلاثاء، من أن الإعفاء والاستثناءات التي ستمنحها بلاده للدول والشركات لن تكون على حساب فرض حظر متشدد على إيران هذه المرة. 
ويحذر خبراء في لندن، من أن الشركات العالمية متعددة الجنسيات، لن تترك لها الإدارة الأميركية، ثغرات في الحظر المقبل على التعامل التجاري مع إيران.

ومن المقدر أن يتشكل الحظر الأميركي من حظر على الشركات والأفراد الأميركيين في المتاجرة مع إيران، وحظر مالي و"حظر ثانوي"، يمنع الدول والشركات العالمية من المتاجرة مع إيران.

وتأمل واشنطن أن يقود كل من الحظر النفطي والمالي و"الحظر الثانوي" إلى تضييق الخناق الاقتصادي على إيران وخضوعها للشروط الأميركية لاحقاً حينما يتم التفاوض معها مجدداً، حسب تصريحات وزير الخزانة الأميركية، مينوتشين.

ويتناول "الحظر الثانوي"، حظر الشركات العالمية والدول التي تتاجر بالنفط الإيراني أو شراءه من السوق الأميركي. ولكن بالنسبة لدول أوروبا، فإنها لا تستورد سوى 250 ألف برميل يومياً من النفط الإيراني، وهذا المعدل يمكن تعويضه بسهولة من الدول النفطية الأخرى.

لكن شركات الوساطة النفطية وبورصات النفط في لندن وروتردام ، وسويسرا، ستخسر هذه الصفقات لصالح الشركات الصينية.

كما أن شركات التأمين الأوروبية وعلى رأسها "لويدز أوف لندن"، لن يكون بإمكانها التأمين على الحاويات التي تحمل شحنات النفط الإيراني. وهذا العامل، وحسب خبراء، سيشكل عقبة أمام تجارة النفط الإيراني. في المقابل من المقرر أن تكسب الشركات الصينية.


ولكن ما يؤلم الشركات الأوروبية حقاً هو الحظر المالي على إيران، وهو حظر سيشمل البنك المركزي الإيراني والبنوك التجارية الإيرانية بجميع فروعها، وكذلك حظر إيران من التسوية بالدولار واستخدام نظام" سويفت".

وهذا سيؤدي تلقائياً إلى عزل إيران عن النظام المالي العالمي، ويحد تلقائيا من قدرة إيران على تنفيذ صفقات مالية أو تجارية مع معظم دول العالم، كما سيحد كذلك من قدرتها على بيع النفط في بعض الأسواق العالمية.

وذلك ببساطة، لأن الحظر الأميركي سيمنع طهران من استخدام نظام "سويفت" للتحويلات المالية، وكذلك استخدام الدولار في أية تسوية تجارية.

وبالتالي يرى خبراء في تعليقات نشرتها صحيفة فاينانشيال تايمز، أن هذا الحظر سيفيد الشركات الصينية على حساب تجارة أوروبا، لأن الصين ليس من المتوقع أن تتقيد بالحظر الأميركي.

وعلى الرغم من أن الحظر الأميركي من طرف واحد وهو أميركا، ولا تزال الدول الخمس الأخرى لم تنسحب من الاتفاق النووي، إلا أن استخدام أميركا لآلية "الحظر الثانوي"، سيردع الشركات العالمية من التعامل التجاري مع إيران. لأنه ببساطة يعاقب الشركات العالمية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني أو الشركات والأشخاص المحظورين، بحرمانهم من السوق الأميركية.
وفي أول استجابة للشركات العالمية للحظر الثانوي الأميركي المتوقع، قالت شركة "إنبكس كورب"، أكبر شركة لاستكشافات الطاقة في اليابان أمس الخميس، إنها قد تتخلى عن محاولتها الثانية للمشاركة في تطوير حقل جنوب أزادجان النفطي، بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيعيد فرض عقوبات على طهران.

ويبين تعليق الشركة، الذي نشرته رويترز، حالة الارتباك التي وقع فيها المستثمرون المحتملون في الاقتصاد الإيراني بسبب انسحاب ترامب من الاتفاق. وتخلت إنبكس عن الصفقة، لأن العقوبات الأميركية المتوقع فرضها على إيران ستجعل من الصعب الحصول على تمويل للمشروع.

وحسب المصرفيين فإن حظر أميركا للبنك المركزي الإيراني، سيعني أن البنوك التجارية العالمية لن تستطيع التسوية المالية لصفقات شراء النفط الإيراني مع البنوك الإيرانية.

ونسبت صحيفة فاينانشيال تايمز، للخبيرة في معهد بروكينغز الأميركي للدراسات، سوزان مالوني قولها، إن المخاطر على الشركات الغربية الضخمة ستكون كبيرة هذه المرة، خاصة الشركات الأوروبية التي أصبحت أكثر اندماجاً مع الاقتصاد الأميركي.

وقال مسؤول سابق في الخزانة الأميركية إنه "في أعقاب الغرامات التي تعرضت لها المصارف الأوروبية، فمن الصعب المخاطرة بخرق الحظر هذه المرة والمقامرة بخسارة السوق الأميركي".
المساهمون