أعلنت الحكومة العراقية عن تكبدها خسائر فادحة في العديد من القطاعات بسبب الاحتجاجات الشعبية الساخطة، وسط تشكيك مراقبين وخبراء اقتصاد لتلك الأرقام، إذ أكدوا أن الهدف من المبالغة في الخسائر هو تخويف الشارع من المظاهرات والتغطية على العنف المفرط ضد المحتجين.
وبلغت حصيلة ضحايا الاحتجاجات منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أكثر من 280 قتيلا ونحو 13 مصابا.
وكان المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء عبد الكريم خلف، قد أوضح في مؤتمر صحافي أول من أمس، أن خسارة العراق من إغلاق ميناء أم قصر 6 مليارات دولار. وجاء التصريح رغم أن إغلاق الميناء لم يتجاوز الثلاثة أيام.
وقال مسؤول بقطاع النفط العراقي، لوكالة فرانس برس، أمس الخميس: أدى قطع طرقات النقل من قبل متظاهرين إلى منع وصول نحو 90 ألف برميل من النفط الخام المخصص للتصدير لا تزال عالقة في أحد حقول شمال العراق.
ومن جانبه، قال الخبير بالشأن الاقتصادي العراقي محمد التميمي لـ"العربي الجديد" إن "الأرقام التي توردها الحكومة حول الخسائر غير منطقية، وتتسبب بفقدان مصداقيتها".
وأوضح أن القطاع الخاص في حال أردنا احتساب الخسائر فعليا فهو متأثر أكثر من الحكومة والقطاع العام، بسبب قطع السلطات للإنترنت وحظر التجوال، وفرض الإجراءات المختلفة التي أثرت على المصارف وسوق بيع العملة وبورصة الأسهم وشركات التحويل المالي والسياحة، وحتى أصحاب المحال التجارية قرب ميادين وساحات التظاهر".
وأضاف التميمي: "بات واضحا أن الحكومة تبالغ وتتلاعب بالأرقام بشكل ساذج في محاولة لتقليص الاحتجاجات الشعبية، وهذا أمر يدينها في النهاية، فلو كانت خسائر ثلاثة أيام بموانئ البصرة 6 مليارات دولار، فإن عائدات يوم واحد قادرة على المساهمة في توفير الكهرباء والماء للبصرة وضواحيها، وتشغيل معظم العاطلين المتظاهرين الآن بالشارع".
وأمس الخميس، أعاد المتظاهرون فتح الطرق المؤدية إلى ميناء أم قصر التجاري، فضلا عن طرق مصفاة الناصرية النفطي وطرق منفذ الشيب الحدودي مع إيران، وكذلك حقل نفط مجنون وميسان في البصرة والعمارة جنوبي البلاد.
وقال مسؤول نفطي عراقي لـ"العربي الجديد"، إن قطاع النفط لم يتأثر بالتظاهرات، والإنتاج ما زال على مستواه، وكذلك خطوط التصدير عبر البصرة"، مبينا أن منصات التصدير العائمة قرب ميناء أبو فلوس وميناء البصرة العميق عاملة بكامل طاقتها". وحول تصريحات المتحدث باسم رئيس الحكومة عن الخسائر قال "لا علم لنا بمصدر الأرقام التي يوردها".
وفي السياق، قال عضو غرفة تجارة بغداد، محمد الجميلي، إن حركة الأسواق طبيعية في بغداد وخاصة مراكز بيع الجملة، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قطع السلطات للإنترنت قد يكون مصدر الخسائر الوحيد للقطاعين الخاص والعام.
وأدى إغلاق البنك المركزي أبوابه اليومين الماضيين، إلى إلغاء مزاد الدولار، حيث يبيع البنك يوميا ما بين 160 و180 مليون دولار للشركات المالية والبنوك ضمن برنامج الحفاظ على سعر بيع الدينار.
وحسب مسؤول في البنك، فإن الإغلاق جاء بسبب اقتراب التظاهرات ومناوشات الأمن، والخوف من استغلال التظاهرات من قبل مخربين وعصابات منظمة تهدد أمن البنك وسلامة زبائنه وموظفيه"، وفقا لقوله.
وحول ما إذا كان سعر صرف الدينار سيتأثر بهذا الإغلاق، قال الخبير المالي العراقي، باسم جميل أنطوان، لـ"العربي الجديد"، إنه "على المدى القريب قد لا تظهر تأثيرات سلبية لتوقف بيع العملة، فما زال هناك كميات كبيرة من العملة الصعبة بالأسواق والتحويلات الكبيرة مستمرة في البلاد". وأكد أنه "في حال استمرارها لفترة طويلة ربما نواجه مشاكل من هذا النوع، لأن السوق العراقية تعتمد بنسبة 90% على الاستيراد وبحاجة للعملة الصعبة".
وقالت عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان، ندى شاكر جودت، لـ"العربي الجديد"، إن قطع الإنترنت في العراق كبد البلاد خسائر بملايين الدولارات يوميا".