الطبقة الوسطى في مصر تواجه أوقاتاً صعبة تحت وطأة التقشف

22 مارس 2018
أسعار اللحم والدجاج باهظة (غيتي)
+ الخط -


لا يعرف المدرس عبد الرحمن علي ما إذا كان سيستطيع شراء حفاضات لمولودته الثانية التي تنتظرها زوجته، فهو لم يعد بمقدوره شراء اللحم لمائدة الغداء، واضطر إلى اقتراض المال من حماته وسط ظروف اقتصادية صعبة في مصر.

يتأهب علي وغيره من أبناء الطبقة المتوسطة في مصر، وهي العمود الفقري الاجتماعي لحكومات متعاقبة، لمزيد من المصاعب بعد انتخابات الأسبوع المقبل المتوقع على نطاق واسع أن تمنح الرئيس عبد الفتاح السيسي أربع سنوات أخرى في الحكم.

ويقول علي، الذي يدرس اللغة العربية في مدرسة خاصة، إنه "أثناء حمل زوجتي الأول كنت أشتري حاجات البيت كاملة من كل اللوازم. لكن هذا الحمل تركتها على ربنا (...) الموضوع صعب جداً جداً".

منافس السيسي الوحيد في الانتخابات يتزعم حزبا أبدى دعمه للرئيس، بينما انسحب مرشحون محتملون آخرون شكوا من تهديدات. وتعهدت مفوضية الانتخابات بتصويت حر ونزيه.

يحض السيسي المصريين مراراً على الصبر والتضحية من أجل بلدهم إلى أن يتعافى الاقتصاد. لكن محللين سياسيين يقولون إن عليه أن يتوخى الحذر في التعامل مع الطبقة الوسطى التي تآكلت مدخراتها بفعل صعود فلكي للأسعار على مدار السنوات الأربع الماضية هي فترة رئاسته الأولى.

في مواجهة الحاجة إلى إصلاح المالية العامة لمصر، وافق السيسي على إصلاحات اقتصادية في إطار حزمة قرض قيمته 12 مليار دولار مع "صندوق النقد الدولي".

وحررت مصر سعر صرف الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، لتفقد العملة نصف قيمتها ويرتفع التضخم إلى مستويات قياسية فوق 30% الصيف الماضي مع صعود أسعار الطاقة. وبالمقارنة، كانت زيادات الأجور بين 15 و20% على مدى العام المنقضي، وفقاً لخبراء اقتصاديين.

وما زال يتعين على أشخاص مثل علي، كان بمقدورهم في السابق شراء سيارة وقضاء عطلات في الخارج، تقليص الإنفاق ومحاولة التغلب على أزمة مالية تلو الأخرى بينما يزدادون فقراً.

فدخل أسرته الإجمالي البالغ أربعة آلاف جنيه (228 دولاراً) في الشهر سيعني 33 جنيهاً (أقل من دولارين) في اليوم للفرد عندما يولد طفله الثاني.

ويقول علي إن أسعار اللحم البقري باهظة ونوع الدجاج الذي يمكنه شراؤه غير صالح للأكل. وأضاف أن "موضوع اللحم صعب جداً... هناك فراخ نزلت السوق، وكان فيها مشكلة، بعدما تسلق الفرخة تجدها زرقاء تماماً. اشتريناها مرة وخفنا نشتريها مرة ثانية".

ومنذ وقعت مصر اتفاق "صندوق النقد" وبدأت تنفيذ الإصلاحات، تضاعفت الاحتياطات الأجنبية وعاد الاستثمار الأجنبي ببطء وبدأ النمو الاقتصادي يتعافى.

وأشاد الخبراء الاقتصاديون بصندوق النقد والبنك الدولي بإصلاحات الحكومة وحمايتها للفئات الأشد فقراً من التداعيات، لكن هذا لم يساعد المصريين ذوي الدخل المتوسط.

فإصلاح شيء بسيط في المنزل قد يكلف أسرة علي أكثر من نصف دخلها الشهري. ويقول علي "لو حصلت مشكلة في السباكة (...) أضطر أستلف فلوس فعلاً لتصليحها".


أما شراء متطلبات البيت، فمشكلة أخرى. يقول "كنت زمان لما أنزل السوق بخمسين جنيهاً أجيب كل حاجة (...) حاجات ممكن تقعد معنا أسبوعين أو ثلاثة. حالياً أنزل بمئة وخمسين جنيهاً أصرفهم وأحس أني لم أشتر حاجة".

ولا توجد أي بادرة على أن الطبقة الوسطى ستخرج للتظاهر، لكن بعض المحللين يقولون إن حكومة السيسي تدرك أن الأوضاع الحالية قد تدفع الناس إلى الشارع من جديد.

وتعهد السيسي بأن خفض الدعم الحكومي سيساعد في إنعاش الاقتصاد والنهوض بالنمو في الأجل الطويل واجتذاب الاستثمار الأجنبي. لكن هذا له ثمنه.

يقول عمرو عدلي، الباحث في برنامج مسارات الشرق الأوسط: "إن حزمة التقشف شأنها شأن أي حزمة مشابهة، فمن المتوقع أن تسوء الأمور قبل أن تتحسن. سيظل صندوق النقد مشرفاً على سياسات مصر الاقتصادية للسنوات الأربع أو الخمس المقبلة".

وتقول زوجته سارة، التي تعمل في حضانة للأطفال: "طبعا استغنينا عن الكثير من الحاجات. الحاجات والسلع، يعني في أنواع شامبو، المفروض كنا بنجيب حاجات معينة، وحالياً بنجيب أي حاجة. كريمات أو زيوت (للشعر)، كان في حاجات نجيبها (...) نوع معين وحاليا لا".

لا يولي علي اهتماماً يذكر بانتخابات ليست فيها فعلياً منافسة جدية. ما يشغل باله حقاً هو القلق من أن ارتفاع الأسعار قد يعني أن طفله الثاني لن يلقى الرعاية التي حظي بها طفله الأول.

إذ كان ثمن عبوة الحفاضات لابنتهما 57 جنيهاً مصرياً عندما ولدت قبل عامين. الآن، والولادة الثانية تقترب، أصبح السعر 135 جنيهاً (7.68 دولارات).

(رويترز)

المساهمون