العالم على موعد مع أزمة نفطية جديدة

18 يونيو 2014
مخاوف من تراجع الصادرات النفطيّة العراقيّة (أرشيف/فرانس برس/getty)
+ الخط -

النفط العراقي مهدد بكل ما للكلمة من معنى. مصافٍ نفطية تُغلق. شركات عالمية تقلص عدد عمالها. الكل متخوف من تراجع الإمدادات النفطية العراقية للأسواق...

يبدو أنّ العالم يشهد أزمة نفطية جديدة أو علي الأقل على موعد معها، ويبدو أنّ أسعار النفط سترتفع إلى مستويات قياسية، إلا إذا كان سيناريو رفع انتاج "أوبك" مطروح على بساط البحث. رغم أنّ هذا السيناريو لن يشبع الأسواق ولن يخطي النقص الذي يمكن أن تحدثه أزمة وقف الإمدادات النفطية العراقية، إن حصلت.

وفي استعراضٍ للأحداث التي حصلت خلال اليومين الماضيين، يتبيّن أنّ المخاوف النفطية من جراء الأحداث الأمنية الصاخبة التي تلف العراق، تتغلب على أيّ تصريحات متفائلة. خصوصاً أنّ تموضع الثروة النفطية بيد فصائل مسلحة، بغض النظر عن انتمائها، سيكون له تداعيات جمة على صادرات دولة تعتبر من بين أكبر الدول النفطية في العالم.

 

التعويل على العراق

إذ يعتبر العراق ثاني أكبر منتج للنفط في "أوبك"، في حين أنّ الإنتاج العالمي للنفط يعاني من مشكلات متواصلة، إنّ كان بسبب الإغلاق المتواصل للموانىء النفطية في ليبيا، وصولاً إلى العقوبات المفروضة على إيران وسرقة النفط في نيجيريا وصولاً إلى الأزمة العراقية المتوقع توسعها خلال الفترة المقبلة.

وقالت وكالة الطاقة الدولية، أمس الثلاثاء، إنّ العراق يعتبر مصدراً مركزياً للنمو المتوقع في الانتاج النفطي "إلا أنّ هذا الاتجاه معرض للمخاطر حالياً".

وأشارت الوكالة، في تقرير نشرته أمس على موقعها، إلى أنّ "المخاوف الأمنية هي مشكلة متنامية لدى العديد من المنتجين ومخاطر الاستثمار قد ردعت بعض شركات النفط الدولية عن استكمال مشاريعها". ولفتت إلى أن "ما يصل إلى ثلاثة أخماس النمو المتوقع في "أوبك" بحلول عام 2019 من المتوقع أن يأتي من العراق".

وفي حين تتركز معظم أعمال العنف في شمال العراق، بعيداً عن المناطق الرئيسة المنتجة للنفط في الجنوب، إلا أنّ الاضطراب الأمني زعزع الثقة بثبات الصادرات النفطية العراقية، كما أدى إلى تقليص الآمال حول زيادة الإنتاج النفطي لتلبية الطلب العالمي.

 

القلق هو الأقوى


ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها إلى أنّ إمتداد الأزمة إلى جنوب العراق، واحتمال توقف الإمدادات إلى السوق العالمية "سيؤدي إلى تجريد السوق العالمية من نحو  2.5 مليون برميل يومياً.

ولفت أحد المحللين للصحيفة إلى أنّ "الارتفاع الحاد في الأسعار في اليومين الماضيين يدل على أنّ إمدادات النفط هذه لم يعد ينظر إليها على أنّها آمنة".

وقد ارتفع إنتاج العراق من النفط بنحو الخمس منذ 2011 حتى 3.3 مليون برميل يومياً، مما يجعلها ثاني أكبر منتج في "أوبك" بعد المملكة العربية السعودية.

هذه المخاوف، عززتها عملية إغلاق مصفاة بيجي، أكبر مصافي النفط العراقية، يوم أمس الثلاثاء، على يد مسلحين، وما عقب ذلك من طرد للعمال الأجانب وابقاء المحليين.

كما أشارت وكالة "رويترز" في تقرير لها أمس، أنّ بعض شركات النفط سحب عمالاً أجانب من العراق خشية أن يهاجم المسلحون حقول النفط الرئيسة التي تتركز في الجنوب، برغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية لتشديد الأمن.

وذلك على الرغم من أنّ مسؤولين عراقيين قالوا إنّ المناطق الجنوبية التي يخرج منها نحو 90 في المئة من إنتاج البلاد من النفط آمنة تماماً من المسلحين. في حين أشارت الحكومة العراقية إلى أن نحو 100 ألف شرطي يقومون بحماية منشآت النفط.

لكن هذا الواقع، لا يلغي احتمال توسع الأزمة الأمنية لتشمل المناطق العراقية " المحيّدة " حتى الآن، ما يدفع الشركات العالمية للبحث عن تكتيكات للخروج من الأراضي العراقية في حال اشتدت الاضطرابات، وما يدفع الأسواق العالمية والجهات الناظمة للتدفق النفطي للتفكير بحلول بديلة في حال توقف الإمداد النفطي العراقي. 

 

ارتفاع أسعار النفط

 

وبموازاة ذلك، قفزت أسعار العقود الآجلة للنفط الأميركي أوائل التعامل في آسيا اليوم الأربعاء، بعدما ألقى التوتر في العراق بظلال من الشك على أهداف هذا البلد العضو في منظمة "أوبك" بشأن صادرات النفط.

وفي التعاملات الإلكترونية لبورصة نايمكس ارتفع سعر العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف لتسليم يوليو/ تموز 0.20 دولار إلى 106.56 دولار للبرميل بعد إغلاقها عند التسوية يوم الثلاثاء منخفضة 54 سنتاً إلى 106.36 دولار.

وانخفض سعر عقود مزيج النفط الخام برنت لتسليم أغسطس/ آب 20 سنتاً الى 113.25 دولار للبرميل. وكان العقد ارتفع عند التسوية يوم الثلاثاء 51 سنتاً إلى 113.45 دولار للبرميل.

وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أمس، أنّ مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام هبطت أكثر مما كان متوقعاً الأسبوع الماضي وإنّ مخزونات نواتج التقطير سجلت زيادة.

في المقابل، ارتفعت الأسهم الأميركية يوم أمس الثلاثاء، وأغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 قرب مستواه القياسي بعد مكاسب على مدى ثلاثة أيام بعدما تجاهل المستثمرون الاضطرابات في العراق وركزوا على بيانات تشير إلى ارتفاع التضخم وهو ما ساعد في ارتفاع أسهم البنوك.

 

 

المساهمون